خطت المرأة خطوات قيمة في ميدان العمل.. وأمامها الكثير من الفرص لكي تتقدم وتسهم بخطوات واثقة في التنمية.
لكن توليها مسؤوليات عليا ومستقلة ما زال يحتاج لمزيد من التهيئة ليس لأن الكفاءات التي يمكن أن تشغل مثل هذه المناصب غير قادرة.. بل على العكس تماماً..
لكن البنية الكاملة لعمل المرأة لم تستقم تماماً.. ثم إن قيمة العمل كقيمة لم تتبلور تماماً في ذهنية كثير من الداخلات لسوق العمل..
ولم تستطع إلى الآن أماكن العمل وأجهزته إعطاء المرأة الأمن الكامل فيما يتعلق بأطفالها.. مع ملاحظة أن المرجعية الثقافية الاجتماعية والإعلامية تعطي الأولوية للأسرة ثم للعمل..
وطالما أن العمل في العقد الاجتماعي والثقافي هي الأسرة وتربية الأطفال فإن المرأة العاملة تجيء لعملها وهي مملوءة بعقدة الذنب تجاه بيتها وأطفالها خاصة وهي لا تجد مناخاً يسهم في منحها التسهيلات اللازمة لحماية أطفالها..
وكلما ارتفع الوعي الثقافي.. ارتفع مؤشر نمو الضمير تجاه الأطفال والإحساس بالمسؤولية.. إزاء تركهم صغاراً مع الخادمات!
ومع النقص البائن في دور الحضانة في أماكن العمل.. وبعد المسافات بينها وبين مقار أعمال الموظفات إن وجدت.. فإن هذا يربك عطاء المرأة ويجعلها تكثر من ترديد «احمدوا ربكم إني جيت» فقد تركت طفلي وحرارته 40.. وهكذا..
والمرأة كعضو جديد في دائرة العمل.. تحفظ الأنظمة والقوانين عن ظهر قلب وترى أن الجدار الذي تستند إليه في نجاحها وتفوقها هش وضعيف اجتماعياً. ولا يمكن أن يظل في مجتمع غير مقتنع تماما بتمكين المرأة من المناصب العليا حتى فيما يخصها.. ترى أن الوجاء من السقوط هو الالتزام التام والحرفي بالأنظمة والقوانين واللوائح..
وهذا أعطى مردوداً سلبياً تجاه المرأة المسؤولة من العاملات معها.. إذ إن المرأة ذاتها كانت تنعم إلى وقت قريب بمرونة الرجل المسؤول وإحساسه الدائم أن هذه المرأة أم وزوجة وأخت وهو بشهامة يبادر إلى المرونة التي تحفظ للعمل حقه وتفسح للمرأة مساحة من الخروج والغياب أو حتى جلب الأطفال إلى دائرة العمل إذا تطلب الأمر ذلك..
والمرأة هنا.. ضحية في كل الأحوال..
هي ضحية عدم اكتمال قيمة العمل كقيمة مستقلة يكون الناتج فيها هو المقياس.. ونعلم أن قدرة المسؤول على تفعيل دائرة العمل ومنح الموظف مناخاً لا هو يميل إلى التساهل الذي يدفع إلى التهاون وضياع حق الوطن في الناتج النهائي.ولا هو أيضاً يميل إلى البيروقراطية القاتلة التي ترضى بحضور الموظف وتوقيعه حتى لو أنه مجرد جسم بلا روح وبلا عطاء.. هي المحك الحقيقي في نجاحه.
ومتى تثبت الإحصاءات والدلائل أن المرأة تفضل أن تتعامل مع المرأة في العمل وحتى تنمو قيمة العمل كقيمة دون النظر بدونية إلى حمل النساء وإنجابهن وانشغالهن بالأطفال وتقدير أن ذلك مسؤولية الأم أولاً وأن العمل مسؤول مسؤولية كاملة عن منح المرأة القدرة على أداء مسؤولياتها تجاه أسرتها أولاً ثم عملها.. والنظرة بهذا الأمر كجزء من نجاح دائرة العمل..وحتى تختفي من مدارسنا المديرات اللاتي يقلن إنهن سيذبن «موانع الحمل» في برادات المياه.. تندراً.. عن ضيقهن من كثرة إجازات الأمهات المعلمات أو غيابهن لرعاية أطفالهن.. أو اختفاء المسؤولات اللاتي يسعين إلى قبول طلبات غير المتزوجات للالتحاق في دوائرهن.. هرباً من الحلقة المفرغة التي تذهب ضحيتها المرأة حيناً وتجيد استغلالها والعزف على وترها للتلاعب والاستغلال والتملص من مسؤوليات العمل.. أحياناً أخر..
نحن بحاجة أولاً وأخيراً إلى تحديد قيم العمل في ذهنية المرأة والسعي لتخليصها من عقدة الذنب التي تلاحقها.. ومنح المرأة الأمن الوظيفي على نجاحها وخطواتها النابهة فيه بحيث تتمكن من اتخاذ قرار مستقل يساند دائرة عملها وقد لا ينفذ اللوائح 100% فلكل القوانين في العالم روح قادرة على التعاطي مع ظروف الناس وأعمالهم وحياتهم!!
|