الموت سنّة فرضها الله على جميع المخاليق فيدخل بلا استئذان ولا يعرف غنياً أو فقيراً أو عابداً وجاهلاً بل هو لا يفرق بين الصغير والكبير.. ولو عدنا بشريط الذاكرة إلى الوراء قليلاً وحسبنا كم من عزيز مات وكم من صديق ومشهور ماتوا لازدحمت الذاكرة بهم، إذا علمنا أننا نسينا ولم نحصرهم جميعاً..
وفي الساحة الفنية مات أكثر من «مبدع» وأقول مبدع لأنهم ملأوا الدنيا إبداعاً وتفوقوا على أنفسهم بمكافحتهم وعطائهم.. ماتوا بعد أن قدموا كل ما بيدهم أثناء حياتهم..
فمثلاً طلال مداح.. عمر كدرس.. محمد العلي.. بكر الشدي وآخرون ماتوا ما كرمنا منهم أحداً.. وكرمتهم جهات أخرى غير سعودية خليجية وعربية، ونحن هنا ما إن يموت فنان حتى نطالب بتكريمه.. معددين أبرز أعماله وأجملها وحين كان بين «ظهرانينا» كان سيف النقد منا ينسل إلى خاصرته!!
أعود للتكريم الذي أطالب به للرواد في المهرجانات المحلية فمبدعونا أولى بجوائزنا وشهاداتنا ودروعنا.
مبدعونا سيموتون يوماً وقد رسخوا في أذهان الجماهير سعوديتهم ووطنيتهم.
أكثر من فنان قال لي وقال لغيري في مجالس خاصة إنهم يخافون من التكريم بعد الموت..
كرموهم في احتفالات يستحقونها وبجوائز تقديرية يفخرون بها في مجالسهم وأوسمة تعلق في صدورهم وصدوركم.
دعوة صادقة أسوقها نيابة عن الجميع لوزارة الثقافة والإعلام ولجمعية الثقافة والفنون..
هؤلاء النجوم هم من يستحقون التقدير قبل أن يقبضهم ملك الموت.. لا تجعلونا نبكي على اللبن المسكوب.
إنني واثق تمام الثقة من جميع مسؤولي الوزارة والجمعية بتقديرهم الخالص واعترافهم بما قدمه هؤلاء الذين ماتوا والذين لا يزالون يقدمون فناً راقياً جميلاً مليئاً بالإبداع والتفرد ببصمة «سعودية» متميزة!!
كلنا نعلم جيداً أن من أهم معالم تطور الأمم ورقيها هو ثقافة أبنائها..
الدول ليست نفطاً أو صناعة.. الدول ربما في مفهومي هي ثقافة وفن، هي عطاء يتولد كل يوم..
وإن لم تفعلوا فلا تسألوني يوماً لماذا تخلّفنا وتقدّم الآخرون.. أو لماذا اختفى فلان من الفنانين فجأة ولم نعد نسمع به..
|