عاشت في أحضان الفقر والبؤس وبين أنياب الآفة والجوع بين أبوين فقيرين عاجزين كتب عليهما الشقاء والتشريد مدى الحياة.
وخط القدر بيده اللا رؤوفة أن تحيا تلك الفتاة في هذه الأجواء القاسية، فأنى للنعومة وللين أن يتحملا تلك المصاعب والمتاعب، ولكن الفتاة أيقنت أن لا هرب من الواقع وأن لامطير ولا مفر مما قسمه الله.
فقابلت الحياة بسلاح تعرف هي مداه ونفوذه وجبروته وقوته، وآلت على نفسها القيام بمهمتها الجبارة التي رأت فيها السعادة للجميع.
إنها قررت أن تتخذ من العلم طريقاً تشق به حياتها وترفع به مستوى أبويها العاجزين وترفع به من قيمتها وتكون به شخصيتها التي كاد الدهريمحوها إلى الأبد.
وبدأت الدراسة وكلها ثقة وإيمان، فما هي إلا سنوات قلائل حصلت أثناءها على الشهادة الابتدائية، ولكن بذلت الجهد العظيم وسهرت الليالي الطوال وهي تأخذ ثلاث مراحل في سنة واحدة فتدرس خلال الصيف أضافة إلى أعمال السنة وكانت تضع أمام عينيها قول الشاعر:
من طلب المعالي
سهر الليالي |
ثم واصلت المرحلة الإعدادية والتحقت بمعهد المعلمات وأكملت فيه سنيها الأخيرة في الكد والتعب ثم أصبحت تجني ثمار المتاعب والإرهاق، فقد تعينت في إحدى المدارس الابتدائية وأصبحت تتقاضى راتباً يكفيها ويكفي تلك الأسرة الصغيرة التي كانت تشكرها وتدعو لها بالسعادة والتوفيق ازاء ما بذلت من جهد لاسعادها وفي تلك الاثناء كان يتوافد عليها الخطّاب من كل حدب وصوب طالبين يدها ومشاركتها أعباء الحياة ولكنها رفضت الزواج كي تؤمن لأبويها ما يكفيهما من متطلبات الحياة وبعد أن اطمأنت لذلك قبلت بالزواج من شخص تقدم لها من ذوي الجاه والمكانة العالية والأسر المحترمة فكانت أسعد إنسانة بهذه الحياة الجديدة وخاصة عندما رزقت ببراعم ملؤوا حياتها سعادة وهناء وعاشت سعيدة بذلك السلاح الجبار فيا أختي الغالية خذي العلم سلاحاً فتنتصري على كل شيء وتتغلبي على جميع المصاعب.
|