س: هل سمع عراك بن مالك العقدي المدني عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها أم أن روايته لم تثبت.؟
عبدالله بن سالم الجهني - جدة
ج: عراك بن مالك العقدي المدني تابعي جليل لعله من الثالثة مخضر فيها من الطبقة الرابعة، وهو في نفسه ثقة ديناً وعقلاً لكني حسب تتبعي لما ورد عن عائشة رضي الله تعالى عنها لم أجد له رواية متصلة عنها (مباشرة) فروايته حسب علمي إنما تكون بحكم المرسل، والمرسل من الأسانيد يكون الحكم عليه ضعيفاً أي يحكم عليه بضعف الحديث ما لم يكن متصلاً من طريق آخر فيكون صحيحاً حسب رواية الرواة ودرجتهم.
وقد وجدت بسطاً جيداً عما تسأل عنه في ص 715/716/717 من كتاب (الإمام مسلم بن الحجاج ومنهجه في الصحيح وأثره في علم الحديث).
جاء هناك: «وقد ذكر الإمام أبوعبدالله احمد بن حنبل رحمه الله: أن حديثه عن عائشة مرسل» وجاء في الهامش (4) ص 715: (قال احمد بن محمد بن هاني: سمعت أبا عبدالله.. يعني.. احمد بن حنبل وذكر حديث خالد بن الصلت عن عراك بن مالك عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (حوَّلي مقعدي إلى القبلة) قال: مرسل، فقلت له: عراك بن مالك، قال سمعت عائشة رضي الله عنها فأنكره، وقال عراك من أين سمع عائشة..؟ ما له ولعائشة! إنما يرون عن عروة، هذا خطأ كذا في «المراسيل» (162 - 163) لابن أبي داود و«جامع التحصيل» (288).
وانظر حول خطأ عراك في حديث (التحويل) (العلل) لابن أبي حاتم رقم (50) (والعلل) (للترمذي) رقم (6) «العلل الكبير» و(تهذيب التهذيب) 3/97 (ترجمة خالد بن الصلت) و(7/173) ترجمة (عراك).
وفي ص 716: (وقال موسى بن هارون الحافظ «لا نعلم له سماعاً من عائشة».
وقال أبو الفضل الحافظ حفيد أبي سعد الزاهد في كلامه على هذا الحديث «هذا عندنا حديث مرسل».
واستدل له بماذكرناه من قول احمد بن حنبل، وموسى ابن هارون.
ولم يخرج له البخاري عن عائشة شيئاً وحديثه عن رجل عنها لايدل على عدم سماعه بالكلية منها، لا سيما وقد جمعهما بلد واحد وعصر واحد، وهذا ومثله محمول على السماع عند مسلم رحمه الله حتى يقوم دليل على خلاف كما نص عليه في(15/ب) مقدمة كتابه فسماع «عراك» من عائشة رضي الله عنها حائز ممكن، وقد ثبت سماعه من أبي هريرة وغيره رضي الله تعالى عنهم من الصحابة والله أعلم.
قلت من هذا الكلام الذي نقلته من الكتاب المذكور وترجيح المؤلف أن عراكاً قل سمع عن عائشة على ما ذهب إليه مسلم رحمه الله لأنهما في بلد واحد وعصر واحد وكونه روى عن بعض الصحابة لا يدل بضرورة الحال على (السماع) ولو قلنا بهذا لانفتح باب كبير في هذا، ثم لماذا لم يصرح الحفاظ سماعه مع تصريح كثير منهم بسماعه من غيرها فالاصل حسب علمي في هذا عدم السماع بعدم لازم المعاصرة كذلك ولو كانا في بلد واحد حتى يثبت بدليل مادي ناهض حقيقة السماع.
وبحث مثل هذا جيد قد يولد تجديداً في الأسانيد وإضافات علمية قوية تحتاجها الأمة في حين مثل هذا الحين.
وكم أرغب إلى العلماء والباحثين والمحققين اعتبار دراسة السند والمتن من أهم ما يجب اعتباره للوصول إلى صحة أو ضعف الآثار، فإنه قد كثر اليوم من يؤلف ويُحقق ويُصحح ويُضعِّفُ هكذا أما أن يجمع من هنا وهناك أو أنه يكلف غيره للبحث عنه ثم يكون باسمه، وهذا كما ترى ليس دليل فلاح إنما العلم والتجديد والنباهة بمباشرة ذات العلم ولو طال الطال، ولعل ما يحصل في هذا الحين من هنات وضعف إنما بسبب العجلة ومجرد النقل سواء كان نقل اللفظ أو كان نقل المعنى لئلا يُفطن إلى ذلك وكم ادعو إلى مراجعة كتاب (كتب تراجم الرجال بين الجرح والتعديل) جـ1 من ص5 حتى ص98، (طـ2).
|