كثيراً ما استوقفني قلمي عندما يسطر كلمات تتجاذبها آراء متفاوتة ومتناقضة ولا تستند إلى دليل قاطع وإنما هي جاءت عند حالات فردية يعلمها كاتب الرأي. كان ذلك يوم ان قرأت رد الاخ ماجد الفهد في عدد الجزيرة «11328» ليوم السبت 8 شعبان 1424هـ وفيه يؤيد الاخت سا رة حول اعطاء الخريجين الفرصة في المدارس الليلية، فالاخ ماجد في موضوعه لم يستخدم التبعيض «بعض» في حكمه على كافة المعلمين حيث حكم عليهم بقوله: والمعلم كثير الهموم والتفكير والسرحان..» والادهى من ذلك حكمه القاطع بكثرة استئذانهم.. وحكم على الطالب بأنه قد يتعقد من المادة بسبب عدم قدرة المعلم على التفرغ وتوصيل المعلومات للطلاب.. لماذا كل ذلك.. «لانه يعمل في التدريس في المدارس الليلية.. إلى جانب عمله النهاري» اتعتقدون أن تلك الاتهامات.. تنصب كحجة.. لانه يعمل في المدارس الليلية! وانه يجب أن يتنحى عن ذلك وأن يفسح المجال للخريجين الجدد.. لنكن اكثر عقلانية.. وندرس الامور.. من جميع جوانبها أم هل الحل يكمن في أن يترك المعلم صاحب الخبرة في التعليم المدارس الليلية لنضمن بذلك قدرته على التفرغ وتوصيل المعلومات!!.. أخي الحبيب.. ان فترة الدوام الليلي لا تقارن بالدوام النهاري.. ولا اظنها تستهلك من قدرات المعلم الشيء الكثير. ثم ان القدرة على إيصال المعلومة بشكل صحيح امور تتدخل فيها الملكة الفكرية والابداع وتميز المعلم في عرض درسه، فيا اخي الحبيب لا ينبغي أن تعمم تلك الاضرار التي رأيتها في معلم تعرفه على كافة المعلمين.
وقبل اسابيع كتبت اخت رمزت لاسمها بسارة العبدالله حول هذا الموضوع ايضا.. وفوجئت كما فوجئ غيري الكثيرون للاسلوب الذي طرح به الموضوع وتلك الاندفاعية والحماس.. الذي عرض السلبيات.. ولم يتطرق للإيجابيات حول القضية.. لا ادري قد يكون تحقيق منال الاخت عبر حروفها اللاهثة لتحقيق الهدف المنشود دونما دراسة او تخطيط عن نجاح ما تطرقوا له.
ولكني هنا في العزيزة.. اقدر كل حرف ينزف حبر فكره. حتى لو عاكس رياحنا.. لان ذلك من ادب الحوار.. الذي لن اتخلى بنوده.. في مسيرة حرفي مع الكلمة.. ولكن ما دفعني للتعقيب هو عدم استناد رأي الاخ والاخت على اسباب منطقية وسليمة تجيز للخريجين الجدد مزاولة تدريس طلاب كطلاب المدارس الليلية.. فما ذكروه ماهي الا آراء دائما نتشدق بها.. عند تحقيق مطالبنا.. وهذه هي الحقيقة التي لا تحجب بغربال.. «فالمعلم يكون مرهقا.. وغير متفرغ.. ومهموما وكثير الاستئذان.. وفيه تعطيل لمصالح الغير»..
وحتى لا تتمرد بي فكرة يائسة ترمي بي في متاهة النسيان.. احب ان ابين لكما بأني احترم وجهة نظركما.. وما جاءت احرفي هنا لتهاجم.. وجهة نظر قد تحتمل الخطأ والصواب ولكن لتعلموا ان التدريس الليلي قد قنن له انظمة وضوابط تحفظ له نجاح سير العملية التعليمية. وفي مقدمة ذلك «أن يكون لدى المتقدم خبرة في التعليم لا تقل عن ثلاث سنوات على الاقل ان لم تكن اكثر من ذلك..؟ ولا يخفى على فصيح ان التعامل مع كبار السن ليس كالتعامل مع الصغار.. ففي تعيينا للخريجين الجدد في المدارس الليلية «تكون كمن يدفع بهم إلى الهيجاء بغير سلاح..» فالتعامل مع الكبار يتطلب حنكة ودراية.. وفي ظني لا يدركها ولا يصل اليها الا معلمو المدارس النهارية ومن لهم خبرة في مجال التعليم.. فالمسألة ايها الاخوة ليست مسألة توظيف فحسب ولكنها ابعد من ذلك بكثير!! وليكن لدينا بعد نظر.. قبل ان نصدر آراءنا من محكمة عقولنا جزافا.. كان حري بنا ان نبلور الفكرة ونجعلها تختمر في عقولنا.. ولنضعها على طاولة النقاش وندرسها من جميع جوانبها قبل ان نزج بها الى ساحة عزيزتي الجزيرة وحتى لا تصادم احرفنا.. او ينكأ جرحها.. كان حري بنا ان نتبصر الواقع المعاش.. فالمعلم لابد من تجربته في ميدان العمل النهاري.. قبل خوض غمار المدارس الليلية.. ولعلنا هنا نثبت لكم بالدليل القاطع.. والذي نفي بأن نقف ازاءه موقف التحدي « هل هنالك من خريج رياضيات او علوم او لغة عربية.. لم يعينوا حتى الآن.. بالطبع لا!»
والاخت سارة ذكرت في معرض كلامها.. بأن بعض الخريجين يحلمون ببناء اسرة.. وهنا لا اخالفها في ذلك ولكن كيف بهم ومن خلال فترة الاجازة سيتقاضون مكافآت عليها وهي مقطوعة، الامر الذي سيسبب لهم ربكة مالية.. ولن تكون المدارس الليلية بالكاد هي الحل الامثل لمثل هؤلاء.. وقد يكون لجهل البعض بأمور المدارس الليلية ومعاناة التدريس ما يحملهم الى القول بما جاء به الاخ والاخت. حيث في مجتمعاتنا تطلق بعض الاحكام بالقول على أن المدارس الليلية هي المتنفس الوحيد للخريجين.. واصبح الكثير يردد ما يقال منها.. هذه الآراء سماعا دونما دراية والمام بما يجري في الداخل.. ودونما ان ينصهروا في قلب الحدث ليروا المدارس الليلية وسير عملها بما يثبت عجز الخريجين الجدد عن إدارتها او التدريس فيها.. اجزم يا اخي ويا اخية انكما لم تكتبا هذه الكلمات من قبيل الحسد.. الذي حكم به من حولي ممن قرأ هذه الردود.. ابان عنه حديثكما عن معلمي المدارس النهارية والاشارة بأصابع الإتهام إليهم.. والحكم بتقصيرهم ارهاقا وتعبا واهمالا وهذا الرأي على حد قول من قرأ رأيكما ممن حولي ولكن الذي اعلمه.. واظنه في احرفكما هو ذاك الحماس والامل الذي يحدوكما نحو تحقيق فرص وظيفية لهؤلاء الخريجين.. وكان الاجدر ان نبحث عن فرص اخرى لتوظيفهم غير الدخول عبر ثغرة المدارس الليلية التي لا تأمن بعد ذلك على خطة سيرها بعد توظيفهم ولعل في مقدمتها نقص الخبرة ولو كان رأيكما هو الحل الأمثل لتوظيف هؤلاء لاعتمدت وزارة التربية والتعليم منذ سنوات.. ولكنها دراسة مستفيضة وفيها لم تغب عنهم دراسة الكفاءة في ذلك.. والاولوية لمن خدم.. وتمرس في العمل..
فنحن يا احبة.. لسنا في حقل تجارب!! غير أن المنطق يفرض علينا ان نكون واقعيين بعض الشيء.. وان ننظر للأمور بعين الحكمة والبصيرة وبمنظار التروي والدراسة الدقيقة.. تتجلى فيها آليات البحث والمناقشة قبل عرض الآراء عنوة هكذا.. وتعريتها على أديم العزيزة للآخرين متجاهلين حقوق الرأي الآخر.. فنقابل حينها بالرفض والاستهجان على نحو ما رأيته ممن قرأ هذه الآراء والتي عدوها قاصرة عن الوفاء بمتطلبات خريج يطمح لما هو اعلى من ان نزج به في المدارس الليلية.
ارجو ان تكون الفكرة واضحة للعيان.. وان لا ينقصها البيان.. وهذا قلمي يقدم خالص عذري لمصادمة هذه الفكرة.. بدلا من طرح الفكرة عنوة وقسرا وقد حسمها طارحوها كما حصل.. كان من الاجدر طرحها كرأي تتجاذبها اقلام العزيزة.. مد وجزر.. ما بين مؤيد ومعارض؟؟
ولكم مني جزيل الشكر والامتنان..
سليمان بن ناصر عبدالله العقيلي
معلم بمتوسطة صقلية /المذنب
|