السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
كلنا قرأنا ما يكتب في الصحف هذه الأيام ومن بينها صحيفة «الجزيرة» من توسع الجامعات السعودية في قبول خريجي الثانوية العامة فيها وتوفير مقاعد دراسية لهم، وكذلك تأكيد معالي وزير التعليم لذلك والتوجيهات العليا من ولاة الأمر حفظهم الله التي ترد إلى وزارة التعليم العالي وبقية الأجهزة المشرفة على مؤسسات التعليم العالي التي تأتي مؤكدة على أهمية ان يتم استيعاب كافة خريجي الثانوية العامة سواء في الجامعات أو في بقية مؤسسات التعليم العالي الأخرى.
وأيضاً طالعنا تأكيد الأمين العام لمجلس التعليم العالي الدكتور محمد بن عبدالعزيز الصالح ان الجامعات تفتح أبوابها لقبول خريجي الثانوية العامة وفتح قنوات جديدة لقبولهم كالقبول في أحد برامج الدورات التأهيلية في الكثير من التخصصات العلمية والأدبية والتربوية وذلك برسوم مالية مناسبة لمدة فصلين دراسيين، ومن ثم في حالة اجتيازه لها يواصل تعليمه الجامعي بنفس التخصص مع احتساب كافة الساعات التي درسها في الدورة التأهيلية، وكذلك أيضاً برامج الانتساب في الجامعات.
وإذ أرى انه كان من المناسب انه خلال هذه الفترة الإعلان عن التوسع في الدراسات العليا من ماجستير ودكتوراه، وذلك لمقابلة حاجات ومتطلبات التوسع في قبول الجامعات لخريجي الثانوية، فليكن هناك توسع في اعداد الكفاءات الوطنية المؤهلة من أعضاء هيئة التدريس ومعيدين، فالنظرة المستقبلية تقول لنا بأننا سوف نكون بحاجة إلى اعداد وتجهيز أعضاء هيئة تدريس وتدريب لخريجي الثانوية في الجامعات فمن سوف يقوم بتدريس هؤلاء الطلاب مع هذا التوسع المضطرد، هل سوف تقوم الوزارة المعنية بالتعاقد مع أعضاء هيئة تدريس من الخارج كما فعلت بعض الوزارات المعنية لسد العجز في بعض التخصصات فلماذا لا نتعلم من أخطاء غيرنا ولا نقوم بتكرار الأخطاء وانتظار مشكلة حتى حدوثها ومن ثم نبدأ بالبحث عن الأسباب وطرق الحلول والبدائل وألا نقف موقف المتفرج وكأن الأمر لا يعنينا حتى حدوث المشكلة، ومن ثم نبدأ بالبحث عن أعضاء هيئة تدريس لتقوم بمهمة تعليم من تم قبولهم في الجامعات، بعد هذا التوسع المحمود في حين انه معلوم لدينا بأنه لم يتم تخريج إلا أعداد قليلة جدا لا تفي وحاجات سوق العمل والتوسع المطرد في أعداد الطلبة.
فحالياً لا يتم قبول إلا 17 طالبا للماجستير تقريبا وسوف يظهر من يقول إنهم 20 أو 25 طالبا ولكن نريد ان ننظر إلى اعداد الخريجين منهم اعتقد، وهذا رأي شخصي مبني على اطلاعي المحدود انهم أربعة أو خمسة طلاب فقط والباقي انسحبوا او تسربوا خلال سنوات الدراسة، ومن يطلع على شروط القبول يجد انها تعجيزية مقارنة بالخارج الذي يتم القبول بدون أي شروط أو قيد، فالمعدل المطلوب هنا هو جيد جدا ومطلوب اجتياز اختبارات القبول منها اختبارات اللغة والتخصص واختبارات عامة وذلك بعد المقابلة الشخصية وكأننا أصُبنا بعقدة الاختبارات فحين تذهب للتسجيل في الجامعة أو الكلية تجد الاختبارات، في انتظارك والمقابلة الشخصية خلفك مهما كان التخصص المطلوب فإذا حالفك الحظ واجتزت الاختبارات والتعقيدات البيروقراطية التي قد تستغرق اكثر من خمسة شهور؟ فسوف تصدم بعراقيل المقابلة الشخصية التي ليست خاضعة لأي معيار من المعايير العلمية المعرفة فلماذا إذاً تشترط معدل «جيد جدا» وتشترط اجتياز الاختبارات، فلماذا لا يكتفى مثلا بالاختبار فهو المقياس العلمي والعادل لمعرفة الطالب وقدرته على مواصلة التعليم، واذكر لكم واقعة من أروقة إحدى الجامعات بالرياض حيث كان عدد المتقدمين للماجستير تقريبا 200 طالب في نفس التخصص وتم اختبارهم في احدى القاعات الدراسية في الجامعة تقريبا 200 متقدم اختبار تحريري استمر اكثر من ثلاث ساعات متواصلة هل تعلمون انه لم يجتز منهم سوى 35 شخصا حالفهم الحظ باجتياز الاختبار، وبعد ذلك كان عليهم تجاوز المقابلة الشخصية والتي لم تستمر سوى دقيقتين بل أقل من ذلك فهل تكفي هذه المدة لقياس مستوى المتقدم ومدى اطلاعه أو فقط يكتفي بالنظرة العامة على الشكل الخارجي ويتم الحكم بناء عليه فلقد تكبدوا من العناء أثناء التقديم وأثناء الحصول على التوصيات الأكاديمية، كذلك أثناء الاختبارات التحريرية ألا يستحقون اكثر من دقيقتين لشرح وجهة نظرهم في المقابلة وكذلك دوافعهم لمواصلة التعليم؟ ولقد كان عدد المقبولين في النهاية 13 شخصا فقط فهل يعقل انه من بين 200 متقدم انطبقت عليهم شروط التقديم من معدل مرتفع وتوصيات وموافقة جهات العمل غير مناسب لمواصلة تعليمهم سوى 13 شخصا فلماذا لا يتم قبول كل من اجتاز الاختبار التحريري ولو بدورة تأهيلية ومن ثم يلتحق ببرنامج الماجستير أسوة ببرنامج التأهيل الخاص بطلاب الثانوية في الجامعة.
فلماذا لا يقابل توسع الجامعات بقبول خريجي الثانوية العامة بالتوسع في التخصصات العليا لموافقة حاجات ومتطلبات المراحل المقبلة من التعليم. ونكون قد فوتنا فرصة كبيرة في الاستفادة من الأجيال القادمة بقوة لتعليم ومواصلة المسيرة العلمية لبناء وطن مشرق، فلنبدأ بتوقع المشاكل وايجاد الحلول وهذا هو مبدأ التخطيط السليم، وهذا ما عهدناه في وضع الخطط المستقبلية للتعليم ودراسة المعوقات والتي سوف تقف حجرة عثرة في طريق التوسع في التعليم العالي ومحاولة ايجاد الحلول والبدائل قبل حدوثها فنكون بذلك قد طبقنا في الواقع ما درسناه في الإدارة من أسس الإدارة السليمة والتنبؤ بالمستقبل، فالتوسع بالتعليم العالي سوف يقابله احتياج الجامعات السعودية لزيادة أعضاء هيئة التدريس وبالتالي سوف تكون الحاجة ملحة لزيادة حملة الشهادات العليا من ماجستير ودكتوراه فلنبدأ من الآن في التوسع والإعداد لذلك. فيجب النظر إلى متطلبات المرحلة القادمة من أعضاء هيئة التدريس والبدء في درء هذه المشكلة قبل حدوثها.
ولماذا لا يكون هناك برامج تأهيلية للماجستير تكون مدتها فصلاً دراسياً واحداً بسعر رمزي بعدها يتم قبوله في الجامعة مع احتساب الساعات التي درسها بنجاح في الماجستير.
وكذلك في تفعيل الانتساب في الماجستير في الجامعات وألا يقتصر على قليل من الجامعات، وهذا الجانب سوف يوفر كثيرا من الوقت والجهد والمال في سبيل التأهيل، فهناك الكثير من الشباب الطموح والمتميز الذي لديه الرغبة والجدية في مواصلة تحصيله العلمي، ولكنه يقف عاجزا عند الأنظمة التي تتكسر عندها مجاديف الآمال والطموح فيهم. فهل سوف ننتظر حتى يصيبنا الملل والاحباط لمواصلة التعليم قبل فوات الأوان أم نحمل حقائبنا مغادرين للخارج حيث الفرص متاحة بدون أي تعقيد أو شرط فهذه الإعلانات التي تملأ الصحف كل يوم تقدم فرص مواصلة التعليم بأقل الأسعار وبعدة طرق كالانتظام أو الانتساب أو عن بعد ولكن يقف أمامنا هو الاعتراف بهذه الشهادات الذي لم يبت فيه حتى الآن، ولم يتطرق له أي مسؤول حريص على أبنائه الشباب وحريص على عدم اضاعة وهدر طاقات الشباب في الحصول على شهادات خارجية يكتشف بعد فترة انها لا تفيد وغير معترف بها؟
أوجه هذه التساؤلات والمقترحات إلى معالي وزير التعليم العالي.
فياض بن أحمد العتري
001246338
الرياض 11675/ص.ب 102294 |