إن عظمة المسلم، تكمن في فقه قلبه، وسعة صدره، وبعد نظره، فإن القلب إذا جمع بين الامرين المتضادين في الانظار، واتسع صدره لذلك، أصبح القلب كبيراً والصدر منشرحاً.
لذا كان أوسع القلوب، قلب محمد صلى الله عليه وسلم لانه جمع بين الرحمة والإيمان بالقضاء عند وفاة ابنه، وضاقت قلوب العارفين عن ذلك، ولا يكون المسلم على طريق مستقيم الا اذا جمع بينهما، إذ ليس مثلاً من شرط توقير الرسول عليه الصلاة والسلام، الحلف به او دعاؤه، ولا من حب علي بغض معاوية.
ان احترام العلماء وتوقيرهم أمر لازم، ولا يلزم منه كمالهم وعصمتهم والمعتدل يجمع بين محبة الجهاد ولزوم جماعة المسلمين وامامهم، والمائل إما هذا أو هذا.
كما انه من الممكن جداً طاعة الامراء مع عدم معصية الله، بل يجتمع بغض النصارى ونكاح نسائهم، ومقاطعة اليهود والعدل فيهم {وّلا يّجًرٌمّنَّكٍمً شّنّآنٍ قّوًمُ عّلّى" أّلاَّ تّعًدٌلٍوا اعًدٌلٍوا} .
وان تعيش بين وعدٍ ووعيد، وخوف ورجاء، وسلامتك من مذهب الخوارج ليس معناه وقوعك في الإرجاء، وكذا العكس، وذمك للتكفير ليس انه لا كفر ولا كافر.والعجيب أيها الإخوة، انهم ظنوا ان من ذكر فضائل علي فهو شيعي، او ذكر فضائل معاوية فهو ناصبي ولا يلزم، ومن ذكر الجهاد خارجي ولايلزم.
واذا أردت أن تكون معتدلاً، فعليك بالنقول جميعاً، وإياك والعين العوراء التي تنظر في نصوص الوعيد وتنسى الوعد او العكس، او اللسان الذي يردد ذكر الجنة وينسى ذكر النار او العكس، الذي يذكر فضائل علي وينسى فضائل عثمان او تلك اليد التي تكتب اخبار السلف في ذم الولايات وتنسى اخبارهم في الحث والصبر عليها، او ذلكم الشخص الذي ينشر اخبار المناوئين للخلفاء وينسى السامعين المطيعين،
ويذكر الفتن واصحابها وينسى من اعتزلها وحمد امره، يسجل اسماء الثائرين وينسى الساكتين، ويذكر خروج ابن جبير ويتناسى لزوم ابن عمر وليس كل من زل فهو مبتدع، ولا كل من تكلم بحق فهو متبع.
والاعتدال حتى في العبادات «اصوم وافطر..» وفي الاقوال: {$ّإذّا قٍلًتٍمً فّاعًدٌلٍوا} وتأمل هذا الاعتدال: {وّلا تّجًعّلً يّدّكّ مّغًلٍولّةْ إلّى" عٍنٍقٌكّ وّلا تّبًسٍطًهّا كٍلَّ البّسًطٌ}{لّمً يٍسًرٌفٍوا وّلّمً يّقًتٍرٍوا وّكّانّ بّيًنّ ذّلٌكّ قّوّامْا} وهذا ايضاً اعتدال فإلى الاعتدال والتوسط يا امة الوسطية.
(*)المجمعة |