تهتم بمظاهر زائلة، وتعتني بأشياء منتهية، ولكنك لا تحرص على الاعمال الصالحة، ولا تبالي عندما تقع بالاعمال السيئة، امورك الدنيوية تؤديها على الوجه المطلوب، ولكنك قليل العمل للآخرة، بل عند مالك تضحي بآخرتك، وعند منصبك يضيع إيمانك، وعند حسبك ونسبك تنسى دينك وإسلامك.
إن اهتمامك في وظيفتك، ومحافظتك على عملك، من الامور التي تحمد عليها، ولكن اين هذا الاهتمام وتلك المحافظة من عملك الذي سوف يكون معك في قبرك وعند نشرك وحشرك عملك اولى باهتمامك واجدر بعنايتك ورعايتك، لانه هو الباقي معك وما عداه مفارقك لا محالة، تدبر قول الله تعالى: {وّلّقّدً جٌئًتٍمٍونّا فٍرّادّى" كّمّا خّلّقًنّاكٍمً أّوَّلّ مّرَّةُ وّتّرّكًتٍم مَّا خّوَّلًنّاكٍمً وّرّاءّ ظٍهٍورٌكٍمً } لا شهادات، لا مناصب، لا مال، لا جاه {كّمّا خّلّقًنّاكٍمً أّوَّلّ مّرَّةُ } .
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم:« يقول ابن آدم: مالي.. مالي! وهل لك من مالك الا ما أكلت فأفنيت، او لبست فأبليت، او تصدقت فأمضيت، وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس»، فإذا مت ووضعت في قبرك، لا يبقى معك الا عملك مهما كان ذلك العمل، سواء كان صالحا او سيئا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:« يتبع الميت ثلاثة: اهله وماله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد، يرجع اهله وماله ويبقى عمله» وفي الحديث: إن العمل الصالح يأتي صاحبه في القبر، بصورة رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول ابشر بالذي يسرك. فيقول الميت: من أنت؟ فوجهك الوجه الحسن يجيء بالخير. فيقول: أنا عملك الصالح. واما العمل السيئ، فيأتي صاحبه في القبر بصورة رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول: ابشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد. فيقول: من انت؟ فوجهك الوجه القبيح يجيء بالشر، فيقول: أنا عملك الخبيث. كنت بطيئا عن طاعة الله، سريعا في معصيته، فجزاك الله شرا.
وعندما تبعث يوم القيامة لا يكون معك الا عملك، فالعمل هو الرفيق الملازم كما في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:« ما منكم من أحد الا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر اشأم منه فلا يرى الا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى الا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة».
فاهتم بعملك، واعمل على إصلاح آخرتك، وكما قال تبارك وتعالى: {وّابًتّغٌ فٌيمّا آتّاكّ اللَّهٍ الدَّارّ الآخٌرّةّ وّلا تّنسّ نّصٌيبّكّ مٌنّ الدٍَنًيّا} .
|