*الرياض - عبدالكريم الدريبي:
شدد فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبدالرحمن العريفي الداعية المعروف وعضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بالرياض على أن من يدمن على سماع الغناء فإنه يستوحش من القرآن الكريم والمساجد ويفر عن كل راكع وساجد ويغفل عن ذكر الرب المعبود ويستأنس بذكر النصارى واليهود ويبتلى بالقلق والوساوس ويحاط بالضيق والهواجس. ويعجب فضيلته من بعض أناس غلبت على عقولهم الشهوات وطغى وزاد في الضلالات فيقول: (لو سألت بعض الناس اليوم عن نبي الهدى صلى الله عليه وسلم عن سنة من سننه أو هدي من هديه أو طريقة منامه لقال لك لا أدري..! نعم فمن أين له أن يدري وهو يعكف على الأغاني أناء الليل وأطراف النهار حتى أصبح يعلم عن المغنية فلانة كيف أكلها ولون ثوبها ومقاس حذائها وعدد حفلاتها وأسماء ملحنيها وله خلفية كاملة عن المغني فلان عن سيارته وألحانه وعدد أشرطته..! وكأن هؤلاء علماء أجلاء أو دعاة نبلاء). وهنا يورد أبيات في الغناء فيقول: فسل ذا خبرة ينبيك عنه لتعلم كم خبايا في الزوايا وحاذر إن شغفت به سهاماً مريشه بأهداب المنايا إذا ما خالطت قلباً كئيبا تمزق بين أطباق الرزايا ويصبح بعد أن كان حراً عفيف النفس عبداً للصبايا ويضيف: ماخلق الله العباد لأجل غناء وفساد وإنما خلقهم ليعبدوه ويحموا الدين وينصروه ومن عاش عيش المؤمنين ورفع راية الدين لن يلتفت لشيء من ذلك لرقص راقص ولن يستفزه عزف عازف بل أدرك سر وجوده في الحياة وعاش من أجله ومات أما الغناء فهو يثير الغرائز والآثام ويدعو إلى الاختلاط وأنواع الحرام فكم من حرة صارت بالغناء من البغايا وكم من حر صار به عبداً للصبيان والصبايا وكم من غيور تبدل به اسماً قبيحاً بين البرايا وكم من غني أصبح به فقيراً بعد المطارف والحشايا وكم من معافى حلت به أنواع البلايا. ويتساءل الشيخ العريفي: هل سمعتم مغنيا غنى يوماً بالتحذير من الزنا وشرب المسكرات بل هل سمعتم من نادى بغض البصر والعفة عن الشهوات أو حث على صلاة الجماعة (كلا) بل يبدأ أغنيته بـ (يا حبيبي) و (يا بعد روحي) ثم يصف الخد والقد والعينين والوجنتين، وهذا ظاهر في كل من تأمل في كلمات الأغاني بل ظاهر لكل من نظر إلى أسماء الأغاني مع ما فيها من فتنة الرجال بأصوات النساء وفتنة النساء بأصوات الرجال وما فيها من تغنج ودلال.. ويتابع ( إنك لتعجب إذا علمت أن قول الله سبحانه وتعالى للمؤمنات {وّلا يّضًرٌبًنّ بٌأّرًجٍلٌهٌنَّ لٌيٍعًلّمّ مّا يٍخًفٌينّ مٌن زٌينّتٌهٌنَّ} [النور: 31] معناه ألا تضرب المرأة الأرض برجلها بقوة وهي لابسة الخلاخل بقدميها حتى لا يسمع الرجال صوت الخلاخل فيفتنون.. فوا عجباً إذا كان صوت سماع الرجل صوت حلي المرأة حراماً فما بالك بمن تغني وتتمايل وترفع صوتها بالضحكات والهمسات كيف بمن تتكسر في صوتها وتتميع بكلامها وتتغنج وتثير الغرائز والشهوات وتدعو إلى الفواحش والمنكرات وهذا كله من إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا وقد توعد الله سبحانه وتعالى من فعل ذلك بقوله {إنَّ الّذٌينّ يٍحٌبٍَونّ أّن تّشٌيعّ الفّاحٌشّةٍ فٌي الذٌينّ آمّنٍوا لّهٍمً عّذّابِ أّلٌيمِ فٌي الدٍَنًيّا وّالآخٌرّةٌ وّاللَّهٍ يّعًلّمٍ وّأّنتٍمً لا تّعًلّمٍونّ } [النور: 19] وهذا الوعيد في الذين يحبون (فقط) مجرد محبة فكيف بمن يعمل على إشاعتها. وقرن الرسول صلى الله عليه وسلم بين الغناء والخمر والزنا فقال فيما رواه البخاري (ليكونن في أمتي أقواماً يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) ومعنى يستحلون أي أنهم يفعلون المحرمات فعل (المستحل) لها بحيث يكثرون منها ولا يتحرجون من فعلها أو أنهم يبحثون عمن يفتيهم بحلها. ولعظم خطر الغناء توعد النبي عليه الصلاة والسلام من يستمع للغناء بالمسخ والقذف فروى الترمذي بسند حسن أنه عليه الصلاة والسلام قال: (يكون في أمتي خسف وقذف ومسخ قيل يا رسول الله متى..؟ فقال إذا ظهر القينات والمعازف واستحلت الخمر). وقال أيضاً (ليكونن من أمتي أقوام يشربون الخمر ويعزف على رؤوسهم بالقيان يمسخهم الله قردة وخنازير).. والقيان جمع قينة وهي المرأة المغنية. وعن أسماء الغناء يؤكد عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين أن للغناء عدة أسماء منها: (اللهو، اللغو، الباطل، الزور، المكاء، التصديه، منبت النفاق في القلب، صوت الأحمق، الفاجر، السمود، صوت العصيان، عدوالقرآن، مزمار الشيطان وقرآنه، الحجاب الكثيف عن الرحمن، رقية الزنا، داعية الخنا، مزمارالفساد، ظلال العباد ومزمور الشيطان) في حين أكد أن بعض السلف قال عنه انه يورث النفاق في قوم ويورث العناد والكذب والخبث والرقة والأخيرة معناها (الميوعة). وفي بعض حفلات الغناء قد يكون الاختلاط فمن يجيز مثل هذا العمل والسفور والرقص وتعرية النحور إضافة لشرب الخمور في بعض الأوقات فلا يحلو الطرب والغناء إلا به مع العري الفاضح للراقصات المحترفات والبغايا السافلات حتى وإن خلت من الخمور فلا تخلو من إنفاق الأموال الطائلة في هذه المعصية للمطربين والمنظمين والعازفين وإيجار الصالات وتكاليف الحفلات، والله يقول {إنَّ المٍبّذٌَرٌينّ كّانٍوا إخًوّانّ الشَّيّاطٌينٌ } [الإسراء: 27] . ويقول الناصح فدع صاحب المزمار والدف والغناء وما اختاره عن طاعة الله مذهبا ودعه يعيش في غيه وظلاله على «تنتنا» يحيا ويبعث اشيبا وفي «تنتنا» يوم المعاد تسوقه إلى الجنة الحمراء يدعى مقربا سيعلم يوم العرض أي بضاعة أضاع وعند الوزن ما خف أوربا ويعلم ما قد كان فيه حياته إذا حصلت أعماله كلها هبا دعاه الهدى والغي من ذا يجيبه فقال لداعي الغي أهلاً ومرحبا واعرض عن داعي الهدى قائلا له هواي إلى صوت المعازف قد صبا يراع ودف بالغناء وراقصٍ وصوت مغني صوته يقنص الضباء إذا ما تغنى بالضباء تجيبه
إلى أن تراها حوله تشبه الدبا فما شئت من صيد بغير طارد ووصل حبيب كان بالهجر عذبا فيا امري بالرشد لو كنت حاضراً لكان توالي اللهو عندك اقربا وعن الكلمات التي تقال في الأغاني فيقول فضيلته: بعض كلمات الأغاني تكون فيها محادة لله ولرسوله أو شرك أكبر أو أصغر وتعدي على الرسل واعتراض على رب العالمين يصرحون بعبادة المحبوب ولأجله يعيشون في الدنيا ولا حول ولا قوة إلا بالله بل ويقولون إنهم ما خلقوا في هذه الدنيا إلا من أجله كما صرح أحدهم بأغنيته: اعشق حبيبي واعبد حبيبي وقال آخر: الحب في الشرع فرض على الجميع ارتياده قلت المحبة عندي لو تعلمين عباده..! وبعضهم ينافي ويضاد ويكذب على رب العباد كقوله: الله أمر لعيونك اسهر وفساق يعترضون على القضاء والقدر وهو شائع في كلمات الأغاني فقال أحدهم: ليه القسوة ليه.. ليه الظلم ليه.. ليه يارب ليه.. ومنهم من يصرح بأنه مستعد للذهاب إلى (جهنم) والعياذ بالله ما دام مع محبوبته وكأن الجنة والنار تحت تصرفه فيقول: يا تعيش وإياي في الجنة يا أعيش وإياك في النار بطلت أصلي وأصوم إلا أنا واياك لجهنم ماني رايح إلا أنا واياك
وآخر يقول: علشانك انتي انكوي بالنار والقح جثتي وادخل جهنم وأقول آه يا لهوتي وثالث قال: خذي الجنة وعطيني النار مادام هذا كل ماتشتهينه ومغنون يستهزئون بالعبادات والصلوات كما قال: صوتك ذكرياتي وعدتي وصلاتي بل حتى منزلة الشهداء أدعو الوصول إليها بالغناء كما قال أحدهم: يا ولدي قد مات شهيداً من مات فداء للمحبوب حتى العقيدة لم تسلم حين قال نفس الشاعر: جلست والخوف بعينيها تتأمل فنجاني المقلوب قالت يا ولدي لا تحزن فالحب عليك هوالمكتوب وفي أغانيهم الاستغاثة بغير الله ونداء الأموات الشيء الكثير.. فيقول عند مفارقة المحبوب: مدد يا نبي مدد أما الحلف بغير الله فهو كثير كقولهم: وحياتك وحياة عينيك أو مقدرش على كده ومقام السيدة فهنا يحلف بقبر السيدة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)، كما يشيع بعض المغنين سب الدهر والساعة والزمان والعمر كقولهم: الله يلعن اليوم ملعونة الساعة وآخر: كتاب حزين كله مآسي جابني في زمن غدار قاسي والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لاتسبوا الدهر) وبعد هذا الكلام الساقط هناك من استخف بالقبر والموت وهذا مطرب مشهور يقول عند وصيته لأهله وخلانه (ضعوا في قبري ربابة وعود)..! بل منهم من يكفر ويستهزئ بالقرآن الكريم ويغني كلام الرحمن ويضرب عليه بمزمار الشيطان فبعضهم يغني السورة كاملة كما غنى بعضهم فجارهم سورة الزلزلة وآخر غنى سورة الكافرون وسورة الفاتحة لم تسلم أيضاً من جرمهم وأحياناً يدخلون بعض الآيات وسط الأغنية ولا حول ولا قوة إلا بالله. وبعد هذه الرحلة في حكم الغناء يختتم فضيلة الشيخ حديثه بقوله: (هناك حديث للمصطفى عليه الصلاة والسلام بأنه لا يكاد يجمع للعبد بين لذائذ الدنيا المحرمة ولذائذ الآخرة الدائمة فمن تلذذ بالدنيا بالحرير والخمر والغناء خشي عليه أن يحرم منها في الآخرة) والله المستعان.
|