* دبي - الجزيرة:
تناولت الجلسة الأخيرة من جلسات اليوم الثاني والأخير لمنتدى الإعلام العربي في دبي موضوع الاختلاف بين وجهات نظر الإعلام العربي ونظيره الغربي حيث تحدث خلال الجلسة كل من السيد مارتن ولوكوت من صحيفة «الجارديان البريطانية» ود. هشام شرابي المحاضر بجامعة جورج تاون بالولايات المتحدة الأمريكية والسيد جميل مروة رئيس تحرير صحيفة «الديلي ستار» اللبنانية والأستاذ سعد البزاز، رئيس تحرير جريدة الزمان العراقية.
واستهل الصحافي البريطاني مارتن ولوكرت الحديث حول اختلاف وجهات النظر بين الإعلام الغربي والعربي وقال: إن الاختلاف لا يمكن إنكاره إلا أنه أكد وجود نقاط مشتركة بين الطرفين على الرغم من التعددية واختلاف الأوضاع التي يعمل فيها كل من الجانبين والموارد التي يستخدمونها على أنه أوضح أن أحد الفوارق الجوهرية هو انعدام الفهم المشترك والواضح لحقائق ووقائع التاريخ.
وقال المتحدث إن كلاً من الإعلامين العربي والغربي ينظران إلى بعضهما البعض بقدر من خيبة الأمل وانعدام الثقة المتبادلة حيث ينظر الإعلام الغربي إلى نظيره العربي على أنه قوة لا بد أن تعمل على توجيه المنطقة إلى ما نسميه بالديمقراطية في حين ينظر الإعلام العربي إلى الإعلام الغربي على أنه إعلام متحيز وغير محايد ويفتقر إلى عنصر النزاهة الصحفية وعلى أنه مسؤول عن تشكيل وعي الغرب تشكيلاً خاطئاً حول ما يحدث في المنطقة العربية.
وقال الصحافي البريطاني مارتن ولوكوت إن الإعلام والمجتمع يتغيران بشكل متواكب ويدركان معاً حقيقة الأوضاع في العالم مشيراً إلى أن محاولة فهم الإعلام لابد وأن تأتي في اطار الزمن الذي يعمل فيه والظروف المحيطة.
وحول الأوضاع في العراق وتوجهات الإدارة
الأمريكية نحو دول المنطقة، استبعد الخبير الإعلامي البريطاني تكرار ما حدث في العراق مع إيران وقال إن الشعب الأمريكي لن يسمح بهذا وقال إن العديد من مؤسسات الإعلام الأمريكية والغربية باتت توجه العديد من الانتقادات إلى تلك الحملة على العراق حيث إن الحرب قامت على أسس واهية حول مسألة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل.
في الوقت نفسه، أكد مارتن ولوكرت أن هناك مساحة يمكن أن يلتقي فيها الطرفان شريطة وجود تعاون على المستويين الرسمي وغير الرسمي بين وسائل الإعلام العربية والغربية من أجل توصيل صورة واضحة وواقعية للأحداث وتطوراتها في المنطقة مع ضرورة استيعاب الحقائق التاريخية استيعاب جيد من الطرفين من أجل بناء جسور الثقة من جديد بين المجتمعين العربي والغربي.
وخلال مداخلته، حاول الدكتور هشام شرابي المحاضر بجامعة جورج تاون الأمريكية الاجابة على أربعة أسئلة رئيسية أولها مؤداه، «هل يرى الغرب العالم العربي من خلال رؤية مشوهة؟ وكانت اجابته بنعم حيث أكد أن تلك الظاهرة أصبحت أقوى من أي وقت مضى خاصة في ظل النظرة الجديدة للعالم التي يروج لها، ويحاول فرضها على العالم الرئيس الأمريكي جورج بوش وإدارته ومؤيديها من المتعصبين وأصحاب المصالح الشخصية مشدداً على أن الغرب والولايات المتحدة بدأت تدلف إلى مرحلة جديدة من التمييز العنصري ضد العرب والمسلمين.
أما السؤال الثاني فكان: «هل فقد العرب الثقة في الإعلام الغربي؟ وكانت اجابته بنعم أيضاً وقال إن التغطية الأمريكية والبريطانية للأوضاع في الأراضي الفلسطينية والعراق دائماً ما تستخدم التعبيرات السلبية ودائماً كان متحيزاً وغير عادل وقال المتحدث إن جزءاً كبيراً من المشكلة تكمن في أن المراسل الغربي يأتي إلى المنطقة وهو يجهل تاريخها وخلفياتها الثقافية والاجتماعية.
وأعزى د. شرابي انعدام الثقة في الإعلام الغربي إلى قناعة العرب بأن الأخبار والمعلومات التي تنقلها وسائل الإعلام الغربية هي معلومات وأخبار مشوهة يتم تسخيرها لخدمة المصالح الأمريكية والغربية مشيراً إلى أن الهيمنة الغربية والأمريكية على الإعلام التلفزيوني خاصة بدأ في الانحسار نتيجة لمولد العديد من القنوات الفضائية العربية.
والسؤال الثالث الذي حاول الدكتور هشام شرابي الاجابة عليه فكان: «ما هي مساحة الاختلاف التي تفصل بين الإعلامي العربي ونظيره الغربي؟ وقال في اجابته على هذا السؤال: «حتى وقت قريب كانت هناك وجهة نظر واحدة حول الأوضاع في المنطقة العربية وهي وجهة النظر الأمريكية إلا أن العقدين الماضيين شهدا تغيراً واضحاً في الأوضاع حيث أصبح هناك محللون وخبراء إعلاميون عرب يطلون على المتلقي العربي عبر قنوات إعلامية مختلفة ولأول مرة تبدأ وجهة النظر العربية في الحد من الهيمنة الإعلامية الأمريكية إلا أنه على الرغم من ذلك إلا أن الهوة الفاصلة بين الإعلامين العربي والغربي لا تزال واسعة وعميقة».
وفي ختام مداخلته، قدم الدكتور هشام شرابي المحاضر بجامعة جورج تاون الأمريكية اجابة للسؤال الرابع الذي دار حول فرص جسر الهوة ورأب الصدع بين الإعلام العربي والغربي وتحقيق حالة من التصالح بينهما وتناول في اجابته الجانب المستنير من المجتمع الأمريكي من أكاديميين ومثقفين وسياسيين وقال إن هناك العديد منهم ممن يحاولون تصحيح المفاهيم الخاطئة السائدة حول المنطقة العربية داخل المجتمع الأمريكي إلا أن تلك الفئة لا تزال أقلية عددية مقارنة بالأغلبية التي تروج للفكر المحايد غير الفاعل وغير المؤثر من قبل مبدأ الحيطة السياسية.
من جانبه، قدم السيد علي البزاز، رئيس تحرير صحيفة «الزمان» العراقية عرضاً حول الواقع الحالي للصحافة القائمة حالياً في العراق والتي قسمها إلى ثلاثة أقسام: إعلام أمريكي، وإعلام حزبي، وإعلام مستقل، حيث أوضح أن الضحية الوحيدة في العراق حالياً هي الإعلام المستقل الذي لا يجد من يحميه ويدافع عنه في ظل الأوضاع المتردية في العراق.
وخلال عرضه قال السيد علي البزاز ان العراق يعاني من الإعلام الأمريكي الذي يسوق الوهم ويروج للوعود البراقة ويأخذ اطار التوجيه العسكري في قالب شمولي كما هو سائد في دول العالم المتخلفة بعيداً عما تروج له من شعارات الديمقراطية.
من ناحية أخرى لخص السيد جميل مروة، رئيس تحرير صحيفة «الديلي ستار» اللبنانية مشكلة الإعلام العربي في نقطة الهوية العربية، ومعاناة الأجيال الجديدة من فقدان تلك الهوية بما تحمله من قيم اجتماعية وتقاليد عربية وقال إن الإعلام العربي يفتقر إلى البرنامج التي تعبر عن الرأي الآخر مشيراً إلى انحسار تلك البرامج إلى برنامج أو اثنين عربيين فقط.
وأضاف إن الأسر العربية باتت تلقي بأطفالها إلى المجتمع دون تسليحها بالأدوات التي تمكنها من التفاعل تفاعل ايجابي مع مفرداته بما لذلك من تأثيرات على بناء الفكر والتوجهات العربية، وفي ناحية السياسة والديمقراطية قال إن العالم العربي لا يمتلك القواعد الأساسية للديمقراطية وأبسطها عنصر الأمن الذي يعني في واقع الأمر الحياة في الوقت الذي باتت فيه الشعوب العربية تنظر إلى إعلامها نظرة سطحية نظراً لكونه لا ينقل واقع الحوار الديمقراطية الحق.
وألمح رئيس تحرير جريدة «الديلي ستار» اللبنانية إلى عدم تمكن وسائل الإعلام العربية من الوصول إلى غرف صنع القرار والتعرف بشكل مبكر إلى ما يدبره الغرب من تحركات وقال إن السبيل الوحيد لنجاة الإعلام العربي هو الالتزام بقواعد العمل الاحترافي الصحفي التزاماً كاملاً.
|