|
|
ثم يستطرد السعيد الزاهري: في ايضاحه وتعليقه على مقالة وزير المعارف في المغرب الأقصى: تحت عنوان: الوهابيون سنّيون حنابلة.. فيقول: نعم الأتراك هم الذين سمّوا حنابلة نجد باسم «الوهابية»، وهم الذين نشروا عنهم التهم، والأكاذيب في العالم الاسلامي، واستأجروا الفقهاء في جميع الأقطار: ليؤلفوا ويكتبوا ويكذبوا على حنابلة نجد، وهم الذين أخذوا وألفوا كتاباً ضد الوهابية، ونسبوه الى الشيخ سليمان بن عبدالوهاب، شقيق الإمام محمد بن عبدالوهاب، وهم الذين أخذوا ابن سعود أميراً الى الأستانة، ولكنهم نكثوا العهد الذي عاهدوه فقتلوه غيلة وغدراً. وأنا أعتقد أن للأجانب يداً في هذه الحرب التي أثارها الأتراك العثمانيون، على ابن سعود، فإنه يسؤوهم أن يستولي على الحجاز ابن سعود، ويسؤوهم أن ينشر فيه الأمن والعدل والرحمة، وأن يحكم فيه بما أنزل الله. وكان الحجاز على عهد الأتراك - فترة ولايتهم عليه - مباءة فوضى، وقطع طرق، فلما جاءه الوهابيون، أمنّوا سبيله، ونشروا فيه الطمأنينة والعدل، وكان الأتراك في حرب مستمرة مع الأمير محمد علي صاحب مصر، ووقعت بينهم وبينه وقائع، مؤلمة ذهبت ضحيتها آلاف من نفوس المسلمين، الأتراك والمصريين، واتسع الخرق بينهما، حتى استعدى محمد علي بعض الدول الغربية على الأتراك، واستعدى الأتراك الانجليز عليه، وقد تنازل الترك للانجليز عن عدن، وعن قبرص، لقاء المعونة التي يبذلها الانجليز للأتراك، على محمد علي، ولكن الانجليز قد أخذوا عدن وقبرص، وأخذوا مصر أيضا.. ومعنى هذا أن العداوة كانت مستحكمة بين محمد علي وبين الأتراك، الى درجة أنه لا يمكن معها اصلاح ذات البين بينهما، ولكن لماذا اتفق الأتراك ومحمد علي، على حرب الوهابيين، وعلى طردهم من الحجاز؟ والجواب عن ذلك، أن الأجانب هم الذين وحدّوا بين الأتراك ومحمد علي، ضد ابن سعود، وهم الذين جعلوا من جنود محمد علي، ومن جنود الأتراك جيشاً واحداً، يحارب حكومة القرآن، ويطردها من الحجاز، لأن سياسة مصر، وسياسة تركيا كانت يومئذ في أيدي الأجانب، يفعلون بها ما يشاؤون. بقي شيء واحد، وهو قول الوزير:«إن مؤسس هذا المذهب، هو شيخ الإسلام ابن تيمية، واشتهر به ابن عبدالوهاب، والواقع ان مؤسس هذا المذهب، ليس هو ابن تيمية، ولا ابن عبدالوهاب، ولا الإمام أحمد ولا غيرهم من الأئمة والعلماء، وإنما مؤسسه هو خاتم النبيين سيدنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، على أنه في الحقيقة ليس مذهباً، بل هو دعوة الى الرجوع الى السنة النبوية الشريفة، والى التمسك بالقرآن الكريم، وليس هنا شيء آخر غير هذا. ثم زاد الكاتب الأمر توضيحاً فقال: زيادة تعليق وتحقيق: قد رُمي الشيخ محمد بن عبدالوهاب، بما رُمي به في حياته: بأنه يكفّر من يتوسل لله، وقد نفى هو عن نفسه ذلك، ونفاه الكاتبون عنه من بعده، ونحن كنّا قررنا منذ سنوات عديدة، في دروسنا لتلاميذنا، وفي غير دروسنا: أن صور هذه المسألة ثلاث: الأولى: أن يقول الدّاعي: يا سيدي فلان. الثانية: أن يقول يا ربِّ ويا سيدي فلان. وهاتان محرمتان ليستا من الإسلام في شيء، الثالثة: أن يقول يا ربّ أتوسل اليك بسيدي فلان. وهذه مسألة علمية، وهي محل الخلاف. وقد رُمي الشيخ ابن عبدالوهاب مما رُمي به في حياته، وها نحن ننقل للقراء من كتاب: صيانة الإنسان عن وسوسة دحلان للعلامة: السّهسواني الهندي، ما يبيّن لهم ذلك وحقيقته، قال في ص138 وقال الشيخ حسين بن غنّام الإحسائي في روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام: العاشرة قولهم في الاستقصاء لا بأس بالتوسل بالصالحين، وقول أحمد: يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، مع قولهم إنه لا يستغاث بمخلوق، فالفرق ظاهر جداً، وليس الكلام مما نحن فيه، فكون بعض يرخص بالتوسل بالصالحين، وبعضهم يخصه بالنبي، صلى الله عليه وسلم. وأكثر العلماء ينهى عن ذلك ويكرهه، هذه المسألة من مسائل الفقه. ولو كان الصواب عندنا قول الجمهور أنه مكروه، فلا ننكر على من فعله، ولا انكار في مسائل الاجتهاد، لكن إنكارنا على من دعا المخلوق، أعظم ممن يدعو الله تعالى، ويقصد القبر يتضرّع عند الشيخ عبدالقادر، أو غيره يطلب منه تفريج الكربات، وإغاثة اللهفات، واعطاء الرغبات، فأين هذا ممن يدعو الله مخلصاً له الدين، لا يدعو مع الله أحداً. ولكن يقول في دعائه، أسألك بنبيك أو بالمرسلين، أو بعبادك الصالحين، أو يقصد قبراً معروفاً، أو غيره يدعو عنده، لكن لا يدعو إلاَّ الله مخلصاً له الدين، فإن هذا مما نحن فيه أ.هـ. وقال الشيخ محمد بن عبدالوهاب: في الرسالة لأهل مكة بعد مناظرتهم: إذا عرف هذا فالذي نعتقده، وندين الله به، أن من دعا نبيّاً، أو ولياً أو غيرهما، وسأل منهم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، أن هذا من أعظم الشرك، الذي كَفّر به المشركين، حيث اتخذوا أولياء وشفعاء، يستجلبون بهم المنافع، ويستدفعون بهم المضارّ بزعمهم. قال الله تعالى: {وّيّعًبٍدٍونّ مٌن دٍونٌ اللَّهٌ مّا لا يّضٍرٍَهٍمً وّلا يّنفّعٍهٍمً وّيّقٍولٍونّ هّؤٍلاءٌ شٍفّعّاؤٍنّا عٌندّ پلَّهٌ} [يونس: 18] ، ممن جعل الأنبياء أو غيرهم، كابن عباس أو المحجوب، أو أبي طالب وسائط يدعوهم، ويتوكل عليهم، ويسألهم جلب المنافع. بمعنى أن الخلق يسألونهم، وهم يسألون الله، كما أن الوسائط عند الملوك، يسألون الملوك، حوائج الناس لقربهم منهم، والناس يسألونهم أدباً منهم، أن يباشروا سؤال الملوك. أو لكونهم أقرب الى الملك، فمن جعلهم وسطاء على هذا الوجه، فهو كافر مشرك، حلال الدم والمال. أ.هـ. وقال الشيخ في الرسالة التي كتبها الى عبدالله بن سحيم: إذا تبيّن هذا، فالمسائل التي شنّع بها: منها ما هو البهتان الظاهر، وهي قوله: إني أقول إن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء، وقوله: إني ادّعي الاجتهاد، وقوله: إني خارج عن التقليد، وقوله: إني أكفّر من يتوسل بالصالحين،.. إلى أن قال: فهذه اثنتا عشرة مسألة، جوابي فيها، أن أقول: {سٍبًحّانّكّ هّذّا بٍهًتّانِ عّظٌيمِ}.. ولكن قبله من رمى محمداً صلى الله عليه وسلم. أنه يسبّ عيسى ابن مريم، ويسبّ الصالحين، {تّشّابّهّتً قٍلٍوبٍهٍمً}، وبهتوه بأنه يزعم أن الملائكة وعيسى وعزيراً في النَّار، فانزل الله في ذلك {إنَّ الّذٌينّ سّبّقّتً لّهٍم مٌَنَّا الحٍسًنّى" أٍوًلّئٌكّ عّنًهّا مٍبًعّدٍونّ} [الأنبياء: 101] أ.هـ. [صحيفة الصراط العدد 3 ص4-6]. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |