في صباح يوم الأربعاء 29 ذي القعدة 1390 كنت مع حشد من الناس نكاد نختنق في قسم السفر بجوازات الرياض وسمعت الناس يقولون: هل يعلم المسؤولون بهذا؟ فعزمت على أن أعلمهم وأكون هدهد سليمان، وآتي بالخبر اليقين ولكن ليس من سبأ بل من الجوازات في شارع الوشم وتوجهت إلى السيد هاشم معتوق مدير عام الجوازات وقلت له بالإشارة ما فهمه بالعبارة وكان مصادفة طيبة لقيت فيها الرجل الطيب الصامت العامل الأخ محمد بن غيث مدير الجوازات وأقول لوجه الحق إنه عامل، ولكن لعل له عذراً وأنت تلوم، وفعلا عذره عدم تواجد الموظفين فنحن في موسم الحج وكنت عازماً على كتابة خبر ولفت نظر صغير قصير، وفي مساء اليوم نفسه قرأت في صحيفة المدينة الغراء بالصفحة الثالثة ما عبر عما في نفسي، فكان المحرر كان معنا وفيما يلي نص خبر صحيفة المدينة: «ملاحظة إلى مدير عام الجوازات الرياض«الذين يراجعون جوازات الرياض هذه الأيام يلمسون الحاجة الماسة إلى مكتب للاستعلامات والمراجعة حسبما نص عليه قرار مجلس الوزراء القاضي بإنشاء مكاتب للاستعلامات والمراجعة للأجهزة الحكومية التي لها صلة بالجمهور، وملاحظة أخرى وهي أن جميع أقسام الإدارة وخاصة شعبة السفر بحاجة إلى دعم بالموظفين الذين لديهم القدرة على التفاهم مع المراجعين وانجاز العمل واتقانه».
انتهى نص خبر المدينة ولقد طربت لهذه العبارة لأنها صورت الواقع دون تزييف فالجوازات في الرياض وكل بلد بحاجة إلى موظفين لديهم القدرة على التفاهم مع الناس وانجاز العمل لأن بعض الموجودين ليس لديهم القدرة على التفاهم مع الناس كما ذكر الخبر، لقد كفتنا صحيفة المدينة مشكورة مؤونة التعليق والتذكير للمسؤولين بالحالة التي لا تسر في مكاتب الجوازات، أما ما ذكره كاتب التعليق حول إنشاء مكتب للاستعلامات والمراجعة في جوازات الرياض فهذا عسير جداً والسبب كما يلي:
1- أن طبيعة عمل الجوازات تقضي المفاهمة المستمرة بين المراجع والموظف من دون واسطة.
2- أن تجربة مكاتب المراجعة غير رائدة وغير ناجعة، لأنها أصبحت منفى للموظفين الكسلانين أو الجدد أو الغشم للتدرب في أوراق الناس.
3- أن موظفي الاستعلامات يختارون من أصحاب الدرجات الدنيا والرتب الصغيرة فليس له سلطان على الموظفين يطلب منهم سرعة انهاء معاملة المراجع مما يضطر أكثر المراجعين في أكثر المصالح إلى تكرار المراجعة للرؤوس والرؤساء حيث لا تجدي مكاتب المراجعة نفعاً.
لهذه الأسباب مجتمعة وغيرها، أرى عدم جدوى مكاتب العلاقات فهي ناجحة في الشركات والمؤسسات لأسباب منها اختيارهم للعاملين فيها من أرفع الموظفين درجة.
هذه ملاحظات سريعة كتبتها تعقيباً وتأييداً لخبر صحيفة المدينة ولسوف أحاول في أعداد قادمة مراجعة بعض طرائق وأنظمة الجوازات ونقدها وتجريحها وسوق الأدلة المضحكة على عدم جدوى بعضها وشكري قبل وبعد للأخ العزيز الصديق ابن غيث الذي يدفن سيئات الغير بحسناته وتسهيلاته، ولكن الرضا عنه لا يمنعنا من قول الحق في العاملين معه، وأعوذ بالله أن أكون شيطاناً أخرس امتدح ولا أنصح وأوضح، فالمداحون يحثى في وجوههم التراب والناصحون يناقشون في نصحهم فإن أصابوا فعسي وإن أخطأوا فاحملوهم على حسن الظن ولا تكونوا من الذين لا يحبون الناصحين.
«المحرر»
|