كرة دفاعية وكرة عقيمة وكرة لا تحمل من متعة الكرة شيئا كلام سمعناه وما زلنا نسمعه من النقاد الأوربيين ومن استوديوهات التحليل في القنوات الفضائية العربية حتى أيقن المتابع والمشاهد العربي أن هذا الأمر حقيقة لا شك فيها ولنترك هذه الأمور جانبا ولنمعن النظر في الكرة الإيطالية وأسلوبها الفريد سنجد أننا أمام مدرسة غاية في الروعة من الجمال مدرسة لا تلعب كرة دفاعية وإنما تلعب كرة واقعية كرة تجسد المتعة والإثارة ودعونا نلقي الضوء قليلا على مسيرة الكرة الإيطالية لكي يتضح لنا الفرق بين الكرة الدفاعية والكرة الواقعية التي تلعب بها إيطاليا وفرقها.
في كأس العالم عام 1982 والذي أقيم في إسبانيا وفي الدور الثاني من البطولة والذي توزع فيه الفرق على أربع مجموعات وكل مجموعة تضم ثلاثة فرق يتأهل الأول منها للدور نصف النهائي التقت إيطاليا منتخب البرازيل الأسطوري في مباراة حاسمة، فالفريقان يملكان نقطتين من فوزهما على منتخب الارجنتين والفوز وحده يضمن لاحدهما التأهل، أقيمت المباراة في الخامس من شهر يوليو من العام 1982 في مدينة برشلونة وعلى استاد ساريا وبحضور 44 ألف متفرج ولأنه من غير المنطقي أن يلعب المنتخب الإيطالي بأسلوب مفتوح أمام منتخب يضم بين صفوفه سقراط وزيكو وتينيهو سيريزو وفالكاو وسيرجينهو وكاريكا لذا اعتمد المنتخب على تأمين مناطقه الخلفية والاعتماد على الهجمات المرتدة السريعة بقيادة باولو روسي، وقد آتت هذه الطريقة أكلها وانتهت المباراة بفوز إيطالي عريض قوامه ثلاثة أهداف مقابل هدفين وكانت الاهداف كلها بواسطة باولو روسي ولتتأهل إيطاليا لدور الاربعة وتهزم بولندا بهدفي باولو روسي مقابل لاشيء لبولندا ولتقابل ألمانيا في المباراة النهائية وتفوز عليها بثلاثية رائعة عن طريق باولو روسي وماركو تارديلي واليساندرو التوبلي مقابل هدف واحد لألمانيا إذاً المنتخب الإيطالي وبطريقة لعبه الواقعية هزم البرازيلي ومنتخبها الأسطوري ثم فاز بكأس العالم بينما المنتخب البرازيلي والذي كان يلعب كرة هجومية بحتة خرج من البطولة خالي الوفاض وبالطبع فالتاريخ لا يعترف سوى بتحقيق البطولات وأما اللعب الجميل فيبقى مجرد ذكرى جميلة.
وأما على صعيد الأندية الإيطالية ففي نهائي البطولة الأوربية عام 1989 وعلى استاد نوكامب في مدينة برشلونة الإسبانية وأمام 97 ألف متفرج التقى فريقا ميلان الايطالي وستيوا بوخارست الروماني ولان الفريق الروماني لم يحسب أي حسابا لخصمه والذي كانت أوروبا بأسرها تقف احتراما وتقديرا له ولانه لم يلعب بالاسلوب الذي يحتمه عليه الواقع والمنطق فماذا كانت النتيجة؟ أربعة أهداف اتخم بها الميلان شباك الفريق الروماني وتناوب عليها تسجيلها الهولنديين رود خولت وماركو فان باستن بواقع هدفين لكل منهما لأنه من غير المنطقي أن تواجه فريقا يضم بين صفوفه ماركو فان باستن ورود خوليت وريكارد ودونادوني وكارلو انشلوتي وفرانكو باريزي وباولو مالديني واليساندرو كوستا كورتا ويدربه داهية يدعى اريجو ساكي ثم لا تكتفي بالانكفاء للخلف والاكتفاء باللعب على الهجمات المرتدة.
وفي العام 1994 وعلى نهائي ذات البطولة التقى فريق برشلونة الاسباني المدجج بنجومه الكبار أمثال البرازيلي خريستو ستيكتشوف والبرازيلي روماريو والهولندي رونالد كويمان والاسباني جوارديولا والحارس العملاق زوبيزارتا فريق الميلان الإيطالي على ملعب لويس في العاصمة اليونانية أثينا وبحضور 70 ألف متفرج.. وفي يوم المباراة طالبت الصحف الاسبانية جماهير الفريق الإيطالي بالنوم باكرا هذه الليلة لان برشلونة سيلقن الميلان دروسا في الكرة ودخل نجوم النادي الكاتلوني وكأنهم سليعبون أمام فريق من فرق الدرجة الثانية، وجاء رد الميلان قاسيا جدا برباعية بواسطة الايطالي دانيال ماسارو هدفين والصربي المونتجمري ديان سافيسفتش والفرنسي مارسل دوسايي وما تزال هذه الرباعية عالقة في أذهان الأسبان حتى هذه اللحظة فهل كان الميلان يلعب بطريقة دفاعية في هذا النهائي أم لا فمن شاهد المباراة سيعلم ان الميلان استغل ثقة لاعبي الخصم المفرطة واندفاعهم للهجوم من دون أي اعتبار للفريق المقابل ولو انهم لعبوا بأسلوب واقعي لربما كانت النتيجة أقل مما كانت عليه.
وفي الموسم الماضي وفي نفس البطولة التقى فريقا ريال مدريد الاسباني ونادي الجوفنتس الإيطالي في دور الأربعة وفاز الريال ذهاباً على ملعبه بهدفين مقابل هدف، وقبل مباراة الرد في مدينة تورينو شنت الصحف الإسبانية حملة واسعة النطاق على الكرة الإيطالية وفرقها وبان كرة القدم الاوربية تحتضر بسبب الطريقة الدفاعية التي تلعب بها الفرق الإيطالية وبأن ريال مدريد قادم إلى إيطاليا ليعلم الطليان أصول لعب كرة القدم، وقد تمادت صحيفة الماركا كبرى الصحف الإسبانية إلى أبعد من ذلك وأعلنت انها ستوزع صحفها بالمجان إذا ما تأهل اليوفي وعلى أرض الملعب كان الرد مجلجلا فالسيدة العجوز كشفت عن مخالبها وانيابها ودكت مرمى الريال بثلاثية كانت قابلة للزيادة والريال الذي جاء ليعلم تعلم درسا جديداً في فنون الكرة ومفاد هذا الدرس ان الكرة ليست كلها هجوم فلو أن الريال اكتفى بالفوز الهش الذي حققه في مدريد وتراجع ولو قليلا للدفاع واعتمد على الهجوم المرتد مستغلا سرعة مهاجميه راؤول ثم رونالدو فيما بعد لربما كنا رأينا الريال في المباراة النهائية.
وفي هذا الموسم أثبت فريق الانتر ان الطليان هم سادة الكرة في أوروبا وأثبت للعالم أجمع بان الكرة الإيطالية تلعب كرة واقعية وذلك عندما لقن نادي الارسال الانجليزي وعلى أرض انجليزية درسا مجانيا في فنون الكرة وبأن الدفاع هو اهم اسباب تحقيق الانتصارات والبطولات.
إليهم
محمد الربعي - الرياض
بالنسبة للتقييم اللاعبي الدوري الإيطالي والذي يوضع كل اسبوع ليس مجرد اجتهاد شخصي وانما يأخذ من مواقع إيطالية متخصصة في الكالتشيو.
عبدالله الراشد - الرياض
موسم الانتقالات الشتوية في أوروبا يكون في بداية يناير وبإذن ستعود زاوية الانتقالات المتوقعة مع قرب بدء موسم الانتقالات.
|