في عدد جريدة الجزيرة رقم «11312» كان هناك تقرير في صفحة دوليات، يتحدث عن الفيتو الأمريكي الاخير الذي استخدمته امريكا في تعطيل مشروع القرار العربي، الذي كان معروضاً على طاولة الأمم المتحدة، والذي يطالب بمنع اسرائيل من نفي وإبعاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد كان التقرير من الدسامة بحيث أشبع نهم الكثير من القراء، ومما حواه التقرير ولفت نظري معلومة تاريخية مهمة، تشير إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية، استخدت حق النقض «الفيتو» سبعاً وسبعين مرة، منذ تأسست الأمم المتحدة، وقد أغفل التقرير عدد المرات التي تضرر فيها العرب والمسلمون، من هذا الفيتو الأمريكي، وإن كنت أعتقد أن تسعين بالمائة على الأقل من تلك المرات، كان العرب والمسلمون فيها هم الضحية لهذا الفيتو الأمريكي، والصهاينة هم المستفيد الأكبر، إن لم يكن الأوحد، فأمريكا عودت العالم ومنذ أمدٍ بعيد، على حماية المصالح الصهيونية، حتى وإن كان ذلك يتعارض مع مصالحها، وكان نتيجة ذلك الوقوف في وجه القضايا والمصالح العربية والإسلامية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، وكأن توفير الأمن لإسرائيل لا يكون إلا على حساب كل ما هو عربي وإسلامي.
وبما أن العالم العربي والإسلامي كان دائماً هو المتضرر الأكبر من الفيتو الأمريكي، فإنني كنت ولا ازال اتمنى من جريدة «الجزيرة» التي تعود منها قراؤها على تزويدهم بما يهمهم ويثري ثقافتهم، أن تسلط الضوء على التاريخ الطويل للفيتو الأمريكي، على أن تحرص جريدتنا الغراء على الإشارة إلى المناسبة التي اتخذ فيها ذلك الفيتو، وما هي المبررات التي ساقتها الإدارة الأمريكية عند استخدامها لحق النقض «الفيتو»، وأي الحزبين: الجمهوري أم الديمقراطي الذي كان يحكم حين استخدم ذلك الفيتو، وأي الحزبين كان أكثر استخداماً للفيتو، وأي الحزبين كان أكثر وقوفاً ومناصرة لليهود، ومن كان الرئيس الامريكي في ذلك الوقت، وماذا كانت ردات فعل العرب والمسلمين، في كل مرة تستخدم فيها الولايات المتحدة الأمريكية لحق النقض «الفيتو»، وإن وجدت ردات فعل، فما هي أقوى ردة فعل صدرت منهم، وممن كانت، وهل كانت العلاقات العربية والإسلامية بأمريكا تتأثر بعد كل مرة تستخدم فيها حق النقض «الفيتو»، وإن كانت تتأثر فهل هذا التأثر يطول أم يزول بسرعة، وهل كان للشعوب العربية مواقف في كل مرة تستخدم أمريكا فيها الفيتو ام لا، وأخيراً هل كان للجالية العربية والإسلامية في امريكا مواقف مؤثرة من ذلك، وإن كان لها مواقف فمتى برزت وظهرت، وحتى تجيبني جريدتي «الجزيرة» على اسئلتي الحائرة، فإنني سأجيب كل من يسألني عن هدفي ومغزاي من كل تلك الأسئلة؟!
بأن هدفي ومغزاي قد يكونان بعيدي المنال، إلا أن هذا لا يمنع من أن اطلق العنان لخيالي الخصب، واحلامي التي ليس لها حدود، في أن العرب والمسلمين بعد أن عرفوا إجابات كل تلك الأسئلة المشتتة، استرجعوا ماضيهم القريب والبعيد وفهموه واستوعبوه، ومن ثم اتحدوا بعد أن رتبوا أوراقهم من جديد، وبذلوا جهدهم في عدم تكرار الاخطاء التي سبق أن وقعوا بها، ثم نظروا حولهم جيداً ليتسنى لهم معرفة من الذي يقف معهم ومن الذي دائماً ضدهم، ثم بعد ذلك كان لهم موقف صارم وموحد، تجاه كل من يضر بالمصالح العربية والإسلامية.
ولأن هذا الامر به شيء من الصعوبة، إن لم يكن الاستحالة، فإنني سأكون اقل جموحاً في خيالي واحلامي، وسأحلم وأتخيل فقط، ان الجالية العربية والإسلامية في امريكا، توحدت وشكلت جبهة ضغط او لوبي إسلامي، يرهبه المترشح للانتخابات الامريكية، ويقيم له وزناً، وبالتالي يكون هذا اللوبي قادراً على انتزاع الحقوق العربية حتى وإن كانت في فم الأسد، ويكون قادراً كذلك على الوقوف في وجه الغطرسة الامريكية، ويكون أيضاًً قادراً على التصدي للوبي الصهيوني وتحجيمه، بل والتفوق عليه، إن لزم الأمر، بعد كل هذه الخيالات والأحلام البسيطة، اسألكم: هل من حقي وحق كل مسلم أن يحلم ويتخيل، أن المسلمين عاد لهم عزهم ومجدهم ورهبتهم، أم أنه لا يحق لنا حتى أن نحلم ونتخيل، حتى لا نجد أنفسنا بين عشية أو ضحاها في غياهب السجون الأمريكية، أو في قاعدة غوانتانامو، أو في عداد الدول المارقة على الإرادة الامريكية، أو في عداد الدول الراعية للإرهاب.
علي بن زيد القرون
حوطة بني تميم
|