الرحيل.. أمر مقض للمضاجع فيه يطبق الصمت الشاحب وفي أثنائه تتعطل لغة الكلام فنجهش بالبكاء حين يطفح كيل الأتراح من أجل الرحيل.
الرحيل.. شيء صعب علينا لأننا بشر نشعر ونحس ونتألم ونرتمي في أحضان الحزن بسبب هذا الرحيل المر والذي لا نستسيغه مطلقاً..
الرحيل.. فيه تنهزم الأضواء فيخيم الصمت على المكان فتسكت كل الهمسات وتبوح بالسر النبضات وتجود العين بالعبرات..
وفي أثناء الرحيل يخونني التعبير فتأتي كلماتي باهتة حاملة معها ذرات من الحزن الدفين فهذا الرحيل ما هو إلا رصاص يمزق القلب أشلاء..
وبما أن الرحيل حزن في صفحة الحياة مسطور وبصماته باقية لا تزول جادت قريحتي بتلك الأبيات المتواضعة والتي تؤكد اننا وان عشنا راحلون إن عاجلاً أو آجلاً فقلت:
يا راحلاً يئس الرجوع فإنني
أخشى الفراق أو الوداع السرمدي
يا راحلاً مهلا فإن حياتنا
إن عاجلاً أو آجلا دون غدِ
يا راحلاً إن الرحيل محقق
فهلا بدين الله دوماً نقتدي
يا راحلاً لا تبك نفسك كلنا
ثوب المنية في النهاية نرتدي
يا ليت شعري هل نحط رحالنا
في جنة الفردوس سعدا نبتدي؟!
إن كان في الدنيا يعز لقاؤنا
دار الخلود مرامنا تربت يدي
وبما ان إيماننا بالرحيل شيء مؤكد إلا أن أحاسيسنا النبيلة ومشاعرنا الحميمة تتكاتف في وجداننا فتصور بريقاً متوهجاً في الذاكرة وحتى وإن رحل أحبابنا أو تخطفهم يد المنون فسيبقون في سويداء قلوبنا فالعظماء والأحباب تبقى مآثرهم وبصماتهم وحتى بعد فراقهم أو حتى رحيلهم.