يا أيتها العسجدية أمسكي بخيوطك المتسللة عبر الثقوب الخفية من نافذتي وهي تلتف متوجسة مواطن الألم داخل النفس المتكومة حول ذاتها، باكية بعزة وأنفة.. فليس هكذا تساس الأمور ولا هكذا تورد الإبل.. ولا هكذا تعامل القلوب.
وليدة يومي.. وأنت في بداية حياتك القصيرة.. سألتك بالله هل جربت ملامسة رأس الخنجر المدبب الحاد لفؤادك يوما؟،، وكيف هو مليء بالألم الذي يسري ملتهباً بنغزاته..؟ إنه والله ليجوس في كل وريد مع الدماء متجبراً فلا سلطان لنا عليه..
وليدة صباحي.. إني لأشعر بالفرق في حرارة جوفي المتلهبة ولا أعلم لمَ ولربما أنني أدري ولكن لا رغبة لدي بتأكيد ذلك.
فالشك قاتل والحقيقة هي السلاح والقاتل معاً. أهه.. هل تبتسمي؟ ما معنى ابتسامتك تلك طفلتي الكبيرة؟ أتهكم يراد بها أم شفقة وعطف؟ هل قلت تعجباً واستغراباً؟ لا تستغربي فكل شيء بات مقبولاً ومعقولاً في يومنا هذا، حيث نكون ذاتاً واحدة وبين غمضة عين وانتباهتها نصبح اثنتين.. نودعك جميلتي برضا ونلاقيك بغضب.. هكذا هي حياتنا مع الآخر.. هذا الآخر الذي كلما دنونا منه زاد بعداً.. وكلما تعمقت معرفتنا به ازددنا به جهلاً.. ضاعت مفاتيح الحقائق، وإلا فكيف بالأخلاء يحل ليلهم ليصبحوا وقد سادتهم أمواج الأحاسيس المضطربة بمواكبها الزاحفة.. دونك هذا الموكب الحفي ينتقل من عضو إلى آخر يجر معه الكثير من الآهات وزفرات الألم وهو يشد النفس من بين الأضلع، وي كأنه يشدها على شجيرات الشوك الأبرية دون مواربة أو اهتمام..
وهكذا دواليك تسير دفة هذه المواكب تترى.. وقائدها لا يعي ما يفعله بالنفس وما تحوي. دافئة العطاء دونك هذا تباعد باك وذاك تقارب جارح!!
سبحان الله لها العذر هذه الأضلع لتصر بلا وعي محتضنة القلب المسكين بكل قسوة فراراً من هذين الضدين.. أتدري لما هذا الفرار، إنه الأمان المفقود علها تجده لدى القلب الذي يلوذ بها.
حبيبتي.. هل مللت من صحبتي؟ أصدقيني الرد فما بقي من الصادقين حولي سواك.. تزورينا سافرة عن جمالك لا تخشين إلا الله وقد تنعم الكون بكرمك.. جولتك المكوكية هذه تجسيد لأروع معاني الهبة الإلهية.. فلا من ولا أذى.. لذا أنت مثلي الأعلى ممن درج من المخلوقات.. في صفاتك الحانية المانحة سريعة الاستجابة.. ويأبى العمر الاقتداء بك فأنت قصيرة العمر متجددة.. والعمر للبشر لا تجديد فيه.
هه جميلتي أما زلت مصرة على الرحيل والله إني لا أحب الآفلين.. ولماذا تتحرق النجلاوان بدمعهما وليس بجديد رحيل الأحبة ولا بغريب غيابهم عن حياتنا.. فوداعاً رفيقتي.. فلعل اللقاء بك يتجدد في ميلادك الآخر ليلجب معه ما يهون به وحشة النفس.
|