من واقع خبرته العملية السابقة كضابط مخابرات ومتخصص في تحليل المعلومات الاستخبارية شخص المأزق الذي يحاصر الولايات المتحدة الأمريكية، وحذر من احتمال ان تواجه حربا طويلة وعنيفة في العراق لا طائل من ورائها في النهاية على غرار مستنقع الاتحاد السوفياتي في أفغانستان.
الرئيس الروسي الذي كان أحد كبار المحللين في أجهزة الاستخبارات الروسية «كي.جي.بي» وكان مسؤولها في ألمانيا ابان الحرب الباردة يعي ما يقول في مثل هذه المواضيع ولذلك فان تنبيه أمريكا من أن العراق يمكن ان يصبح مركزاً جديداً ومنطقة جذب جديدة لكافة العناصر المتطرفة والارهابية، تنبيها يجب ان يأخذه الامريكيون بالاعتبار، خاصة وان بوتين يذكر بحقيقة يحاول الامريكيون تجاهلها وهي تدفق عدد كبير من مختلف العناصر والمنظمات الارهابية الى العراق منذ سقوط نظام صدام حسين، بل وحتى في الأيام الاخيرة قبل بدء الحرب وأثناء الحرب التي شنتها القوات الأمريكية والبريطانية على العراق.
أمام هذه المعضلة والمأزق الذي يحاصر الامريكيين وحلفاءهم في العراق يقترح بوتين عليهم التحرك السريع لاعادة السيادة الى العراق وضمان استصدار قرار جديد للامم المتحدة يحدد بوضوح مدة بقاء القوات الدولية في العراق.
على ضوء التشخيص الذي يكاد يكون متطابقاً في العراق لحالة الامريكيين والذي تحدث عنه الرئيس الروسي وعلى ضوء نصائحه، نرى ان الادارة الامريكية تحاول الحصول على قرار جديد من الامم المتحدة.. وتسعى ايضا الى اسباغ نوع من سيادة للعراقيين المتعاونين مع الاحتلال الا ان واشنطن وفي سعيها الى الاسراع في اشراك الامم المتحدة في تحمل المسؤولية في العراق الا انها وفي نفس الوقت لا تريد ان تترك القرار للعراقيين ولا تريد ايضا ان تقاسمها الامم المتحدة «الحكم» بل تحملها واجبات دون ان تتنازل لها عن جزء من «الحقوق» وهو نفس التصرف الذي تمارسه أمريكا عن طريق الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر الذي كثيرا ما يصدر أوامر وقرارات تعارض توجهات مجلس الحكم الانتقالي بل ويعطل قرارات للمجلس لا تتفق مع النظرة الأمريكية، والآن يواجه بريمر ومجلس الحكم العراقي معضلة كبيرة قد تفجر خلافاً قوياً بينهما، اذ تسعى امريكا الى جلب قوات تركية الى العراق واستكملت واشنطن وأنقرة كل الاجراءات الدستورية لتأمين ارسال عشرة آلاف جندي تركي للعراق وهو ما يرفضه مجلس الحكم العراقي الذي لا يرغب أعضاؤه بمشاركة اي قوات من دول الجوار وخاصة من تركيا لمعارضة الاكراد.
الأمريكيون يريدون استقدام جنود اتراك لضرب المقاومة فيما يسمى بالمثلث السني ولكن الأكراد لا يريدون للأتراك موضع قدم في العراق لأن ذلك لا يخدم طموحاتهم المستقبلية ويتخوف المتابعون للملف العراقي من ان يؤدي وصول قوات تركية الى العراق وارسالها الى شمال غرب بغداد وهي مناطق متاخمة للاكراد الى حدوث احتكاك مع الاكراد يدفع الاخيرين الى احراج الاتراك بالتعاون مع المقاومين العراقيين حتى ولو بصورة سرية، وهذا ما سيزيد في المشاكل للامريكيين الذين كما يقول السناتور الديمقراطي المؤثر ادوارد كندي بأنهم يصرفون اربعة مليارات دولار شهريا على الامن في العراق نصفها يذهب الى الحكومات التي ارسلت قوات لمساعدة القوات الامريكية في العراق.
|