* واشنطن - أ.ش.أ:
بعد ما وصفه المحللون بالسيرك السياسي الأمريكي الذي دام لمدة شهرين أعلن ممثل أفلام الحركة الشهير أرنولد شوارزينيجر الفوز في الانتخابات المبكرة على منصب حاكم ولاية كاليفورنيا التي تعد أكبر ولاية في الولايات المتحدة الأمريكية وتحتل المرتبة الخامسة في الاقتصاد العالمي.
وجاء فوز شوارزينيجر على حساب الحاكم الديمقراطي الحالي جراي ديفيز الذي يعد أول حاكم لولاية أمريكية منذ عام 1921 يقال من منصبه قبل استكمال فترته.. وكان ناخبو كاليفورنيا قد أعادوا انتخاب ديفيز لفترة ثانية في نوفمبر من العام الماضي غير أن فشله في تسيير الاقتصاد مهد الطريق أمام إجراء انتخابات مبكرة والاطاحة به.
وأعلن شوارزينيجر في خطاب الفوز الذي ألقاه أمس الأربعاء أنه تلقى مكالمة هاتفية من الحاكم الحالي ديفيز يعترف فيها بالهزيمة ويقبل بفوز شوارزينيجر ويتعهد بالعمل معه خلال الأسابيع المقبلة التي ستشهد نقل السلطة لشوازينيجر «في منتصف نوفمبر».
وأعلنت سلطات هذه الولاية ان الحاكم الديمقراطي ديفيس خسر منصبه بغالبية 56 في المئة من الاصوات مقابل 44%. ليحل مكانه المرشح الجمهوري ارنولد شوارزنيغر بغالبية 6 ،50% من الناخبين بعد فرز 1 ،25 من البطاقات.
وأوضحت سكرتارية ولاية كاليفورنيا ان المرشح الديمقراطي ومساعد الحاكم كروز بستمانتي حصل من جهته على 3 ،30% من الاصوات حتى هذه المرحلة.
وتعهد شوارزينيجر في كلمته بأن يمثل جميع سكان الولاية ويكون حاكما للجميع بمختلف أصولهم وخلفياتهم العرقية وألوان بشرتهم وعقائدهم الدينية مشيراً إلى ضرورة أن تعود الثقة للمسئولين عن شئون الحكم في كاليفورنيا.
وقبل أن يلقي شوارزينيجر خطاب الفوز تحدث حاكم الولاية المخلوع ديفيز والمنافسان الرئيسيان توم ماكلينتوك الذي ينتمي للحزب الجمهوري ونائب الحاكم الديمقراطي كروز بوستمانتي حيث أعلنوا جميعا قبول الهزيمة في الانتخابات.
وقد خاض الانتخابات على منصب الحاكم 135 مرشحا بينهم صاحب مجلة خليعة معروفة وممثلة أفلام اباحية استندت حملتها على أشياء مخلة.
غير أن المنافسة انحصرت بين ممثل الحركة الشهير أرنولد شوارزينيجر الذي ينتمي للحزب الجمهوري ونائب الحاكم الحالي كروز بوستمانتي والسياسي المحافظ توم ماكلينتوك..
وتعرف كاليفورنيا عادة بأنها ولاية المنتمين للحزب الديمقراطي غير أن سيطرة الجمهوريين على الساحة السياسة الأمريكية سواء في السلطة التنفيذية أو التشريعية ونجومية شوارزينيجر وسجل الحاكم الديمقراطي الحالي السلبي يزيد من فرص الجمهوريين في الفوز.
ولا يقتصر الصراع على كاليفورنيا على السيطرة على منصب حاكم ولاية أمريكية بل إن المراقبين يرونه صراعا حقيقيا بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي على النطاق الوطني.
وتمثل كاليفورنيا خامس أكبر اقتصاد في العالم وهي الولاية الأكبر في الولايات المتحدة كما تحتفظ بأكبر عدد من الأصوات في المجمع الانتخابي لانتخابات الرئاسة الأمريكية الأمر الذي يعني أن السيطرة على الولايات تعطي فرصة أكبر للمرشح في انتخابات الرئاسة.
ويعود إجراء الانتخابات المبكرة في كاليفورنيا إلى حملة شنها الجمهوريون جمعوا خلالها توقيعات مليون ونصف مليون شخص على وثيقة تطالب بالاطاحة بالحاكم الديمقراطي ديفيز من منصبه لفشله في أداء مهام وظيفته خاصة بعد تضخم العجز في الميزانية بمليارات الدولارات.
وقد أنفق عضو مجلس النواب الجمهوري داريل عيسى الذي ينحدر من أصول لبنانية أكثر من مليون دولار على حملة الاطاحة بالحاكم الديمقراطي غير أنه تراجع عن خوض الانتخابات بعد أن رشح شوارزينيجر نفسه وحصل على دعم الجمهوريين.. وحاول الجمهوريون توحيد صفوفهم وراء شوارزينيجر فقط غير أن عضو مجلس شيوخ الولاية توم ماكلينتوك المعروف بتوجهاته المحافظة أصر على خوض السباق الانتخابي حتى خط النهاية.
وكان شوارزينيجر البالغ من العمر 56 الذي ينحدر من أصول نمساوية قد هاجر إلى الولايات المتحدة في سن العشرين وأصبح من نجوم هوليوود.. وزوجة شوارزينيجر هي ماريا شرايفر التي تنتمي لأسرة كينيدي التي يعرف عنها جذورها الديمقراطية لسنين طويلة.
وبدلا من التركيز على برنامجه السياسي ركز شوارزينيجر خلال آخر حملة انتخابية في اليومين الماضيين على الدفاع عن نفسه في مواجهة اتهامات التحرش الجنسي المتزايدة.
ويتهم شوارزينيجر الحزب الديمقراطي والحاكم الحالي لكاليفورنيا ديفيز بالوقوف وراء الفضائح الأخيرة التي تعود إلى عشرين عاما مضت فيما ينفي الديمقراطيون تلك الاتهامات.
ولا يتمتع شوارزينيجر الذي بدأ حياته كبطل لكمال الأجسام قبل العمل في مجال التمثيل بأي خبرة سياسية حيث لم يتم انتخابه في أي منصب من قبل.. غير أن المراقبين يشيرون إلى أن شهرة شوارزينيجر واستياء الناخبين من الحاكم الحالي ديفيز والتجارب السابقة مثل تحول رونالد ريجان من التمثيل ليصبح أحد أنجح وأهم الروساء في تاريخ أمريكا يقلل من أهمية غياب الخبرة السياسية من سجل ممثل الحركة الذي يرفع شعار مواجهة جماعات المصالح الخاصة في كاليفورنيا ويتعهد بتنظيف البيت من الداخل وتعويض أخطاء السياسيين.
وكان شوارزينيجر قد ركز في حملته الانتخابية على أنه لن يلجأ إلى زيادة الضرائب على سكان كاليفورنيا كوسيلة لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تتعرض لها الولاية واقترح بدلا من ذلك بعض البدائل الاقتصادية التي تتعرض لانتقادات من منافسيه.. كما شدد شوارزينيجر الذي خلا برنامجه الانتخابي من الكثير من التفاصيل حول القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية على أنه يملك الكثير من الأموال التي تمكنه من مواجهة جماعات المصالح الخاصة وعدم تقديم التنازلات أمام إغراء الدعم المالي مثلما يحدث مع السياسيين الآخرين.. وعلى الرغم من انتماء شوارزينيجر للجمهوريين إلا أن أفكاره الاجتماعية توصف بالاعتدال.
يذكر أن الحاكم الديمقراطي الحالي جراي ديفيز حصل على دعم الناخبين وأعيد انتخابه لفترة ثانية في نوفمبر من العام الماضي فقط غير أن سجله الاقتصادي حطم شعبيته.
|