يعد موضوع مكافحة تبييض الأموال اليوم من أهم القضايا الساخنة على المستويين الدولي والإقليمي، الأمر الذي يفسر زيادة الاهتمام به من قبل الدول العربية التي تحرص على إعطاء صورة حقيقية عن وضع العمل المصرفي العربي، وكذلك عن تجاوب حكوماتها مع متطلبات المجتمع الدولي في هذا المضمار، وذلك من خلال سنها العديد من التشريعات، أو اتخاذها العديد من التدابير والإجراءات، التي تؤكد على جديتها في الانخراط في الحملة الدولية الهادفة إلى مكافحة عمليات غسل الأموال من خلال مصارفها أو مؤسساتها المالية ذات الصلة.
لذا تبدت ضرورة إصدار تشريعات وطنية متشابهة في الدول العربية، من شأنها تجريم غمليات غسل الأموال، بحيث إن الدول التي لديها مثل هذه التشريعات عليها أن تعمل على تحديثها، وصولاً إلى تعزيز سن التشريعات باتفاقية إقليمية للتعاون العربي في مجال مكافحة غسل الأموال سواء كانت مكافحة وقائية أو في مجال التحريات والضبط والمحاكمة ومصادرة الأموال، وذلك بغية تحصين هيئة المصرفية والمالية ضد عملية غسل الأموال لأنه بغياب هذه القوانين والتنظيمات يتشجع غاسلو الأموال على اقتحام السوق العربية والنفاذ من هذه الثغرات لتنظيف أموالهم وتحقيق مآربهم، خاصة بعد أحداث أيلول 0سبتمبر) من العام 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية وإنعكاساتها على الدول العربية وذلك من خلال:
1- مبادرة الحكومات العربية، فرادى أو عبر جامعة الدول العربية، إلى إعلان استعدادها للالتزام بمكافحة غسل الأموال وتمويل (الإرهاب) بعد الاتفاق على تعريف موحد بشأنه حتى يعامل معاملة شبيهة بغسيل الأموال، وصولاً إلى تبني المعايير والتوصيات الدولية ذات الصلة.
2- إصدار تشريعات من شأنها تجريم عمليات تبييض الأموال على أن يرافقها إصدار قرارات ولوائح تنفيذية وتعليمات رقابية فعالة، وكذلك تعزيز إجراءات وأنظمة الرقابة الداخلية المتصلة بمكافحة غسيل الأموال.
3- التعاون والتنسيق بين الحكومات العربية وأجهزتها المختصة في مجالات المكافحة، على غرار الاتفاقية العربية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية، الموقعة في تونس في العام 1994م من قبل وزراء الداخلية العرب، والتي تضمنت التوصيات الصادرة عن مجموعة العمل المالي الدولية FATF .
كما أن مجلس التعاون الخليجي يعكف على دراسة مشروع قانون موحد لمكافحة غسل الأموال، على أن ينسحب هذا التنسيق والتعاون على الخدمات والمؤسسات الإقليمية والدولية.
4- التواصل مع مؤسسات الرقابة واللجان الدولية المتخصصة، سواء فردياً أو جماعياً، لبيان مدى التزام الدول العربية بمكافحة غسل الأموال وتمويل (الإرهاب)، وذلك من خلال وسائل أو آليات معينة، علماً بأن عدة دول وأقاليم في أمريكا وأفريقيا وأستراليا أنشأت لجاناً إقليمية على شاكلة FATF وأولتها مهمة متابعة المسائل المرتبطة بالمكافحة ولا سيما لناحية تقييم التشريعات والنظم القائمة في تلك الدول.
5 - زيادة توعية الجمهور وخاصة المصرفي بخطورة غسل الأموال وتمويل (الإرهاب)، وأهمية المكافحة من خلال حملات إعلامية ودورات وبرامج تدريبية، مع بيان أمثلة ونماذج عن هذه العمليات وكيفية التعامل معها في حال اكتشافها.
وعلاوة على ذلك، لابد من إبداء بعض الملاحظات على اللوائح الأمريكية الخاصة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل (الإرهاب) وذلك على الوجه التالي:
1- إن معظم الأسماء الواردة في اللوائح الأمريكية يصعب تحديد أصحابها لأنها جاءت عموماً ثنائية ولا تحمل عناوين أو مهناً محددة.
2- تبين أن الطريقة المتبعة في تقديمها كان غرضها حجز الحسابات أولاً ثم التصنيف والتدقيق لاحقاً.
3- يبدو أن أسماء كثيرة أدرجت في متن هذه اللوائح من قبيل التحوط دون معلومات مسبقة يجعل من الاستجابة الفورية لها، دون تحفظات أو استفسارات، دون تحفظات أو استفسارات، سبباً لمشاكل قانونية أو فنية كثيرة.
وعليه، ان استمرار الأجهزة الرقابية في الدول العربية في العمل وفق أفضل المعايير والمتطلبات الدولية، فيما يخص مكافحة تبييض الأموال وتمويل (الإرهاب)، سيؤكد التزام هذه الدول بتأييد الجهود المبذولة من أجل حماية النظام المالي الدولي، وبالتالي الحرص على إعطاء صورة حقيقية وناصعة عن قطاعاتها وأنظمتها المصرفية والمالية إلى العديد من دول العالم.
|