تبدو الانفصالية في العمل ظاهرة جداً في وزاراتنا.. ولكل وزارة تعيش بعالمها المستقل تبدأ وتنتهي منفردة في خططها ومشاريعها.. وكثيراً ما وجدتُ هذا بادياً على الطرقات والشوارع..
لكن الأكثر حزناً هو ان الحلقة مفقودة ويذهب ضحايا لها العديد من البشر الذين لا ذنب لهم إلا أنهم يسعون في هذه الحياة ويكافحون لأجل حياة كريمة وعفيفة وشريفة..
معلمون يلقون مصرعهم عطشاً في البراري وهم يبحثون عن أماكن مدارسهم على الخريطة الصحراوية المقفرة..
معلمات يمتن هنَّ وأطفالهن ومحارمهن وهن في طريقهن للبحث عن مكان مدرستهن النابتة في صفصف خالٍ من الشجر والبشر.
* هل من مسؤولية الموظف ان يشتغل مكتشفاً.. مجازفاً.. دون عدة وعتاد لكي يجد مقر وظيفته.
طالما أن ادارات التعليم قدمت احتياجها من المعلمين والمعلمات في مدارس القرى النائية والهجر والمجاميع البدوية والجبلية في وسط وغرب وشمال وشرق وجنوب المملكة. هل تقدم هذه الادارات خريطة طريق واضحة لهؤلاء الذين تم تعيينهم.
أليس من الممكن طلب مرشد من أبناء هذه القرية أو الهجرة توفره إمارة المنطقة بالتعاون مع ادارة التعليم وتقديم العون للمعينين الجدد حتى يصلوا مكان تعيينهم ويعرفوا الطرق المأمونة اليه.
ثم إن الوعي الأسري بمخاطر الطريق الذي يكتشف لأول مرة يجب أن يحمي النساء والأطفال من مثل هكذا مخاطر.
ففي موروثنا الاجتماعي أن مسؤولية الاكتشاف هي للرجال.. وأن الرجل الحصيف يحتاط كثيراً في أسفاره ويموِّن نفسه التموين الذي يضمن له الحياة بعد مشيئة الله سبحانه.
فلم يزج بالمعلمات وأطفالهن ليكتشفن طرقاً جديدة في الصحراء، هل هو الخوف من تسجيل الغياب إذا تأخرت المعلمة عن المباشرة ريثما يطمئن ولي أمرها للطريق ويعرفه جيداً ثم يعود إليها ليأخذها بكل طمأنينة لمقر عملها.
* أعتقد أن المعلمين والمعلمات اللائي يعملون في قرى وهجر نائية بحاجة الى هيئة ارشاد نفسي واجتماعي وأرقام مجانية يجيب عليهم عبرها مختصُّون ومختصَّات في الجانب النفسي والاجتماعي كي يساعدوهم على تحمل الاغتراب وشظف الحياة والبعد عن الأهل والأطفال والعناء والكدح..
وأنا أرى هؤلاء بمثابة مرابطين مأجورين بإذن الله.. يسعون على لقمة عيشهم ويكافحون ويشكلون وعي المجتمع البسيط النائي ويقدمون للوطن تفوقاً مذهلاً في نشر التعليم ومحو الأمية وبث الوعي..
أفلا يستحق منا هؤلاء مرشداً جغرافياً توفره كل إدارة تعليم من كل قرية أو هجرة تعاوناً مع امارات المناطق.. لكي يقدموا نبذة مختصرة عن طبيعة الحياة في تلك القرية أو الهجرة وموقعها واهتمامات سكانها.. والطرق المأمونة لها ونوعية المخاطر المتوقعة على هذه الطرق..
* أعتقد أن هذه بمثابة خارطة طريق من المهم تقديمها للمعلمين والمعلمات المرابطين في القرى والهجر النائية.
والله المستعان.
ص.ب 84338 الرياض 11671
|