ما سأتحدث عنه.. ليس من باب السعي لقطع رزق أحد.. إذ إن البعض من الناس ما شاء الله يعمل في ثلاث وظائف.. فهو في وظيفة حكومية في الصباح.. وفي المساء.. يعمل في شركة أو مؤسسة..
** وفي أواسط أو أواخر الليل.. يعمل في شركة أخرى أو دكان آخر مكتوب عليه = نبيع ونشتري في أراضي المنح = أو نبيع ونشتري الأسهم.. أو «مكتب خدمات عامة؟!!!».
** والبعض الآخر.. ما زال عاطلاً يندب حظه ويقول «يا الله بوْظَيْفهْ» و«جعل اللِّي عطاهم بالشِّيوَلْ.. يعطينا بالملاَّسِهْ».
** لست هنا لأتحدث عن مشكلة الوظائف تحديداً.. لكنني سمعت كما سمع غيري.. أننا إزاء تعداد سكاني قريب.. يعني = سنة تعداد سكان.. وسنة تغيير لوحات سيارات.. = وقد رأت الجهة المسؤولة = الله لا يعمينا = الاستعانة بالمدرسين لسد النقص الحاصل في مندوبي ومسؤولي الإحصاء.. وقد أسندت إليهم عملاً مسائياً مقابل مائتي ريال يومياً.. بمعنى.. أنه سيكون هناك ستة آلاف ريال شهرياً لكل مدرس يعمل في الإحصاء مساءً.. أو «مْسَيَّان» إلى جانب عمله في الصباح براتب وقدره..
** أعود وأؤكد.. أنني لست معترضاً أبداً على الاستعانة بالمدرسين.. وإن كان بعضهم على مشارف الستين.. أو ربما زاد عنها سنة ونقص عنها في «التَّابِعِيّه».. ولكنني أسأل .. أين الشباب الذين يحملون شهادات وهم عاطلون؟
** هناك جامعيون.. وهناك من يحمل الثانوية العامة.. وهم على درجة عالية من الكفاءة والقدرة والمهارة والنشاط.. وإذا كان المدرس سيعطي ساعتين أو ثلاثاً في المساء.. وهو مرهق ومجهد وبغير نفس.. فهؤلاء سيعطون عشرين ساعة في اليوم.. وهم في كامل نشاطهم ولياقتهم.. ولا نقول أعطوهم ستة آلاف مثل المدرس الذي أعطاكم ساعتين.. بل أعطوهم ثلاثة آلاف ريال وجزاكم الله ألف خير.
** أعلنوا فقط.. أنكم تحتاجون إلى شباب يعمل في الإحصاء.. وكان الله في عونكم لتنظيم استقبال هؤلاء.. بل الأحسن لكم.. أن تطلبوا الملفات والأوراق عن طريق البريد.. وإلا.. دخلتم في مشكلة كبرى لاستقبال هؤلاء العاطلين عن العمل.. وأكثرهم جامعيون وفي تخصصات جيِّدة.. بل ربما أن بعضهم متخصص في الاقتصاد والإحصاء والإدارة.. وتخصصات لها مسيس مباشر بعملكم في الإحصاء.
** إن هذا العمل المؤقت.. يمكن أن يمتص آلاف الشباب العاطلين.. الذين يحملون مؤهلات جامعية وثانوية عامة.. ومن المعلوم أن بعض المدرسين لا يحمل سوى الثانوية العامة.
** إن المدرس مكتفٍ اكتفاءً كبيراً براتبه.. ولا مشكلة عنده.
** كما أن هامش عطائه.. سيكون محدوداً.. لأن عمله الرئيسي في الصباح.. وعمله الأهم.. هو التعليم... وسيعطي في المساء.. عطاءً محدوداً وبسيطاً.. وبنفس على طرف الخشم.
** ليت الجهة المعنية توقف الاستعانة بالمدرسين وتلتفت لهؤلاء المساكين = اللِّي احترقت صدورهم من شفط المعسَّل من حِرْ ما يونسون.. من القهر = وتمنحهم فرصة العمل والعطاء.. وستجد الفرق..
** إن راتباً شهرياً قدره ستة آلاف ريال.. يوازي المربوط الأول للمرتبة الثامنة أو التاسعة.. فكيف نحرم هؤلاء العاطلين من هذا المجال الجيِّد؟
** أين نظام «الخرطي» الذي يقول.. على الموظف الحكومي أن يختار وظيفة واحدة فقط.. ويُفصل من الأخرى ويعيد كل المبالغ التي استلمها من وظيفته الثانية؟
وما هو تفسير إدارة الإحصاءات العامة لهذا التصرف الذي يعتبر مخالفة صريحة للأنظمة واللوائح ؟!
** وإذا كانت الجهة المسؤولة عن الإحصاء والتعداد تجهل أن لدينا آلاف الشباب من فئة «عاطل» ويحملون مؤهلات جامعية وفوق الجامعية.. ويبحثون عن وظائف منذ سنين.. فهي لا شك لديها نقص كبير في المعلومات.
** أما إن كانت تدري.. وأرادت أن «تَبُرَّ» المدرسين.. أو رأت أن هؤلاء لا يصلحون لهذا العمل.. فهذا شأن آخر.
** أما إن كانت تدري أنها بالفعل.. استفادت.. أو ستستفيد منهم.. إلى جانب المدرسين.. فهي لا شك مخطئة.. لأن هؤلاء العاطلين .. سيسدون العجز.. وسيقومون بالدور المطلوب.
** هو مجرد اقتراح.. مع اعتزازنا الشديد بمربي الأجيال.. وثقتنا الكبيرة في كفاءاتهم وقدراتهم.. ولكن هؤلاء العاطلين أولى .. أولى «بالستة آلاف ريال» يا مصلحة الإحصاء والتعداد السكاني.
|