Wednesday 8th october,2003 11332العدد الاربعاء 12 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رأي اقتصادي رأي اقتصادي
الازدهار الاقتصادي والديمقراطية (2/2)
د. محمد اليماني

في مقالة الاسبوع الماضي كان الحديث عن المبررات النظرية التي تسوق بناء عليها الديمقراطية في الدول النامية. والسؤال هنا عن الواقع وما اذا كان يدعم هذه الادعاءات ام لا؟ وتأتي الاجابة ان جميع الدول المتقدمة صناعيا والتي تنعم بمستوى معيشي عال هي دول ديمقراطية، فإذن هناك تلازم واضح بين الديمقراطية والنمو الاقتصادي وفي هذا الاطار تشير دراسة تطبيقية اجريت على مجموعتين من الدول احداهما شهدت تزايدا في مستوى الديمقراطية والثانية تدنيا في مستواها الى ان زيادة الديمقراطية تؤدي الى زيادة معدل النمو الاقتصادي وان تناقص الديمقراطية يؤدي الى انخفاض معدل النمو الاقتصادي.
ومن المؤكد ان طبيعة العلاقة بين النمو الاقتصادي والديمقراطية ليست بهذه السطحية والبساطة، فالديمقراطية بحد ذاتها ليست محركا وباعثا لعملية النمو ولا يمكن اعتبار مجرد وجودها سببا كافيا للازدهار الاقتصادي والشواهد على ذلك كثيرة، فهناك العديد من الدول الاكثر ديمقراطية بين دول العالم النامي لا تحظى بمعدلات نمو مناسبة وهناك في الجانب المقابل دول اقل ديمقراطية لكنها تتمتع بمعدلات نمو مقبولة ولعل السبب الرئيسي في حدوث النمو الاقتصادي وتحسن مستويات المعيشة هو توافر مجموعة من المتغيرات مثل التعليم والتدريب والتأهيل والاستثمارات المناسبة والكفاءات والقدرات ذات الكفاءة العالية والمستوى التقني المرتفع والانتاجية العالية، الى جانب توافر مجموعة من القيم والأخلاق مثل حب العمل والاخلاص والاتقان والامانة واحترام حقوق الآخرين والمحافظة عليها. ولاشك ان تواجد هذه الامور بغض النظر عن طبيعة النظام السائد كفيل باحداث التغيرات المطلوبة، وهي ذاتها عوامل النمو الاقتصادي والمستوى المعيشي المرتفع في الدول الديمقراطية.
ولذا فان ما تحتاجه الدول النامية هو التعرف على الأسباب الحقيقية للنمو الاقتصادي والاخذ بها، لا الاخذ بالشكل الخارجي والذي ربما يكون حصول النمو الاقتصادي المستديم وما يحمله من آثار ايجابية سبب في حدوثه لا العكس ويدعم هذا التوقع تاريخ الديمقراطيات العريقة المعاصرة اذ لم تكن ابتداء دولا ديمقراطية بل كانت اشبه بالدكتاتوريات ثم شهدت خلالها نموا اقتصاديا مضطرا ثم تحول نظام الحكم الى النظام الديمقراطي.
ان الديمقراطية والمستوى المعيشي المرتفع ليسا بالضرورة امرين متلازمين، ولا يعني الاخذ بالاول منهما حصول الثاني، بل ربما ادى استيراد القيم والافكار غير المنسجمة مع قيم المجتمع ومثله الى احداث خلل وحالة من عدم الاستقرار في المجتمع، الامر الذي يعيق العملية التنموية، والحل ان يكون التغيير نابعا من قيم المجتمع ومرتكزاته.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved