تعتبر سوق الأسهم المالية من المعايير الدالة على قوة ومتانة الاقتصاد الوطني في الدولة، كما ان حركة تداول الأسهم من المؤشرات الحساسة والدقيقة في التنبؤ عن الأحوال الاقتصادية لأي دولة والتأثيرات الاقتصادية المتوقع حدوثها مستقبلاً. وحركة سوق الأسهم تعتبران من المؤشرات الدالة على واقع الحياة الاقتصادية في أي دولة، وتمر الأسواق المالية في جميع الدول بأزمات أو انهيارات نتيجة تذبذب في الأسعار يثير قلق المستثمرين والمتعاملين مع هذه الأسواق وينتقل الى القائمين والمشرفين على السوق. وكثيرا ما سمعنا عن تدخل السلطات العليا في بعض الدول وقد تصل الى رئيس الدولة في طمأنة المتعاملين في السوق لمتانة وقوة اقتصادهم الوطني.
وما حدث مؤخراً في سوق الأسهم السعودي يعتبر تراجعاً تصحيحياً كان متوقعاً لجميع المتعاملين، ولن يؤثر على قوة ومتانة اقتصادنا الوطني بل يزيد السوق قوة ومناعة تصب في مصلحة المتداولين على المدى البعيد، كما ان الاعلان عن انشاء سوق الأوراق المالية من الأسباب الهامة في نشاط سوق الأسهم خلال الفترة الماضية وزيادة أسعار الأسهم، إلا ان التراجعات التصحيحية التي حصلت، قد تتحول الى أزمة قد تؤثر في السوق وفي ثقة المتعاملين وفي الاقتصاد الوطني، نتيجة لتأخر قيام السوق بمهامه المنوطة به، والاعلان عن التفاصيل العملية للنظام وآلياته، وترشيح أعضاء هيئة السوق ومجلس ادارة السوق ورصد ميزانية السوق، وتاريخ بدء التداول من خلال السوق.
وما يتمناه المتعاملون من هيئة سوق الأسهم هو الحد من التراجع التصحيحي أو التذبذب الكبير في أسعار الأسهم. ولن تتمكن هيئة السوق من التحكم في حركة التذبذب إلا من خلال آلية يتم استخدامها في معظم الأسواق المالية في العالم ويطلق عليها «صناع السوق»، وهم من المكاتب المتخصصة في التداول وبرؤوس أموال كبيرة ومعلومة ولا تقل عن مبلغ تحدده هيئة السوق، ويمارسون دور الوسيط ويساهمون في الحد من حركة السوق سواء ارتفاعا أو انخفاضا، ويتعاملون في سوق الأسهم بيعا وشراء مع احتفاظهم برصيد من الأسهم لتلبية طلبات العملاء بالبيع أو الشراء بنسبة معينة من حجم التداول التي تتم في كل يوم عمل في السوق لحفظ توازن السوق. وغالبا ما تهتم هيئة السوق بمراقبة لصيقة لجميع عمليات تداول صناع السوق وتحديد هامش الربح والاطلاع على سعر الشراء والبيع. وأهمية صناع السوق تكمن في حفظ توازن السوق وعدم تعريضه للارتفاعات أو الانخفاضات الشديدة، وقدرتهم على تأمين كمية من الأسهم التي يرغب المتداولون في شرائها، واستعدادهم لشراء الأسهم المعروضة للبيع، ومن خلالهم يمكن الحد من تذبذب أسعار الأسهم، كما ان آلية صناع السوق في تلبية طلبات المتداولين لا تحملهم مخاطر أو أضراراً قد تقع عليهم أو تسبب لهم الخسارة. إنما يكون سعر بيع السهم مساويا لقيمة الشراء مضافا اليه عائد الفرصة البديلة وعائد مخاطر تغيير الأسعار وتغير سعر الفائدة. ويكون الفرق بين سعر البيع والشراء هو هامش الربح الذي يحصل عليه صناع السوق. وهذا الهامش هو الذي يمكنهم من خلق القدرة التنافسية فيما بينهم مع العملاء ويتيح لهم تحقيق أرباح مع تقليل المخاطر. وهذه الآلية لن تمكن صناع السوق من المبالغة في قيمة الأسهم سواء بيعاً أو شراء، وغالباً ما تنشأ علاقة تعويضية بين العائد والمخاطر لتقليل الخسائر.
ويمكن ان يقوم بدور صناع السوق في الفترة الحالية صناديق الاستثمار لامكانياتها التي تجعلها قادرة على القيام بهذا الدور ولخبرتها في ادارة المحافظ الاستثمارية ولمهنية القائمين عليها وقدرتهم على الدخول في المضاربات التي تحقق من ورائها أرباح ولقدرتها المادية حيث بلغ حجم أصول الصناديق الاستثمارية في النصف الأول من عام 2003م 4 ،4 مليار ريال في 16 صندوقاً استثمارياً، ولدخول هذه الصناديق في سوق الأسهم المحلية وتحقيقها لعوائد مرضية لجميع المستثمرين معها حيث تجاوزت ربحية هذه الصناديق ربحية السوق وربحية أكثر المتعاملين خبرة في سوق الأسهم، كما ان الخسائر التي لحقتها خلال الأسبوع الماضي كانت بنسبة 04% بينما التي لحقت سوق الأسهم كانت 2 ،4% ويكون دخول صناديق الاستثمار في آلية صناع السوق لحفظ توازن السوق وعدم تعرضه لأي هزة قد تؤثر على السوق وتؤثر على صناديق الاستثمار وليس المطلوب ان تستثمر جميع رأسمالها لحفظ توازن السوق انما المطلوب توجيه مؤسسة النقد لهذه الصناديق بتخصيص نسبة من رأسمالها لا تتجاوز 15% الى آلية صناع السوق مع احتفاظهم بتطبيق كل الآليات المطبقة عالمياً لتقليل المخاطر وعدم تعرضهم للخسائر. وما نأمله ان تلعب صناديق الاستثمار الدور المؤثر في حفظ توازن السوق
فاكس 6501493 02
|