* دبي - الجزيرة:
أدان الفريق أول سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي وزير الدفاع بدولة الإمارات العربية المتحدة العدوان الإسرائيلي على الأراضي السورية، وأشاد بسياسة ضبط النفس واللجوء إلى الشرعية الدولية التي اعتمدتها سوريا في تعاملها مع هذا الاعتداء.
وقال سموه لدى افتتاحه أعمال منتدى الإعلام العربي في دبي بحضور المستشار الألماني جيرهارد شرويدر وحشد كبير من الشخصيات وقادة الإعلام من مختلف أنحاء المنطقة العربية والعالم أن أوضاع العالم العربي لا تسر بحيث بات يصدر الأخبار السلبية، ودعا سموه الإعلام العربي لتحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقه في مواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة.
وقال: «تمثل إقامة المنتدى فرصة لقادة الإعلام لتقييم مدى التطور الذي حققه الإعلام العربي وكيفية الارتقاء بأدائه.كما أشاد سمو ولي عهد دبي بالعلاقات المتميزة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية ألمانيا الاتحادية التي يرعاها صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة والمستشار الألماني شرويدر.وبدوره دعا سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الإعلام والثقافة بدولة الإمارات العربية المتحدة ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الإمارات للإعلام، وسائل الإعلام العربي إلى اتباع سياسة النقد الذاتي البناء، مؤكداً على أهمية الموضوعية في العمل الإعلامي للتأثير الفعال على اتجاهات الرأي العام.
من جهته، أكد كريس كريمر الرئيس التنفيذي لشبكة «سي. إن.إن» العالمية أيضاً على أهمية الموضوعية في العمل الإعلامي، واصفا إياها بالعامل الحاسم والمؤثر في تطور دور الإعلام في صياغة اتجاهات الرأي العام.
وقال سمو الشيخ عبدالله: «سأركز حديثي ليس على ما حققته وسائل الإعلام العربية من نقاط إيجابية وإنجازات مهمة شهدت لها وسائل الإعلام الغربية وأثارت حفيظة بعضها وأحس بها الجمهور العربي أثناء الحرب وبعدها، بل على ما لم تتمكن من تحقيقه وعلى ما اعترى عملها من سلبيات».
وأضاف سموه: «بصراحة وشفافية كاملة نستطيع القول إن إعلامنا العربي قبل الحرب فشل في كشف الطبيعة الحقيقية لنظام الحكم في العراق. كلنا كنا نعرف أن ذلك النظام كان يستند إلى الإرهاب والقمع وأنه شن أكثر من حرب على جيرانه واحتل دولة مجاورة وحاول أن يمحوها من القاموس السياسي. ومع ذلك فإن وسائل الإعلام العربية نسيت، أو تناست كل ذلك وفشلت في نقله لجمهورها، لا بل وأنها تعاملت معه وكأنه نظام سليم، وصورت النزاع على أنه فقط معركة بين القوى الغربية ونظام عربي مستعد للتصدي لها وتحديها باسم الكرامة العربية والسيادة».
وحول حال الإعلام العربي قبل الحرب على العراق قال وزير الإعلام والثقافة:« لقد ابتعد الإعلام العربي عن الواقع وأسهم، بالتالي، في تضليل الرأي العام بتزويده بتصورات غير واقعية للنتائج المحتملة للنزاع الذي كان يبدو حتمياً ووشيكاً» وأكد سموه أنه كان هناك امكانية لإفساح المجال لمحللين عسكريين عرب ليقولوا إن ميزان القوى بين طرفي النزاع سيجعل هزيمة القوات العراقية المسلحة أمراً مؤكداً.فلو قالت وسائل إعلامنا ذلك لجمهورها، لما كنا شاهدنا وعشنا حالة الضياع والإرباك، والإحباط التي سادت المنطقة عقب هزيمة النظام السابق.
وفي معرض حديثه حول الأسباب التي أدت إلى فقدان عنصر الموضوعية في بعض التغطيات الإعلامية للحرب قال سمو الشيخ عبدالله: «نحن ندرك أن الافتقار للموضوعية والمقاربة المتوازنة التي تقدم الحقائق دون تلوينها بالأحكام أو التقييمات الشخصية للإعلاميين، ندرك أن ذلك، لم يقتصر فقط على التغطية الإعلامية في الجانب العراقي من الحرب.
فقد كان الصحافيون الغربيون والعرب الذين كانوا يشاركون القوات الأمريكية والبريطانية الخيام ذاتها، ينقلون ما زودوا به من معلومات، لأن حركتهم أصلاً كانت مقيدة مما حرمهم من رؤية الصورة بشكل موضوعي ومتوازن.
وكما قالت إحدى أبرز المراسلات الغربيات قبل أسابيع قليلة انها مارست الرقابة الذاتية على تقاريرها، وأن محطتها كانت تشعر بنوع من التهديد أو التخويف، سواء من الإدارة الأمريكية أو بسبب المحطات المنافسة.ولقد كان حظ المراسلين العرب أسوأ من زملائهم الغربيين إذ أن النظرة إليهم كانت تتسم بالتمييز وتفترض أنهم لا يتمتعون بالمستوى المهني ذاته للمراسلين الغربيين».
وحول الاتجاهات السائدة في بعض الفضائيات العربية قال سموه: «وفي السياق نفسه من نقد الذات، دعوني أشير إلى اتجاه أخذ يسود في فضائياتنا العربية عبر خطاب يقوم على ما يمكن أن نصفه بالقول المعروف (هكذا يريد الجمهور، هذا ما يريد أن يسمع). ولتذهب الموضوعية والتوازن والنظرة المتمعنة والهادئة والمتفحصة للجحيم - لا أيها السيدات والسادة ليست هذه رسالة الإعلام.. إننا ندعو المحللين والمعلقين ومقدمي البرامج ومعديها إلى مراجعة الذات و تصحيح النهج والمسار. جمهورنا العربي يستحق أن يسمع الحقائق ويخاطب بعقلانية وهدوء، وبلغة لا تثير الغرائز وتشحن العواطف، بل تنير الطريق وتسلط الضوء على المطبات وتبين الأخطاء وتساعد على كيفية تجاوزها وتصحيحها دون أن يعني ذلك أن ينحى الإعلام منحى القولبة والتلقين».وفي ختام كلمته عبر سمو الشيخ عبدالله عن أمله بأن يشكل المنتدى أرضية صالحة لمناقشة مختلف المواضيع المثارة بعمق وموضوعية وصولاً إلى وعي أفضل يدفع بإعلامنا إلى الأمام ليقوم بدوره المهني السليم في نقل صورة صادقة ومتوازنة عن الأحداث التي نعيشها حتى لا تتكرر الأخطاء التي وقعنا بها.
من جهته أوضح كريس كريمر أن هناك الكثير من النقاط المشتركة بين الإعلاميين العرب والغربيين مؤكداً أن جميع الإعلاميين يعيشون في عالم متصل ببعضه البعض ولذلك فهم يتحملون جميعا نفس التبعات امام مشاهديهم وقرائهم.
وفي معرض تعليقه على أهمية الموضوعية في العمل الصحافي قال كريمر «أعتقد أن القيم والمعتقدات هي الجانب المهم لأي مقدم أخبار، هذا هو ما تعلمته خلال 26 عاما من عملي في ال بي.بي.سي، وهو ما نلتزم به في سي.إن.إن وما نتمسك به في عملنا كل يوم» مشيراً إلى أن التزام سي.إن.إن يتعلق بالمصداقية الصحفية.وأضاف «إن قوة تغطيتنا وخبرة المراسل ومهارة المصور او المصورة ومهارة رؤساء التحرير، كل جزء صغير من ذلك يضيف إلى مصداقيتنا، وما نسعى لعمله هو اكتساب المصداقية لدى كل المشاهدين. وتدركون أن المصداقية لا تأتي بسهولة، وهي تحتاج الى أن نتعلمها وننميها ثم نكرسها.ولا يمكن اكتساب سمعة كمحطة صاحبة ارقام قياسية الا من خلال معايير تتعلق بعملها الصحافي. و من وقت لآخر، فإنه حتى المحطات العالمية الموثوق بها مثل سي.إن.إن تحتاج إلى التوقف برهة من أجل تقييم نفسها».
وحول استعدادات سي.إن.إن للحرب على العراق قال كريمر «أريد أن اشارككم فيما كنه نفعله في سي.إن.إن العالمية في هذه الاسابيع والشهور الطويلة والمخيفة قبل الحرب على العراق، حيث بدا ان فرص الحرب محتومة. قررت التحدث إلى كل فرد من المحررين، الكتاب، رؤساء التحرير، الفنيين، مديري الاستديوهات، موظفي الجرافيك، وبالطبع المراسلين. وقمت بتذكيرهم بمسؤولياتهم باعتبارهم موظفين في مؤسسة سعت على مدى 23 عاما لتغطية العالم بشكل شامل ودقيق وموضوعي.ومع اقتراب الحرب في الربيع الماضي ابلغت موظفي سي.إن.إن أن هذه ستكون أكبر ازمة يقومون بتغطيتها. ورفضت أن استخدم كلمة خبر صحافي».
واضاف كريمر «إن ما حدث في العراق وفي هذه المنطقة ليس خبراً صحافياً. إنها أزمة. ولا يجب الإقلال من شأنها، وقد طلبت من موظفي سي.إن.إن الإلمام بعمق بما يحدث في المنطقة. وقمت بتذكيرهم، مع انه لا داعي لتذكيرهم بذلك، بأن سي.إن.إن ليست بوقاً لاي حكومة - حكومة الولايات المتحدة او الحكومة البريطانية او اي حكومة اخرى. وابلغتهم أن الحرب ستكون مثيرة للجدل بشكل كبير ومرفوضة جماهيريا في العديد من الاماكن. وطلبت منهم مراعاة الدبلوماسية والاهتمام بكل جزء من الحرب المضادة والجدل المؤيد للحرب والمعارض لها».
وأوضح كريمر بقوله «إن الأزمة في العراق، كما ندرك جميعا، مازالت مستمرة بالنسبة لنا. ولم تنته بعد كما تنبأ الكثيرون، وسوف تسيطر الأزمة على تغطيتنا لفترة كبيرة من الوقت، وسوف تمثل تحديات جديدة لنا جميعا في اسلوب الالتزام المالي والمخاطر المحدقة بمراسلينا.إنها تمثل تحديا بشكل خاص لوسائل الإعلام العربية التي نشأت حديثا، والتي يمثلها الكثيرون منكم هنا اليوم».
وأشاد كريمر بشجاعة والتزام وسائل الإعلام العربية في تغطية حرب العراق والحرب في افغانستان والاحداث في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، حيث قال «اعتقد ان وسائل الإعلام العربية الجديدة قد اطلقت صوتا جماعيا سيكون مهما لشعوب هذه المنطقة ولاولئك الذين من خارج المنطقة، إنها بمثابة ضوء جديد يلمع في المنطقة».وفي معرض حديثه عن اهتمام شبكة سي.إن.إن بمنطقة الشرق الاوسط قال كريمر «إن الاحداث الإخبارية المهمة في هذه المنطقة تتطلب تغطية افضل وبأسلوب بسيط، و هذا هو السبب في اننا اطلقنا موقعنا العربي في 2002 هنا في دبي، وهذا هو السبب ايضاً في اننا اطلقنا برنامجا جديدا على شاشة سي.إن.إن الاسبوع الماضي هو «داخل الشرق الأوسط» الذي سيركز على الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الشرق الأوسط ويظهر التراث الثقافي الثري للمنطقة وبالطبع التطورات التكنولوجية التي تحدث يوميا في هذه المنطقة التي يساء فهمها غالبا.
وختم كريمر كلمته بالتأكيد على موضوع النزاهة والموضوعية قائلاً «إن هذه الأزمات غير المنتهية تعني أن العاملين في الإعلام سيكونون دائماً تحت الاختبار، وأن الحاجة لمصادر موثوقة وغير متحيزة ستكون اكبر، حيث يجب على القنوات الإخبارية أن تتمتع بالاستقلالية والنزاهة والتنوع».
|