حتى لو افترضنا أن الغارة الإسرائيلية أربكت حسابات الولايات المتحدة في المنطقة فإن واشنطن امتصت الصدمة الناجمة عن الغارة وهرعت للوقوف إلى جانب إسرائيل مقدمة التبريرات لهذا العدوان الغاشم حتى وإن كان ذلك لا يتفق مع ترتيباتها وحساباتها ودورها كوسيط للسلام.
وبينما أعرب العالم كله عن استنكاره للغارة الاسرائيلية على سوريا، فإن واشنطن فضلت العودة إلى ملفاتها مع دمشق مشيرة إلى أن سوريا لم تنفذ المطلوب منها بشأن المنظمات الفلسطينية الموجودة على أراضيها، وهي بذلك تعطي تبريراً آخر للغارة.
ومع ذلك فإن واشنطن دعت كلاً من سوريا وإسرائيل إلى عدم التصعيد بدلاً من توجيه هذا الطلب إلى إسرائيل وحدها باعتبارها الطرف الذي بدأ بالعدوان.
ومن الواضح أن اللهجة الأمريكية تجاه هذه الأزمة تشجع بوضوح العدوان الإسرائيلي كما أنه من الواضح أن الفعل الإسرائيلي لن يقتصر على غارة الأحد في شمال دمشق.
فإسرائيل توعدت بالمزيد من الغارات والموقف الأمريكي لا ينطوي على أي تحذير لإسرائيل وإنما يحثها على معالجة أمورها بالطريقة التي تراها بل ويبحث عن مبررات للعدوان من خلال نبش الملفات السورية/ الأمريكية القديمة محملاً دمشق مسؤولية ما يحدث من خلال الايحاء إلى أنها لم تلتزم بما طلبته منها واشنطن لتحجيم النشاط الفلسطيني على أراضيها..
فواشنطن تريد أن تقول إن كل نشاط فلسطيني في سوريا هو نشاط إرهابي في المقام الأول، وهي تريد للعالم أن يفهم الأمر على هذا النحو دون أي اعتبار للعلاقة المصيرية الفلسطينية/ السورية بما في ذلك الترتيبات السياسية والعلاقات الإنسانية وحقيقة الرابطة العربية التي تستوجب الكثير من الخصوصيات بين الشعوب الشقيقة بما في ذلك التواجد بمختلف الأشكال على أراضي الأشقاء ولمختلف الأغراض.
إيجاد المبررات للعدوان بهذا الشكل هو افتئات واضح على حقوق الآخرين في التواصل والتعاون ومحاولة للإخلال بصيغ التعايش بين أبناء المصير الواحد.
|