يعتبر التخطيط للمستقبل من أهم ركائز العمل الإداري السليم التي يجب ان تكون في قمة أولويات الوزير أو المسؤول الإداري في أي جهاز حكومي أو خاص.
كما ان إهمال الوزير أو المسؤول الإداري لهذه الركيزة يعتبر نقيصة لا يعذر بارتكابها بغض النظر عن الأسباب التي قد تبدو بالنسبة له واقعية ومنطقية.
أقول هذا القول وأنا أرى الوطن يقبل على مشكلة حقيقية ستضيف صعوبات عدة إلى قائمة الصعوبات التي يعاني منها سوق العمل السعودي ومع ذلك لا أرى من يحاول تلافي تداعياتها المستقبلية ولا أرى من يحرك ساكناً لمحاربة أسباب وقوعها في المستقبل.
المشكلة التي أعنيها هي تلك المرتبطة بعدد المقبولين والمقبولات في أقسام اللغة الإنجليزية في جامعاتنا المختلفة حيث نلاحظ انه على الرغم من إقرار مجلس الوزراء تدريس هذه المادة في الصف السادس الابتدائي للبنين والبنات في العام الدراسي القادم واحتمالية تدريسها في الصفوف المبكرة الأخرى في الأعوام اللاحقة، إلا أن أعداد المقبولين في أقسام اللغة الإنجليزية لا تزال محدودة كما هو حاصل في كلية المعلمين بالباحة التي لم تقبل سوى 25 طالباً بحجة عدم أهلية باقي المتقدمين لشغل باقي المقاعد المتاحة والتي تقدر بمائة مقعد.
فمن غير المنطقي ألا تستجيب بيروقراطية القبول لمتغير الزيادة في الطلب على المعلمين في المستقبل ومن غير المنطقي ان ننتظر حتى نواجه المشكلة في المستقبل ثم ندعي عدم وجود معلم سعودي كحجة للاستقدام من الخارج، ومن غير المنطقي ألا يتحرك المسؤول الأكبر للضغط على المسؤول المباشر لزيادة أعداد المقبولين حتى نستطيع على الأقل الوفاء بغالبية الأعداد المطلوبة.
علينا ان نعي بأن من سنستقدمه في المستقبل لم يتعرض لهذه الإجراءات التعسفية ولم يخضع لتعقيدات مسؤولي القبول في الجهات التعليمية في بلده مما مكّنه من اجتياز المرحلة الجامعية وأهله ليكون بديلاً عن المواطن السعودي الذي لم يعد أمامه خياراً سوى البطالة بمؤثراتها المختلفة.
يا سادة ان شروط القبول ليست نصوصاً قرآنية وليست أحاديث شريفة وإنما هي اجتهادات بشرية يمكن لنا ونحن بشر كسائر البشر ان نطورها وان نعدلها لتتوافق مع مستجدات الواقع ومتطلبات المستقبل بدلا من الإصرار عليها وكأنها منزلة من السماء. لا بد لكل مسؤول في هذا الوطن ان يعي خطورة تصرفه وتباطئه في القيام بواجبه على مرتكز الانتماء الوطني الذي يتناقص مع تناقص فرص الكسب الشريف ويتلاشى كلما شعر الإنسان بعدم قدرته على الحصول على حقه المشروع.
ولا بد لكل مسؤول ان يعي بأن ما يتعرض له أبناء وبنات الوطن من إحباطات متكررة سيكون الشرارة التي تقود إلى الانحرافات الفكرية الخطيرة والى المشاكل الأمنية والسياسية المتعددة التي تمثل الخطر الأكبر على استقرار مجتمعنا السعودي.
واستشعاراً لهذه المشكلة، فإنني أدعو أصحاب القرار في بلادنا الحبيبة إلى النظر إلى فئة الشباب بعين فاحصة تستطيع تلمس احتياجاتهم وتحميهم من مخاطر المستقبل ومصائد الأعداء، كما أناشد أصحاب القرار بضرورة العمل على تحسين نظرة الشباب إلى وطنهم من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على الأمن المعيشي لأبناء الوطن حتى لا نعطي الفرصة لمن يبحث عن وقود لآرائه وأفكاره وحتى نستطيع تنمية الشعور الوطني لدى هذه الفئة المهمة من فئات المجتمع.
فهل يتحقق ما ندعو إليه قبل فوات الأوان؟ الله أعلم..
|