في 24 اكتوبر من الشهر الحالي ستحتفل الأمم المتحدة بالعيد الخامس والعشرين لميلادها كمنظمة دولية تعمل لحفظ الأمن والسلام في العالم.
ودعا مستر نيكسون عدداً من ملوك ورؤساء الدول يقدر بخمسة وسبعين (75) لحضور الاحتفالات التي تقام بهذه المناسبة في نيويورك، وتوقع المطلعون على الأحداث والمقربون من المسؤولين في أروقة الأمم المتحدة أن محادثات ستجرى من خلال الاجتماعات التي ستتم بين الاقطاب المدعوين وذلك لوضع أسس قوية تبنى عليها اتفاقات لمعالجة الأحداث المستعجلة لتكون أجهزة الأمم المتحدة فعالة أكثر من أي وقت مضى.. ذلك أن التهديد بالتسلح النووي أصبح من الكلمات التي يسهل علكها في ألسنة بعض القادة الصغار في العالم عندما يتحدثون أمام جماهيرهم لاجتذاب الاعجاب أو لكسب أغلبية في الأصوات الانتخابية في الدول التي تتسلط فيها الأحكام الدكتاتورية، لان الناخبين عادة أو الاغلبية منهم يصرون على أن منطق القوة والتهديد بها يمثل أعلى مستوى في الكفاءة القيادية بل قد يتخيل البعض منهم أن صاحبها أو المنادي بمفهومها يملك الارادة السحرية لتوفير السلاح المحرم استعماله حتى على الدول التي تملكه أو أن عبقرية حكمه الفذة ستصعد المستوى التكنولوجي في بلاده إلى البدء من حيث انتهت احدى الدول العظمى الرائدة في هذا المجال.
وان كان دور الأمم المتحدة لا يزال تجاه الاحداث العالمية الراهنة استشاريا فقط ولم تصبح هذه المنظمة بعد مالكة للقوة الرادعة أمام أي مشكلة قائمة أو مستجدة.. فقد مثلها لورد بريطاني التقيت به- صدفة- في صالة فندق الكندرة قدم لزيارة المملكة قبل أربع سنوات على رأس وفد برلماني بريطاني (بأن الامم المتحدة لا تزال تنقصها الأسنان القاطعة كأنسان هرم) وأنا أخالفه في ذلك فلم تكن الأمم المتحدة في دور الشيخوخة.. فهي في نمو وتزداد الدول تكتلاً لميثاقها، بل ان الصحيح انها لازالت شابة وتزداد وزنا أكثر من أي وقت مضى ويجب فعلا أن يكون دورها النصح واصدار التوصيات لحث الأطراف المعنية في النزاعات الدولية على وقف الاستفزاز والامتناع عن التهديد بالقوة في كل أزمة سواء كانت اقليمية في حجمها أو عالمية في خطورتها.
فلا يزال ضمير الكافة في المجتمع الدولي يمثل قوة معنوية مهابة وكلما زادت المفاهيم الإنسانية نموا وارتفع مستوى الجماهير ادراكا من تجاربها المؤسفة التي خضعت الشعوب لها عن جهل أو ذل زادت حساسية هذا الضمير الإنساني وتفاعل عن وعي صادق مع الأحداث وزاد ادراكاً للأمور وتصدى مختاراً - لا مكرها- لمعالجة مشاكلها.
وعلى الذين يلومون الأمم المتحدة في اسلوب معالجتها للأحداث الخطيرة باتزان نسبي أن يعرضوا علاجا أنجع عن غير طريقها، وإذا كان الجواب هو ما يتوقعه كل واحد منا ينحصر في منطق القوة والارهاب بها فالرد على ذلك ميسور جداً.. فلن تكون الأمم المتحدة في مجموعها أقدر من دولة واحدة منفردة من أعضائها على حشد القوة الضاربة في العالم.. ولهذا نحيي هذه المنظمة العتيدة في عيدها الخامس والعشرين ونرجو لها مزيداً من البقاء كصمام للأمان الدولي.
|