شعرت بالفخر والاعتزاز.. وأنا أطوي صفحة الصيف..
شعرت بمزيج من السعادة والأمل وأنا أتصفح أخبار مراكز النشاط الطلابي الصيفي..
سعادةً بما تحقق.. وأملاً فيما سيتحقق..
تلك المراكز التي تقيمها عدة قطاعات معنية بتربية النشء على رأسها وزارة التربية والتعليم بقطاعيها «بنين- بنات»..
وتتضافر مع جهودها جهود مؤسسات تربوية أخرى أحست بمسؤوليتها فبادرت للقيام بواجبها..
فأثمرت مراكز تقيمها المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني..
وأخرى تقيمها الجامعات..
وثالثة تشرف عليها جمعيات تحفيظ القرآن الكريم..
ورابعة ترعاها الجمعيات الخيرية..
وخامسة تقيمها المدارس الأهلية..
وسادسة.. وسابعة فلله الحمد..
حقاً.. شعرت بالفخر والاعتزاز وأنا أجد وزارة التربية والتعليم وهي المعني الأول بمراكز النشاط الطلابي تدعم افتتاح قرابة 300 مركز.. وتسهم في افتتاح قرابة 300 مركز آخر ترعاها جهات أخرى..
هذا للبنين فقط.. وأرجو ألا يقل عن مثله للبنات..
وحقاً..
شعرت بالزهو والفرح يخالط السعادة..
لما أدركت أن هذه المراكز احتضنت بين جنباتها قرابة 000،200 شاب كان من الممكن أن تحتضنهم الشوارع.. أو تستهويهم الأسفار.. أو - لا قدر الله- توظفهم الأيدي الظالمة لترويج فكر منحرف.. أو تسويق سلوك شاذ.. أو قتل المجتمع بالمخدرات والمسكرات والفسق والمجون.
صحيح أن هذا العدد لم يصل إلى 10% من المستهدف.. وهو جميع الشباب في سن التعليم..
لكنه عدد رائع قياساً بعدم إلزامية المشاركة في هذه البرامج من جهة، وارتفاع كلفتها المادية والبشرية من جهة أخرى، وتوافق تنظيمها مع الإجازات والرحلات العائلية من جهة ثالثة..
ولذا.. فهي نسبة عالية تستحق الفخر والفرح..
ويزيدني فخراً وسعادة لما تأملت المراكز فوجدت القائمين عليها من مخرجاتها.. كدليل على أن المراكز ذاتها أو قدت في نفوس الشباب حرصاً على خدمة المجتمع وعلى التفاني في العطاء.. وعلى سعة الأفق في التخطيط للأنشطة وممارستها لتتواءم مع حاجات الشباب وتطلعات المجتمع..
تأملت في مثال واحد.. وقفت عنده.. ذلكم هو مركز النشاط الطلابي الصيفي بمتوسطة الملك سعود بالرياض..
يديره الأستاذ: عبدالعزيز القعيد.. شاب مقتدر.. منظم.. مبتسم.. متواصل مع المجتمع.. منفذ واعٍ لسياسات الوزارة.
كان هو نفسه أحد الطلاب المنتمين للمراكز قبل أكثر من عقد من الزمان.. ومنها هذا المركز.
ودار الزمان دورته حتى أصبح من المسؤولين الناجحين عن المركز.. ومثله الكثيرون.
تربوا في بيئة صالحة متوازنة..
ونشؤوا في مؤسسات يعرفها المجتمع.. وتعمل في النور لا في الخفاء.. وتكسب ثقة الآباء لا تخوفهم وقلقهم.. وتجتهد لتحفظ أبناء المجتمع في أشد فترات حياتهم حرجاً.. وأشد أوقات الفراغ خطورة..
هل رأيتم كيف هي برامجهم؟
إنها تحث على الفضيلة.. وتنمي المهارة.. وتغرس حب الإصلاح والتوجيه.. وتعرف بحقوق ولاة الأمر.. وتتواصل مع الآباء.. ومع مؤسسات المجتمع..
ألا يحق لي، ولكم، أن نفخر بهذه المخرجات الصالحة..
ألا يتوجب علينا عند هذا أن نشد أزر القائمين على هذه المراكز.. والذين قد لا يعلم البعض أن كثيرين منهم يكتفون بالمكافأة الإلهية.. فالاحتساب يدفعهم.. والإحساس بحاجة الأمة يحفزهم..
لكن..
بقدر ما أنا معجب بهذه الكفاءات من المشرفين الصالحين المؤتمنين في فكرهم ومنهجهم.. الذين نالوا ثقة الآباء كما نالوا ثقة المسؤولين.
فإنني أعجب «بفتح الألف» ممن يقدم سوء الظن على حسنه.. وكأنهم عثروا على فرصة للتشفي وإخراج ما في النفس من حقد أو حسد أو أثر لمواقف سلبية أو حتى لأخطاء بشرية مرت في حياتهم الشخصية.. وكأن مجتمعنا ملائكي لا يخطئ.. فيتناسى أولئك سيل الخير الحاصل بهذه المراكز إذا رأوا ما «قد» يحمله السيل من قذى.. وحاشا القائمين على المراكز أن يرضوا ببقاء «القذى»..
فهل أصبح الاستثناء هو القاعدة..
أم نضحي بالخير العظيم لأجل عيون المشككين؟...
عجباً لهم..
يستنكر أحدهم أن تفتتح جهة ما عدة مراكز بينما المخصص لها مركز واحد.. وكأنها وباء يضرنا انتشاره..
ويستغرب الآخر أن يشرف عليها من يظهر عليهم الصلاح.. وينسى أن المشاركة فيها واجب اجتماعي يجب أن يحسه الجميع..
ويأخذ الثالث على المراكز أنها تمارس الرحلات وتنظم المسابقات والمسرحيات الهادفة والأناشيد المبهجة التي تستهدف مع الترويج التذكير بالأمجاد والحث على مكارم الأخلاق.. وكأن الحل لكيلا تخطئ الأمة أن تبعد من قاموسها كل كلمة يمكن أن يساء فهمها وكل منشط يمكن للمخطئين ممارسة مثله.
إن من نعم المولى- جل وعز- أن ولاة الأمر حفظهم الله، ومسؤولي وزارة التربية والتعليم وغيرها من المؤسسات التربوية القائمة على هذه المناشط تدرك وبوعي ماذا يعني تحجيم هذه المراكز أو التقليل منها.. كما تدرك تماماً أهمية العناية ببرامجها ومشرفيها..
فالشباب طاقة جبارة ما لم تتح لها الفرصة لتعمل في النور، وتحت إشراف واعٍ فإن المتربصين بالأمة- وما أكثرهم- سيجدون هدية ثمينة تقدم على طبق من ذهب..
ليستثمروها..
ويوظفوها..
* ..
وبعد..
فلنرفع أكف الضراعة للمولى أن يجزي خيراً ولاة الأمر الذين دعموا هذه المناشط لما أدركوا ضرورتها..
وأن يجزي خيراً مسؤولي وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني والتدريب المهني وجمعيات التحفيظ والجمعيات الخيرية والمؤسسات الأهلية وكل من أسهم في توفير هذه المراكز ورعاها حق رعايتها..
وأن يجزي خيراً كل من أدار هذه المراكز وأشرف عليها بوعي وإخلاص مستشعراً حاجة الأمة، ومتحرياً الحكمة فيما يأتي أو يذر..
ولنُقبِّل جميعاً جباه هؤلاء الشباب فتقديرهم المعنوي أعظم من كل تقدير..
وإلى لقاء.
|