في صفحة 2 من مشروع القراءة للجميع، وأنا أسميه مشروعاً جوازاً، وقد قدمت الأدلة في الحلقات الخمس الماضية، نجد في هذه الصفحة الفكرة . ونقرأ في رقم «5»: «تدريب الأطفال والشباب على الاستخدام الواعي والمفيد للكتب والمكتبات ومصادر المعلومات المتوافرة»..
* إذا كان ذلك يتم في المناسبة المحددة الوقت والزمن، مرة في السنة، فإنه في تقديري لن يحقق شيئاً ذا بال، أما إذا كان خلال الإجازة السنوية الطويلة في الصيف، فإن ذلك يثمر إن شاء الله في القرى والملحقات. أما في المدن الكبرى، حيث المهرجانات والسياحة والبحار والطرب والسهر إلى الصباح، فلن يلتفت إلى الكتاب ولا إلى الثقافة أحد.. والنفوس تعلن انها في حاجة إلى الترويح وإلى الراحة واللعب والأكل إلخ.
* في رقم «7» من الفكرة، ص 2 ، تقول الكلمات: «تعويد الأطفال والشباب في سن مبكرة على التفكير ومناقشة ما يقرؤون مناقشة واعية دون القبول أو التسليم المطلق بالمادة المقدمة إليهم»..
* أعود إلى القول، إلى ان هذا تعبير إنشائي، بعيد كثيرا عن الواقع، لأن الطفل والشاب، كل منهما «خام» فمتى وكيف يتم التدريب، وكيف يغرس فيهما التفكير، وأنَّى لهما مناقشة ما يقرؤون، مناقشة واعية، من أين يأتي الوعي، وكما يقال: فاقد الشيء لا يعطيه، والطفولة لم تدخل حضانة ورياض أطفال مهيأة أحسن تهيئة، تتيح البدء في التعلم وممارسة القراءة، ويتاح لها ان تسأل لكي تفهم، وأنى لها المرانة والوعي، اللذين يمكنانها من التأمل الواعي والحوار، وليس تسليماً بما تسمع ولا القبول بالمادة المقدمة!؟
* إنني اقرأ هذه الكلمات، واتصور انني في حلم، لأن هذا التصور في مدارس رسمية هي المحصلة على مستوى طلبة وطالبات المدارس، أما على مستوى المجتمع ، كما تقول الكلمات التي ذكرت، فشيء كبير، وشيء كثير، أشك في جدواه، لأني أعيش عن قرب من الحياة المدرسية العامة. ولي أقارب من الجنسين في جدة والمدينة المنورة، أجلس إليهم وأحاورهم فيما يدرسون، وما حفظوا وما فهموا، غير ان النتائج لا تبشر بخير.!
* أسارع إلى القول، قبل ان يحسب عليّ ما قلت، ان ثم نوابغ وأذكياء، وهناك كذلك آباء وأمهات، حراص على نجاح أبنائهم بحق، ولهم متابعات مع الأبناء، ويوفرون لهم مناخ المذاكرة الجيد، ولا يتركونهم يضيعون أوقاتهم مع الفضائيات، ولا مع القرناء الذين يبددون أوقاتهم سدى.!
* نعم: هناك شرائح واعية، وغير غافلة عن تحصيل الأبناء ما يفيدهم خلال الأعوام الدراسية، لكن تلك الشرائح أقلية، ولو سئلت: كم تمثل تلك الفئة التي تؤدي واجبها نحو الأبناء في دراستهم، بالقياس إلى خمسة ملايين طالب وطالبة في التعليم العام والجامعي، لقلت انها قليلة وضئيلة جداً، والبقية حالها الله عليم به، وكذلك المدارس والجامعات وجملة من المدرسين الخ.
* أؤكد ان الملحقات، التي ليس فيها صخب حياة، وفي كثير منها نجد الأب يعمل في التعليم وكذلك الأم.. هؤلاء أبناؤهم ناجحون. أما المدن الكبرى، ذات الكثافة السكانية، فالتحصيل فيها محدود جدا، وذلك يرجع لتقصير البيت، والتكدس في المدارس، وانشغال الأبناء بتضييع الأوقات، وهلم جرا.!
|