لا تكف الدلائل تنكشف عن الأسباب الواهية التي شنت بموجبها الولايات المتحدة وبريطانيا حربهما ضد العراق..
ولعل الحقائق الجديدة التي أدلى بها موظف الاستخبارات الأمريكي ديفيد كاي عن عدم وجود أسلحة دمار شامل في العراق من شأنها ابعاد عنصر الأسلحة كمبرر لشن الحرب ومن ثم التعجيل بإنهاء هذا الاحتلال طالما انتفت الأسباب الرئيسية له.
ومع ذلك فإن السيد كاي لم ينس دوره كمسؤول أمريكي ينبغي له أن يتجاوب مع بعض مقتضيات الوظيفة التي تستلزم أيضا أن يجد المبررات لاستمرار الوجود الأمريكي عنده قال إن هناك أدلة على أن العراق قد أخفى أسلحة الدمار الشامل وأن الأمر يستوجب ربما مائة عام للتفتيش عن ذلك.. وفي مثل هذا التصريح إشارة واضحة إلى ضرورة إبقاء القوات لوقت أطول في العراق..
ولو فضلت الولايات المتحدة النظر إلى الشأن العراقي وفق منظارها فقط فإنها سوف لا تلقي بالاً للرأي العام الدولي بهذا الشأن، فالعالم كله بات منذ فترة طويلة بل منذ مهمة هانز بليكس مقتنعاً بأن مسألة أسلحة الدمار لم تعد مقنعة، وان استمرار الوجود الأمريكي في العراق لا مبرر له، بل انه يثير من التوتر ما يهدد باندلاع أزمات أكبر وأكبر. ولا تقتصر التعليقات على هذا الأمر على العالم الخارجي أو على الشارع الأمريكي الذي يبدي انتقاداً مستمراً للمهمة الأمريكية في العراق، بل ان اللغط يزداد داخل دوائر القرار الأمريكي حيث تتردد الانتقادات داخل الكونجرس وبين مختلف المستويات، وبهذا الصدد قال أبرز المرشحين للرئاسة الأمريكية الجنرال ويسلي كلارك انه لم تكن هناك ضرورة لقرار الحرب وان إدارة بوش تتعامل مع المسألة بشكل عكسي فهي تبدأ بالحل ثم توجد له مشكلة وتتلاعب بالحقائق لتناسب الوضع.
ومن المهم جداً مواجهة الحقائق كما هي والتعجيل باستكمال مقومات الاستقرار الدستوري العراقي وترك العراقيين يواجهون أمورهم بدلا من الغوص أكثر في المستنقع بالدرجة التي تجعل الخروج منه مسألة بالغة الصعوبة.
|