من النَّاس من يقدِّم لك شيئاً فتشكره...
ومنهم من يعلِّمك شيئاً فتشكره...
وهناك من يأخذ عنك كتلة ألمٍ في صدرك... فتشكره...
ومن يزيل عن عينيك حاجزاً فتشكره...
وآخر... وآخر...
تجد نفسك في موقف الشُّكر...، لأنَّ من يقدِّم لك معروفاً،
أو خيراً، أو فرحة، يستحقُّ الشُّكر...، ومن يعلِّمك أمراً كنت تجهله على اختلاف ما تجهل يستحقُّ أيضاً الشُّكر...
ومن يواسيك في لحظات كربك، وحزنك، وفجيعتك، وخوفك ليس له إلاَّ الشُّكر...، ومن يكون قائدك إلى ما وراء... حواجز غفلتك، أو ثقتك، أو حسن ظنِّك له الشُّكر...
والشُّكر مدعاةٌ للزِّيادة...
تبذل المال، والحب، والوفاء، والعطاء، والثَّناء، والإيثار
لكلِّ من يعطيك، ويأخذ عنك، ويعلِّمك، ويكشف لك، ويواسيك...
كما أنَّ الشُّكر وسيلة للوفاء...
تفي صدْقاً، وبذلاً، ودفاعاً، وعطاءً روحياً، ووجدانياً، بل فكريَّاً لكلِّ من يستحقُّ شكرك...
والشُّكر في البدء، والنِّهاية، تعبير عن الرِّضاء، والامتنان، والاعتراف، والوفاء، والصِّدق، والتَّبادل، والتَّقدير، في مواقف الإنسان مع الآخر...
والشُّكر ليس من قَبْل، ولا من بعد، إلاَّ للَّه تعالى وحده، الذي قدَّرك على أن تشعر بحاجتك للشُّكر، وأن تكون في موقف الوفاء بالشُّكر.
وهناك غير الإنسان من يستحقُّ شكرك... إذ تتعدَّد عليك لحظات الإحساس، بأنَّ ثمَّة ما يحتاج إلى شكرك، حتى إنْ كان قلمك الذي استعجلته أمر الكتابة لك، فما خانك، في تلك اللَّحظة بفراغه من المداد،
أو هاتفك الَّذي اضَّطررت لاستخدامه، في لحظةٍ ما، فما منعك عن الوصول إلى وجهتك، لتعثُّرٍ ما...،
أنت كلَّما كنت نقيَّاً من داخلك...
عرفت الشُّكر... وقدرت عليه...
فجميلٌ أن تقرأ مبادرات العطاء أيَّاً كانت، وممَّن تكون، فتشكر...
و... إنَّ:
أعمق، وأكثر، وأصعب مواقف الشُّكر منك... للآخر هي:
حين يمنحك هذا الآخر، فرصة أن تعرفه معرفة تامَّة، لا حُجبَ تقصيك بها عن سبر هذا الآخر، فتشكره...، وأنت تودِّعه... تبتعد عنه... تفقده...!
ذلك لأنَّ مواقف الشُّكر تجمع، وتقرِّب، وتزيد الأواصر التحاماً، والنَّاس تعارفاً، وانسجاماً...
إلاَّ منهم من تكتشف أنَّه ليس لك ذلك الذي وضعت فيه الثِّقة إذ خانها، وحفظته فاغتابك، ومنحته الصِّدق، فأنكره، وتلوَّن عليك فجهلته...، فكيف إن جاءتك لحظة يقدِّم فيها نفسه عارية أمامك، ويكشف لك في تلك اللَّحظة عن قدرتك على التَّعرُّف عليه؟ أفلا تشكره؟ وأنت تودِّعه؟
تلك لحظة الفقْد الوحيدة التي تستحقُّ الشُّكر!!.
فكمْ مررت بمثل هذه اللَّحظة قارئي العزيز؟؟!...
|