* كتب ستيفن ناركر، مدير الأبحاث للعميل الخاص في ميريل لينش:
استراحت أسواق السندات طويلة الاجل في المدة الأخيرة بعد التدهور الذي عانته في الربيع واوائل الصيف. فقد وصلت معدلات الفائدة على السندات التي تستحق في عشر سنوات الى 3 ،4% آتية من 1 ،3% بلغتها في منتصف حزيران «يونيو» ولكن هي الان ادنى من القمة التي وصلت اليها في مطلع ايلول/ سبتمبر.ويلاحظ طام سوانيكه كبير مخططي السندات العالميين في شركة ميريل لينش، ان الاوراق ذات الاجل القصير «سنتان او اقل» هي واضحة المعالم. فمن المتوقع ان يحافظ مجلس الاحتياط الاتحادي «المصرف المركزي الأمريكي» على معدلات الأموال الاتحادية، حيث هي فترة من الزمن، لكن مستقبل الاوراق طويلة الاجل تبقى امداً أكثر تعقيداً.ثمة عدد من العوامل تدفع بمعدلات الفائدة طويلة الاجل الى اعلى، احدها العجز بالموازنة، الذي يتفاقم يوماً بعد يوم حيث يتوقع ان يبلغ العجز 400 بليون دولار في السنة المالية الحالية و600 بليون دولار «اي 3 ،5% من الناتج المحلي الاجمالي» في السنة المالية المنتهية في عام 2004. والعامل الثاني هو الحاجة الى تمويل العجز في الميزان التجاري: هذا وحده يتطلب 5 ،1 بليون دولار يوميا من الأموال الجديدة، وفي الوقت نفسه، ان « العجز المزدوج» في الموازنة والميزان التجاري من شأنهما احداث ضغط على الدولار. ان تدني الدولار بدوره يعني الحاجة الى رفع معدلات الفائدة من اجل جعل الديون المتوقعة بالدولار أكثر جاذبية للمستثمرين غير الأمريكيين.فبناء على هذه الخلفية، يحضرنا السؤال التالي: الى أي مدى يمكن ان ترتفع معدلات الفائدة، اذا القينا نظرة على التاريخ لتوفّر لنا شيئاً من ملامح ذلك، فمنذ 1982 ارتفع المردود على سندات الخزينة التي تستحق في 10 سنوات، في 5 مرات متفرقة، حدوداً فاقت ما يجري حالياً. وقد بلغ الارتفاع في المتوسط 5 ،2 النقطة أي ما بين 5 ،1 و7 ،3%. وهذا يعني ارتفاعا وسطاً يضع مردود سندات العشر سنوات حوالي 8 ،5%، وفي رأي خبيرنا طام سوانيكه، هناك امكانية عالية ان يصل مردود اصدارات العشر سنوات الى 6%. وتتوقف النتجية على عدد من العوامل تشمل فترة الزمن الذي يمكن ان تبقى فيه الاحوال الفدرالية في مراكز الـ1% ورغبة المستثمرين غير الامريكيين في تمويل العجز المزدوج.
استناداً الى ما تقدم كيف يمكن ان يقارب المستثمرون حقائبهم التي تتكون من ادوات الدخل الثابت؟ نرى ان عليهم ان يصبحوا اكثر تحفظا فيما يتعلق بركوب المخاطر، فيبيعون إصدارات تستحق في 10 سنوات او ابعد ويشترون اصدارات قصيرة الاجل.
كما يمكننا ان نقوم بتصفية سندات حكومية ونوظف ثمنها بسندات الشركات التي تستفيد من الانتعاش الاقتصادي. ينبغي ان نكون حذرين بالنسبة الى اصدارات الشركات المالية، حيث معدلات الفائدة المرتفعة يمكنها ان تقلص الارباح.
حان لسوق الاسهم ان تستريح مع ان الاتجاه الرئيسي يبدو ايجابياً. ان السجل التاريخي يُفيد ان السنة التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأمريكية والسنة التي تحصل فيها يمكن ان تنتج ارباحاً في أسواق الأسهم، لكن العامل الأهم هو ان ارقام الناتج المحلي الاجمالي وارقام الارباح، سواء كانت ضعيفة او لم تكن هي مرشحة ان تبقى ايجابية.
الدولار واليورو والين
فاجأ وزراء المال في مجموعة الدول السبع المستثمرين بدعوتهم الى اعتماد أسعار صرف للعملات «أكثر ليونة».. وقد فسّر المتعاملون ذلك بأنه تأييد لدولار ضعيف ازاء اليورو والين الياباني والرينميبي الصيني، فنتج عن ذلك هبة من النشاط في اسواق القطع واوراق الدخل الثابت واسواق الاسهم حول العالم. فأي اثر سيكون لدولار ضعيف على النشاط الاقتصادي واسواق المال في الاشهر القادمة وما ينتظر المتمولين من الفرص الاستثمارية؟
اولاً: على المستثمرين ان يتذكروا ان تحرك العملات يأخذ وقتاً طويلاً وان ضعف العملة الامريكية ليس امرا جديدا، فقد ابتدأ الدولار بالهبوط منذ مطلع 2002 وهو الان نحو 8% تحت القمة التي كان قد بلغها على أساس سلة من العملات، ان المحللين لسوق العملات بميريل لينش يتوقعون ان يضعف الدولار أكثر ليصل اليورو الى 33 ،1 دولار في اواخر السنة القادمة مرتفعا من السعر الحالي الذي يتمحور الآن حول 16 ،1 وان يصل الدولار بالنسبة الى الين 98 متدنيا في سعره الحالي البالغ 112 يناً.
ما يمكن ان يكون تأثير الدولار الضعيف على اقتصاد الولايات المتحدة؟ بكلمة واحدة، ليس كبيراً تكاد التجارة الخارجية ألا تشكل أكثر من 10% من الناتج المحلي الاجمالي الامريكي. فهذه ليست نسبة فائقة تكفي لتؤثر في وجهات النمو «الى فوق» او بالتضخم «الى تحت» الذي نتوقع ألا تتغير كثيراً في القريب. اضف الى ذلك، ان العملات حسبما يفيد التاريخ، لا تؤثر في تقلباتها الى حد كبير على سياسة مجلس الاحتياطي الاتحادي. لكن من شأن الدولار الضعيف ان يجعل الصعوبة بمكان جذب الرأسمال الاجنبي الضروري لتمويل العجز المزدوج الامريكي على الصعيدين المالي والتجارة الخارجية. وعلى وجه العموم، ان ضعف الدولار يمكن ان يرفع الفائدة الحقيقية الى اعلى. لكن من الجهة الايجابية يمكن ان يُحسن المركز التنافسي للشركات التي لها مكان مهم في الاقتصادات الاجنبية والتي من شأن عملاتها ان تزداد قوة.
يمكن ان يكون لضعف الدولار اثر اكبر في الخارج مما له في الداخل، لانه يمكن ان يؤدي الى ابعاد اخطار نزول الاسعار عن الولايات المتحدة صوب غيرها من البلدان فيجعل من الصعب على المنتوجات المستوردة ان تنافس البضائع الأمريكية. علاوة على ذلك، ان مدى أي تغيير تولده العملات يتوقف على الدور الذي تلعبه التجارة الخارجية في اقتصادها وعلى ما تكون عليه الاحوال في ذلك الوقت.
ففي اوروبا مثلاً من شأن ارتفاع اليورو ضد الدولار ان يضغط أكثر على اقتصادات هي في الواقع ضعيفة. وهذا قد يُترجم بنشاط اقتصادي أكثر بطئاً وتضخماً ادنى ومعدلات للفائدة أكثر انخفاضاً مما كان يمكن ان تكون عليه الحال في غياب ارتفاع اليورو. أما في آسيا «ماعدا اليابان»، فالقوة في العملات المحلية ضد الدولار قد تضعف على الارجح، لكن لا تحطم النمو الحالي، الذي هو قائم بقوة.
ما يمكن ان يفعله المستمر؟ هو ان يفكر التوظيف بأسهم الشركات التي يمكن ان تستفيد من آثار تحويل العملات خاصة في قطاعات الطاقة والمواد الاستهلاكية ومواد العناية الصحية التي نحبذها كما على المستثمرين العالميين ان يتفحصوا آسيا، حيث الاتجاه هو نحو الضخ النقدي الذي يسير على قدم وساق، فالأحوال الاقتصادية هناك هي في تصاعد ومعدلات الفائدة قد تنخفض ويرجح ان يحصل تحسن مطرد في مستقبل أسواق الأسهم.
|