* ليس مثل (الوهم) تيهاً وضلالا في حياة البشر؛ وليس مثل (التوهيم)؛ جرماً يرتكب في حق أناس لا ذنب لهم؛ إلا أنهم أصبحوا بين يوم وليلة؛ في (مصايد الوهم)؛ تلك التي ينصبها عادة خبثاء، أو جهلاء أغبياء، أو أصحاب هوى ومغرضون منتفعون؛ يرتزقون بما يحبكون من شباك ينصبونها لغيرهم من الناس.
* إن عمل مثل هؤلاء البشر؛ هو تغييب للوقائع؛ وطمس للحقائق؛ وصدام مع المصداقية المفترضة التي تنصر الحق؛ وتدعم الحقيقة.
* على المستوى الفردي؛ يظل الضرر في محيط ضيق نوعاً ما؛ أما إذا تعلق الأمر بقيادة عامة تعنى بمصالح أمة؛ فهنا تكمن الخطورة، ويعظم الخطر.
* إن أكثر الناس اقترافاً لهذا الجرم في الحق العام؛ في عصرنا هذا؛ هو بعض المحسوبين على بلاط (صاحبة الجلالة)؛ من أولئك الذين لا يحترمون شرف المهنة؛ ولا يقدرون رسالتها الجليلة، فنراهم يحترفون التزييف والكذب، ويمارسون التدليس والتوهيم، من أجل منافقة رؤساء أو مسئولين لهم بهم صلة، أو استعطاف جهة لهم بها شأن، وهم بفعلهم هذا؛ يخلقون (مناطق وهم) خطيرة؛ لكثير من المسئولين؛ الذين يطمحون في تقديم خدمة أفضل من خلال مواقعهم، ولكنهم سرعان ما يقعون ضحايا مدلسين مداحين نفاخين؛ من بعض حملة الأقلام في الصحافة والإعلام، فلا يرون أبعد من خطوط دائرة الوهم؛ التي رسمها لهم هذا الصحيفي؛ أو ذاك الكويتب، وقد يظن بعض هؤلاء الكتبة؛ أنهم يحسنون صنعاً بما يفعلون؛ في حين أنهم يلحقون ضرراً كبيراً بالصالح العام، ويوقعون الأذى بهذا المسئول أو ذاك، بعلم منهم أو بدون علم.
* سوف أضرب مثلين لحدثين من محافظة الطائف، وقعا مؤخراً، ومثلهما يتكرر كل يوم هنا أو هناك في المحافظات ال(103) على مستوى المملكة. ففي أحد الأيام الماضية؛ تعرض سائح سعودي وأسرته؛ إلى حادث اعتداء وطعن من (نادل) داخل متنزه خاص شهير؛ وعندما تدخلت الجهات الأمنية؛ ثبت أن معظم (النوادل) في هذا المرفق؛ هم من عمالة أجنبية متخلفة، تسكن متخفية في الكهوف والجبال، وقد درج هذا المتنزه وغيره؛ على تشغيل مثل هؤلاء العمال المخالفين للإقامة؛ وذلك لرخص أجورهم، فلا اعتبار عند صاحبه للأمور النظامية، ولا تفهم للظروف الصحية، ولا امتثال لبرامج السعودة..!!
* وعندما تدخلت جهات مختصة بالمحاسبة والتغريم ضد إدارة المتنزه؛ فوجئنا في اليوم التالي؛ بنشرة (تلميعية تبييضية)؛ صادرة من علاقات بلدية الطائف؛ تمجد في المتنزه؛ وتمتدح إدارته، وتثني على جهودها في (السعودة)...! وتحمل تصريحات لرئيس البلدية في هذا الخصوص...؟!
نحن في جريدة (الجزيرة)؛ رفضنا هذا الأسلوب واستهجناه؛ لكن صحيفة يعمل بها موظف العلاقات ذاك، الذي يدبج عادة؛ مثل هذه المدائحيات الرخيصة؛ نشرت هذه النشرة التدليسية المضللة؛ وسط استغراب ودهشة جميع الناس الذين يعرفون حقائق الأمور.. وهذه في الحقيقة؛ مصيدة لتوهيم المسئولين والمواطنين على حد سواء.
* وفي جانب آخر؛ يعمد موظف علاقات البلدية نفسه؛ إلى توزيع منشور وهمي مفضوح؛ منصباً نفسه ممثلا للمحافظة وإدارة التنشيط السياحي... انظروا مضمون هذا المنشور العجيب الذي وصلنا في (الجزيرة) فاستهجناه كذلك؛ ورفضنا نشره: (12 ألف سعودي تم استيعابهم في كافة القطاعات السياحية بالطائف، منهم: 1300 شاب في 8 متنزهات كبيرة، أي بمعدل 163 شاباً في كل متنزه 1850 شاباً في الخدمات الترفيهية في ثلاث مدن ترفيهية؛ أي بمعدل 617 شاباً في كل مدينة 1100 شاب؛ في ثلاثة منتجعات سياحية؛ أي بمعدل 370 شاباً في الواحدة 1620 شاباً في تنظيم المهرجانات 2200 شاب؛ في الأسواق والمتاجر 3000 شاب؛ لحسابهم الخاص)....!!!
* هل يوجد مبالغة تفوق هذا الوارد في التفصيل أعلاه..؟! فلو افترضنا أن إدارة التنشيط السياحي بالطائف؛ نجحت في إقناع كافة المستثمرين في تشغيل شباب سعوديين مكان غير السعوديين؛ حتى في التنظيف والطبيخ ومادنا من الأعمال؛ فإن أكبر متنزه أو قرية سياحية في الطائف؛ لن تستوعب أكثر من عشرات من الشبان..! وأن حضور ورواد مهرجان سياحي واحد؛ لا يتعدى العشرات؛ فكيف يفوق عدد المنظمين عدد الزوار بمرات كثيرة..؟! إنه خيال واسع؛ تتطلبه صنعة (التوهيم) العجيبة..! فهذا هو عدد المنظمين في تلك (النشرة) البائسة؛ وصل إلى (1620) شاباً...!! ثم لنترك جانباً؛ أمر ال(3000) شاب، الذين هم (لحسابهم الخاص)؛ والمجهول بطبيعة الحال..؟!!
* كل هذه الأرقام؛ تصدر في نشرة إحصائية توزع (رسمياً) على الصحف؛ ثم تنشر عند البعض دون تمعن أو تمحيص؛ ويقابلها بيان من مكتب العمل؛ يشير إلى أن الوظائف المرصودة فقط (1000) وظيفة..! ولم يقل المشغولة..؟! وفي وقت لا يوجد أي شاب سعودي (نادل) في متنزه واحد؛ وجل السعوديين في مثل هذه المتنزهات؛ هم في مكاتب الاستقبال؛ ولا يزيد عددهم عن عدد أصابع اليد الواحدة أو الاثنتين على أكثر تقدير؛ مثلما رأينا بأم أعيننا داخلها..!
* هذه (منطقة وهمية) جديدة؛ أو هي مصيدة في طريق (عربة السعودة)؛ ينصبها من يظنون أنهم بفعالهم هذه؛ يرضون المسئولين والمواطنين على حد سواء، ونسوا أن المسئولين النابهين المخلصين؛ لا يقبلون مثل هذه المبالغات الفجة؛ وأن المواطنين قد بلغوا سن الرشد، فلم تعد تنطلي عليهم توهيمات الموهمين. فقد هاتفني مواطن متابع؛ قرأ في إحدى الصحف الزميلة ما كتبه أحد الزملاء حول هذا الموضوع قائلا: (مبروك عليكم.. لم يعد في الطائف طالب عمل ولا شاب عاطل، فلماذا لا تصدرون تجربتكم في السعودة؛ إلى محافظات المملكة ال(103)؛ عندها سوف يتمكن (000 ،224،1) مواطن، من الحصول على عمل شريف في القطاع الخاص، وبذلك يتخلص شبابنا، من شبح البطالة الذي يطاردهم ليل نهار..؟!!
* يكتب بعضهم هذه المبالغات؛ وقد يصدقها هو نفسه بعد ذلك؛ ثم يتمادى في إيهام المسئولين في القطاعين العام والخاص؛ وقد يصدقه بعض المسئولين وبعض المواطنين؛ وقد يحتار البعض الآخر؛ ولكني على ثقة تامة، أن في الدولة بقطاعيها العام والخاص؛ من يدرك مثل هذه الأساليب؛ التي يمررها البعض من خلال الصحافة؛ لتضليل الناس؛ وتزييف الحقائق، فيستهجنها ويرفضها، وأن معالي محافظ الطائف؛ الأستاذ (فهد بن عبدالعزيز بن معمّر)؛ بما عرف عنه من صدق في القول؛ وجد في العمل؛ سوف يحول دون تكرار مثل هذا الذي يشوه جهوده الحثيثة؛ للنهوض بالطائف، وإنجاح كافة برامجها التطويرية، ومنها برنامج السعودة، المجني عليه صحافياً بصورة عملية من بعض المنتفعين. وكذلك المهندس (محمد بن عبدالرحمن المخرج)؛ رئيس البلدية؛ الذي لا يرضى - بكل تأكيد أن يمتهن اسمه؛ أو يساء إلى إدارته بهذا الشكل الذي رأينا؛ في حين أن البلدية؛ هي في مقدمة المعنيين إيجاباً أو سلباً في هذا الموضوع بالذات؛ وهي الضحية دائماً؛ في مواضيع أخرى شبيهة كثيرة سبقته.
* قيل ل(نابليون)؛ بعد أن فرغ من حروبه في مصر: ماذا تنوي عمله حال عودتك إلى فرنسا...؟ قال: سوف أقوم بقطع ألسنة جميع الصحافيين هناك..!
* ترى.. ماذا فعل الصحافيون في تلك الفترة، حتى استوجبوا هذا العقاب الرادع..؟!
fax: 027361552
|