أدلى معالي وزير العدل الشيخ محمد الحركان بحديث لصحيفة الحياة اللبنانية نشرته في عدد الصادر برقم 7735 وتاريخ 7 الجاري، وقد تناول معالي الوزير في حديثه النشاطات التي تقوم بها الوزارة وشؤون القضاء في المملكة وأصول تنظيم وتوزيع مسؤوليات المحاكم ويسرنا ان نورد أهم ما جاء في الحديث حيث أجاب معاليه على سؤال مراسل الصحيفة بقوله: ان وزارة العدف في المملكة ليست جديدة كليا فقد انشئت لتحل محل رئاسة القضاة سابقا، التي حققت الكثير من المشاريع النافعة للقضاء في المملكة. وقال: إن هذه الوزارة تلاقي كل ما تدعو الحاجة إليه لرفع مستوى القضاء المرجع الوحيد لجميع الشؤون في هذه المملكة، والذي هو بمثابة دستور للبلاد، باعتبار ان جميع القضايا والمشاكل تحال إلى المحاكم الشرعية وهي التي تتولى البت فيها طبقا للأحكام الشرعية فلا فرق في ذلك بين الحقوق الشخصية والحقوق المدنية والحقوق الجنائية. وتابع الشيخ الحركان حديثه قائلاً: «ينتقدوننا في الخارج: لماذا نقتل القاتل ولماذا نقطع يد السارق؟ الجواب على هذا السؤال او النقد واضح جدا وهو ان شريعتنا الإسلامية تنص على هذه الأحكام السماوية، ولو استعرضنا ما يجري من تنفيذ الاحكام في هذا المجال فإننا لنجد انه يمضي في أكثر الأوقات حوالي سنة لا يقع أي حادث يستدعي تنفيذ مثل هذه الأحكام.. وقال أيضاً: إذا قارنا ما يجري في بلدنا مستعرضين الحوادث الكبيرة التي تقع في العديد من دول العالم، ولا سيما في الدول الغربية، فإننا لنجد عشرات الجرائم والحوادث تقع في كل يوم والسبب في ذلك عدم تنفيذ القانون في هذه البلدان، فلو طبقت الدول العربية والاسلامية مبادئ الشرع الإسلامي المستمدة من دستورنا «القرآن الكريم» على مفتعلي هذه الجرائم لخفت هذه الحوادث.. أو اختفت كليا.
وتحدث الشيخ الحركان عن درجات المحاكم في المملكة فقال انها تقوم على خمس درجات وهي: أولاً: المحاكم الجزائية وتسمى في المملكة المحاكم المستعجلة وهي تنظر في قضايا الجنح والتعزيزات التي لا تصل إلى درجة اقامة الحدود الشرعية كالقتل والقطع والرجم وما اشبه ذلك.
ثانياً: المحاكم المنفردة وتوجد هذه المحاكم في المدن الصغيرة وفي القرى وتنظر في جميع القضايا التي تجري او تقع في القرى والمدن الموجودة فيها. ثالثا: المحاكم الكبرى، وتوجد في المدن الكبرى كالرياض ومكة وجدة والمدينة المنورة والطائف والدمام والاحساء وهي تنظر في جميع القضايا الحقوقية مهما بلغت نسبتها ويشترك قضاة هذه المحاكم الكبرى مع رئيسهم في النظر بالقضايا المهمة كالقتل والقطع وما اشبه ذلك ويجب ان يكون قرار الحكم فيها مشتركا. رابعاً: المحاكم التمييزية وترفع لهذه المحاكم جميع الاحكام الصادرة من المحاكم على اختلاف درجاتها للنظر فيها وتدقيقها طبق الاصول والقواعد الشرعية فإذا كان لديها ملاحظات على تلك الاحكام وضعت ملاحظاتها واعادت الحكم إلى المحكمة الصادر عنها الحكم لاعادة النظر في الحكم على ضوء تلك الملاحظات، أما إذا كان الحكم قد خالف نصا من كتاب أو سنة او اجماع فإنها تتخذ قرارا ينقض الحكم ثم تعيده إلى المحكمة الصادر عنها ذلك الحكم ليجري الشرح على هامش السجل لنقض الحكم المذكور ومن ثم اعادته إلى المحاكمة على طبق الوجه الشرعي. خامسا: الهيئة القضائية العليا وهذه الهيئة تنظر في القضايا التي يجري الاختلاف عليها فيما بين قضاة المحاكم ومحاكم التمييز أو التي يختلف فيها أعضاء محاكم التمييز فيرى بعضهم فيها عدم صحة الحكم بينما يرى البعض الآخر صحته وفي هذه الحالة ترفع القضية إلى الهيئة القضائية العليا لدراسة الحكم وما دار حوله من مناقشات وتعطى الرأي الأخير للقضية هذا الرأي الذي سيكون نهائياً وحاسما للنزاع.
استقلال القضاء
وقال إن الوزارة تقوم الآن بدراسة مشروع لإعطاء القضاء في المملكة استقلاله وتشكيل مجلس القضاء الأعلى الذي يحل محل الهيئة القضائية العليا، كما شكلت لجان متخصة لدراسة الاصلاح الاداري وايجاد نظم جديدة لهذا الجهاز وان جميع هذه المشاريع ستعرض للمناقشة قريبا ولرصد الاعتمادات اللازمة لها، وكانت وزارة التجارة في المملكة قد اصدرت خلال الشهر الماضي قرارا يقضي بمنع المحامين غير السعوديين من مزاولة مهنة المحاماة في المملكة وقد سألنا الشيخ الحركان عن أهداف هذا القرار فقال: هناك نظام ينص على انه لا يسمح لغير السعوديين بمزاولة مهنة المحاماة وهذا النظام ساري المفعول في المملكة ومصدق من قبل المراجع العليا منذ عام 1372هـ اي منذ 18 سنة كما ان هناك شروطا نص عليها هذا النظام لابد من توافرها في كل من يزاول هذه المهنة ومن لم تتوفر فيه هذه الشروط فلا تمنح له الرخصة بمزاولة العمل ومن هذه الشروط ان لا يقل عمر طالب المهنة عن 21 سنة وان يكون حسن السيرة والسلوك وان يكون من رعايا المملكة العربية السعودية ومن حملة الشهادة العالية او يكون ممن مارس أعمال القضاء أو حصل على شهادة التدريس. وقال: إنه يوجد في المملكة عدد كاف من المحامين السعوديين المتمرنين وهم يتولون تحرير الدعاوى وانهاءها وعمل الوارثات وتقديم الدعاوى إلى المحكمة، وعلى ضوء ذلك تقوم المحكمة بالنظر في الوجه الشرعي وفي ذلك تسهيل كبير لمهمة المحكمة والاجراءات القانونية.
وسئل الشيخ الحركان عن المكاتب الاستشارية الموجودة في المملكة. فقال: إنه يوجد في المملكة ولاسيما في المدن الكبيرة مكاتب استشارية بعضها للرعاية السعوديين والبعض الآخر لغير السعوديين وهذه المكاتب تعطى لها تراخيص من قبل وزارة التجارة ومن حق غير السعودي مزاولة هذه الأمور الاستشارية لأنه غير محظور عليه ممارسة هذا العمل اما اذا اراد الترافع امام المحاكم فلابد ان يكون لديه في المكتب شخص سعودي يحمل رخصة مزاولة مهنة المحاماة ليقوم بتولي المرافعة أمام المحاكم الشرعية والهيئات القضائية.
|