اقتصاديات الوقت مصطلح مألوف في الأدبيات الاقتصادية والاهتمام بموضوعه في ازدياد مستمر. ومظاهر اهتمام الاقتصاديين بهذا الموضوع متعددة. فالتحليل الاقتصادي يعتمد الوقت. ويتمثل هذا في النوع المعروف باسم التحليل الحركي. إنه تحليل يعتمد الوقت وهذا مقابل التحليل السكوني الذي لا يعتمد الوقت. والتقدم التقني موضوع آخر يجري الاقتصاديون التحليل فيه عبر الوقت. بل نستطيع القول إن اقتصاديات الوقت أعمق من هذين المثالين المذكورين، والأدبيات الاقتصادية ترقى به أن يكون فرعاً رئيساً في الدراسات الاقتصادية.
ولعل تطبيقات اقتصاديات الوقت الواسعة تظهر في الأدبيات الاقتصادية عن التقدم والتخلف. إن من العوامل الفاصلة بين مجتمعات تقدمت ومجتمعات لاتزال ترسف في أغلال التخلف، عامل اقتصاديات الوقت. وفي الشريعة الإسلامية فإن الصلاة وهي تشكل عقلية المسلم تدخل ضمن التشكيل التربوي الذي يحدد بداية يوم العمل ونهايته. وعلى هذا يصبح من مقاصد الصلاة تربية المسلم على أن يتعامل مع الوقت على أن هناك بداية ليوم العمل وهناك نهاية له. ومن هنا جاء التوجيه القرآني مبيناً أن النهار للعمل والسعي والجد، والليل للهدوء والسكينة والراحة.
وعليه، يمكن تلمس عناصر رئيسية تربط بين الصلاة وأهمية الوقت وتنظيمه، من خلال: التخطيط العام للاستفادة من الوقت، وتحديد بداية يوم العمل ونهايته، ليتلاءم مع البيئة المحيطة بالإنسان، واليقظة التامة لاستقبال الوقت ومروره وانتهائه، وإعطاء درجة أهمية لجزئيات الوقت بحيث يترجم ذلك أهمية العمل، والتخطيط لوقت الفراغ، وهو ما يسمى في الأدبيات المعاصرة اقتصاديات الفراغ، وأهمية العمل الاقتصادي والتخطيط له في إطار العبادات المشروعة. وهكذا نجد في جانب المعاملات وأحكام الزواج والنساء والعدد والكفارات والحدود والزكاة والحج...، عناية خاصة بالوقت واقتصادياته..
من هنا نرى أنه آن الأوان الآن لأن نهتم باقتصاديات الوقت في حياتنا؟؟؟...
والله من وراء القصد....
|