الحرب الوقائية تقلص طموح بوش

لم يكن من بد لواشنطن إلا الاعتراف بعدم وجود أسلحة دمار شامل في العراق، فبعد جهود مكثفة لفريق تفتيش أمريكي بريطاني استخباراتي علمي من ألف وأربعمائة خبير يقودهم رجل المخابرات المتخصص ديفيد كاي، الذي أقر في شهادة له أمام لجنتي المخابرات في مجلس الشيوخ والنواب الأمريكيين، انه وفريقه لم يعثروا على أي سلاح يمكن أن يصنف كأحد أسلحة الدمار الشامل في العراق، وأرفق الخبير الاستخباراتي ديفيد كاي شهادته بوثيقة تقع في 13 صفحة، جاء فيها: «لم نعثر بعد على مخزونات أسلحة دمار شامل لكننا لم نصل بعد إلى النقطة التي يمكن معها أن نجزم بصورة نهائية أن مثل هذه الأسلحة ومخزوناتها موجودة أو كانت موجودة قبل الحرب».
هذه الشهادة التي جاءت بعد أن فتش الخبراء الأمريكيون والبريطانيون الأراضي العراقية وبحرية تامة، إذ تم التفتيش وكما هو معروف والعراق تحت الاحتلال الأمريكي البريطاني، ومع هذا لم يعثر على أي دليل بوجود هذه الأسلحة التي كانت أحد أهم الأسباب التي دفعت واشنطن ولندن شن حرب على العراق، وهذا ما دفع أعضاء من الحزب الديموقراطي الأمريكي في مجلس الشيوخ إلى القول إن العجز حتى الآن في العثور على أسلحة الدمار الشامل في العراق يطرح أسئلة جدية حول شرعية الحرب «الوقائية» التي شنتها إدارة بوش على العراق.
السناتور الديموقراطي البارز ديفيد روكفلر يقول: خضنا حربا متذرعين بحجة مكافحة الارهاب العالمي.. كان علينا التأكد فعلا من وجود أسلحة بيولوجية ونووية وكيميائية في العراق.. والآن يبدو أن لا وجود لهذه الأسلحة ومن المرجح الا نعثر عليها وهذا يطرح على بساط البحث عقيدة الحرب الوقائية وطريقة اتخاذ القرارات على أعلى مستويات الدولة..؟!
توابع شهادة ديفيد كاي، وما أثارته من معلومات زادت من مساحات القناعة في العاصمة الأمريكية بأن «شن حرب وقائية» لم تكن ضرورية، ان لم تكن مطلوبة أصلاً، وهو ما أثار مزيداً من المناقشات التي أخذت تحاصر البيت الأبيض الذي يعاني من صعوبات ما بعد الحرب في العراق، فبعد فضيحة ما سمي بقضية ويلسون التي تستغلها المعارضة الديمقراطية بشكل واسع، وإذا ما أضيفت هذه التوابع - تقرير ديفيد كاي وفضيحة ويلسون - الى ارتفاع أرقام القتلى الأمريكيين في العراق وزيادة النفقات المالية، أصبح الوضع في العراق مأزقاً يؤرق الإدارة الأمريكية ويشكل قلقاً حقيقياً يحد من طموحات الرئيس جورج بوش للبقاء في البيت الأبيض لفترة ثانية.