** التوازن في الصحافة.. يبدو أنه معادلة صحيحة.. إذ متى نجد صحيفة متزنة معتدلة واقعية تبحث عن المصداقية وتستقطب كل المشارب، وتعكس وجهات النظر كلها.. وتفتح مساحاتها للجميع.. بشرط.. ألا تنفذ بضاعة إعلامية مغشوشة أو فكراً خطيراً ضاراً..
** مشكلة الإعلام اليوم.. هي «الحيادية».. أو على الأصح.. فقدان الحيادية..
** ومشكلة الإعلام أيضا.. هو تمرير الأفكار المتطرفة في أي اتجاه كان.. ولا يلزم أن يكون ذلك في اتجاه معين بذاته..
** الحيادية والأمانة الصحفية والاعتدال والواقعية واحترام القارئ.. مبادئ صارت في ذمة التاريخ لدى بعض وسائل الإعلام.. لكن القارئ.. سرعان ما يُفرز هذه من تلك.. وسرعان ما يلفظ هذه ويتمسك بالأخرى..
** إنني هنا.. لا أتحدث أبداً أبداً عن الإعلام المحلي ولا أعنيه.. بل أتحدث عن الإعلام بشكل عام، لكن حديثي هنا.. عن الإعلام بشكل عام دون الإعلام المحلي.. لا يعني أبداً.. أن أثني على صحيفتنا «الجزيرة» والتي مرّت بحقب مختلفة.. وعايشت مشاكل وأزمات إقليمية ودولية وعربية قريبة وبعيدة.. وبقيت الصحيفة على منهجها وواقعيتها.. وحافظت على مصداقيتها.. ولم تنجرف هنا ولا هناك.. ولم تشطح في أي طريق.. ولم تهاجم أي فكر.. ولم تكن محسوبة على هذا أو ذاك.. بل كانت معتدلة ملكاً للجميع.
** صحيفة رائعة.. فتحت صدرها للجميع.. فوجد فيها.. الفقيه.. والداعية.. والعالم.. والباحث.. والطبيب.. والمهندس.. والمفكر والمبدع عموماً.. وكل إنسان.. وكل قارئ وجد فيها مساحة ومتنفساً.
** لم تمنع أحداً.. ولم ترفض أحداً.. ولم تكن لأحدٍ على حساب الآخر.
** عندما تجلس في مجلس.. تسعد بانتسابك ل«الجزيرة».. لأن كل المجلس.. يثني على حيادية ومصداقية وواقعية «الجزيرة».
** الفقيه.. يثني عليها.. وكذا الداعية.. وكذا القاضي.. وكذا المفكر.. والأديب والمهندس والطبيب والعالم.. وكل شرائح المجتمع.. تجمع على أن «الجزيرة».. ملك للجميع.
** هذا المنهج.. كان أحد أبرز أسباب نجاح «الجزيرة».. وتلك.. هي فلسفة صحيفة «الجزيرة» حالياً.
** لم ترفض «الجزيرة» يوماً هذا المقال أو ذاك لأن مصدره فلان.. أو لأنه يتحدث في هذا الاتجاه.. أو لأنه يحمل هذا الفكر أو ذاك.. بل ترفضه لأنه يحمل فكراً مشبوهاً.. أو ضاراً.. أو فاسداً فقط.
** هذا.. هو الحياد في «الجزيرة»..
** في كل مجلس.. تسمع ثناءً خاصاً على «الجزيرة».. وثناءً على منهجها.. وثناءً على فلسفتها في النشر وفي التعامل مع الجميع.. كتَّاباً.. وقراءً.
** في الأزمة الأخيرة.. التي صاحبت أحداث سبتمبر.. ثم حرب أفغانستان.. ثم الحرب على العراق.. وما صاحب ذلك أو أعقبه من أحداث.. شطحت بعض وسائل الإعلام.. وذهبت بعيداً.. لكن.. بقيت «الجزيرة» على مصداقيتها وواقعيتها واحترامها للجميع.. فبقيت محترمة في أذهان الجميع.
** تفتح «الجزيرة».. فتجد الفكر الإسلامي.. وتجد أقلام المشائخ.. وتجد المدارس الأدبية كلها.. وتجد كل فكر.. وتجد الساحة فتحت للكل بدون استثناء.
** «الجزيرة».. لم تضق يوماً بفكر.. ولم تحارب أي فكر إلا الفكر الهزيل الدخيل الضار.. الفكر المسموم.. ولذلك.. كسبت ثقة الناس.
** لست هنا.. لأثني على جريدتي.. بل أنقل ما يدور حولها.. وما يدور في المجالس عنها.. كما ينقل الصحفي.. أو يكتب أي تقرير.
** إن هذه المدرسة المتزنة المتوازنة الواقعية المحايدة العميقة.. هي التي يريدها القارئ ويتفاعل معها.
|