* باريس واس:
جددت المملكة العربية السعودية مطالبتها بأن تضع منظمة اليونسكو تعريفا دقيقا للإرهاب يمنع من العبث بمعناه وتفسيره حسبما تمليه الأهواء والمصالح المتغيرة فهناك فرق كبير بين الإرهاب من جهة ومقاومة المحتل والدفاع عن النفس من جهة أخرى.
جاء ذلك في كلمة المملكة التي ألقاها معالي وزير التربية والتعليم الدكتور محمد بن أحمد الرشيد أمس في المؤتمر العام لمنظمة اليونسكو في دورته الثانية والثلاثين المنعقدة في باريس.
وقال معاليه إننا في المملكة العربية السعودية عانينا من بعض أنواع العنف والإرهاب التي سببتها تشوهات فكرية أو نفسية وجدت عند أفراد قلائل لكننا لا نزال من أكثر الدول أمنا داخليا واستقرارا وذلك بفضل الدين الإسلامي الذي نتمسك بتعاليمه وأن ثقة المملكة العربية السعودية بدورها الحضاري الذي تؤمن به لن يزعزعها شيء.
وأضاف قائلا ما أعظم ما حققه الإنسان من تطور في العلوم وميادين الاتصال حتى أصبح العالم بمثابة منزل واحد لأن المرء يرى محدثه ويسمع نفسه من مغرب الأرض وهو في مشرقها.
وتساءل معاليه قائلا ومع هذا التقارب المذهل يلح علينا سؤال كيف يمكن أن يسود السلام كوكبنا الأرضي إذا لم تقم العلاقة بين شعوبه وحكوماته على قيم العدل والحرية والاحترام المتبادل؟.
وأشار إلى أن هناك حاجة ماسة لأن تقوم المنظمة بوضع دستور أخلاقي مشترك تعتمده الإنسانية جمعاء وهذا الدستور شرط لازم لتحقيق الاتفاقيات التي نعقدها لأنها ترجمة لأسسه ومبادئه.
وتساءل ما ذنب مئات الملايين من الأبرياء والضعفاء لكي يعيشوا في عالم يأكل فيه القوي الضعيف ويسلب فيه الغني خيرات الفقير وتسرح فيه شرذمة من المجرمين تغتال السلام والصفاء والأمن في قلوب الناس وعقولهم وتزهق أرواحهم؟.
وأكد أنه يجب أن يكون حق الإنسان في الغذاء والعلاج والماء والمعرفة والكرامة من الحقوق الأساسية التي تضمنها المنظومة الدولية وأن يدخل ذلك الضمان في الدستور الأخلاقي الذي تحدثنا عنه.
وأشار إلى أن تعاون الحضارات أمر حيوي لنشر السلام والرخاء في العالم ويتطلب تحقيقه نية حسنة ورغبة صادقة و«صراع الحضارات» ليس أمرا حتميا طبيعيا إنما هو نتيجة جشع الإنسان وطمعه واعتدائه على أخيه الإنسان وقال إنني أقطع بأنه ما من حضارة قامت إلا واستفادت من الحضارات الأخرى وبقدر انفتاح الحضارة على غيرها أخذا وعطاء تزداد غنى وثراء بل إني على يقين أنه ليس هناك أمة يمكن أن توصف بالتحضر إلا إذا كانت قد اقتبست من الحضارات الأخرى وكل أمة منكفئة على نفسها هي أمة غير متحضرة لزوما.
وأوضح معاليه أن بين الحضارات قواسم مشتركة عديدة ونقاط تلاق كثيرة وحري بأبنائها أن يجتمعوا عليها وأن يفهموا وجوه الاختلاف فيما بينهم ويتعرفوا على بواعثه ويحترموا أصحابه وإن خالفوهم في الرأي.
وقال إننا مع تفاؤلنا بغد أفضل ننظر إلى واقع اليوم فنرى فيه ما يثير الأحزان تنمية غير مستدامة لا تحترم التوازن البيئي ولا حقوق الأجيال القادمة بالعيش في بيئة صالحة من واجبنا نحن أن نؤمنها لتلك الأجيال، وجشع متنام يزيد الهوة الفاصلة بين الدول النامية وغيرها وفراغ أخلاقي مخيف يصوغ فيه الأقوياء قيما تناسبهم ويسعون إلى فرضها على العالم وقد يبدلونها حسب تبدل حاجتهم وتساءل معاليه أليس الاتفاق على القيم بداية مسيرة التفاهم والتحضر؟.
وبين معالي وزير التربية والتعليم أن المجال مفتوح أمام المنظمة لكي تعمل بكل جد في الميادين التي تخلص البشرية من هذه الأزمات.
وأشار في هذا الصدد إلى ما يحدث من ظلم وعدوان وقتل في كثير من أنحاء العالم ومنها فلسطين الأرض المباركة التي تفاقمت فيها المأساة فحرم شعبها من إهمال حقوق الواجبة لبني الإنسان كالغذاء والكساء والدواء والأمن والتعليم واستدرك قائلا بل أمسى هدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها وقطع الأشجار وإهلاك المواشي وإتلاف مصادر الرزق أمرا معتادا يعيشه الفلسطينيون ويراه الناس على شاشات التلفاز كل يوم بينما العالم مكتوف الأيدي لا يحرك ساكنا ولا يوقف متحركا.
وأكد معاليه تأييد المملكة لما تضمنه برنامج وميزانية اليونسكو للعامين القادمين وبشكل خاص مشروع القرار المتعلق بصندوق التضامن في مجال المياه الذي أعدته المملكة العربية السعودية وقدمته مجموعة الدول العربية في المنظمة خاصة وأن سدس البشر محرومون من هذا الحق الإنساني الأساسي وأنه لا مجال للتساهل في هذا الأمر الحيوي.
وأعرب عن تقدير المملكة العربية السعودية لجهود المنظمة في مجال التعليم للجميع واعتزازها بحصولها على شهادة تقدير المنظمة في إطار جائزة الملك سيجونغ لمحو الأمية.
وقال معاليه إن ما يدعونا إلى التفاؤل بقدرة اليونسكو على تحقيق طموحاتها عودة الولايات المتحدة الأمريكية إلى هذه المنظمة لأنها دولة عظمى قامت على مبادئ سامية وحققت منجزات حضارية والعالم اليوم محتاج إلى كل نافع مفيد لتحقيق العدل والسلام والمحبة.
وأضاف يقول إن اليونسكو منبر نرغب أن نرى فيه الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بدور إيجابي كبير فعال تأخذ وتعطي تسمع ويسمع منها وتشارك في أهم ميادين التنمية الإنسانية ألا وهي التربية والثقافة والعلوم.
وسأل معاليه في ختام كلمته الله تعالى أن يسود السلام والعدل والأخلاق والتضامن كوكبنا وأن تقطف أجيالنا الحاضرة والقادمة ثمار ذلك محبة وتعاونا لا كراهية وقتالا.
وكان قد عقد بعد ظهر أمس في مقر اليونسكو في باريس الاجتماع التنسيقي الخامس لرؤساء وفود دول منظمة المؤتمر الإسلامي المشاركين في الدورة الثانية والثلاثين للمؤتمر العام لليونسكو وذلك بدعوة من المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة- ايسيسكو.
وحضر الاجتماع الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة والسيد كوتشيرو ماتسورا المدير العام لليونسكو والدكتور خالد عليوة وزير التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي المغربي رئيس المؤتمر العام للايسيسكو.
وتحدث في افتتاح الاجتماع كل من الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة والسيد كوتشيرو ماتسورا المدير العام لليونسكو، والدكتور خالد عليوة وزير التعليم العالي المغربي، وعدد من وزراء التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي في الدول الأعضاء المشاركين في المؤتمر العام لليونسكو.
وندد الاجتماع في البيان الختامي الصادر عنه بالإرهاب بكل صوره وأشكاله ومن أي جهة يصدر ودعا إلى أن تقوم اليونسكو بالتعاون مع الايسيسكو بعقد مؤتمر خاص لوضع تعريف للإرهاب يضع حداً للخلط القائم في مفهوم الإرهاب كما دعا الايسيسكو إلى التنسيق مع منظمة اليونسكو لدعم استخدام اللغة العربية في جميع أعمال اليونسكو ومؤتمراتها ولجانها المتخصصة وأشاد بجهود الايسيسكو في مجال تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات.
وأشاد البيان باشتراك الايسيسكو في رعاية عدد من المؤتمرات الدولية التي تدخل محاورها ضمن اختصاصاتها والمشاركة في تنظيمها مما مكنها من ابلاغ صوت العالم الاسلامي وشرح مواقفه من أهم القضايا المطروحة عليها ودعوتها إلى تعزيز هذا الحضور في الساحة الدولية وبجهودها في اعداد استراتيجية العمل الثقافي الاسلامي في الغرب ودعوة الدول الأعضاء إلى المساهمة في تنفيذ برامج المنظمة وأنشطتها الموجهة لفائدة الجاليات المسلمة في المهجر في إطار هذه الاستراتيجية.
وأكد على أهمية الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي في دعم الذاتية الحضارية الاسلامية وإثبات القدرة على التعامل مع الثقافات الإنسانية بمختلف تياراتها ومشاربها والتفاعل مع قضايا العصر بكل اتجاهاتها وموضوعاتها والتعايش مع الابداعات الفكرية والأدبية والفنية والإنسانية من موقع القوة والتفوق والتميز ودعا الدول الأعضاء إلى الاسهام في تنفيذ المشاريع الثقافية التي أقرها المجلس الاستشاري لتنفيذ الاستراتيجية الثقافية.
كما أكد على أهمية استراتيجية تطوير العلوم والتكنولوجيا في البلدان الإسلامية ودعا الدول الأعضاء إلى بذل الجهود وتوفير الموارد المالية والبشرية اللازمة لتطبيق الاستراتيجية وفقاً لآليات التطبيق التي أجازها المؤتمر الإسلامي الثلاثون لوزراء الخارجية مشيدا باستراتيجية الايسيسكو بشأن الاستفادة من الكفاءات المسلمة المهاجرة ودعا الدول الأعضاء للإفادة من خبرات هذه الكفاءات في تنفيذ مشاريعها التنموية وتمكينها من الاسهام من تخطيط برامج التنمية المستدامة في العالم الإسلامي كما أشاد بقرارات المؤتمر الإسلامي الثاني لوزراء التعليم العالي والبحث العلمي وأهمها اعتماد استراتيجيتي تطوير الثقافة الاحيائية وتدبير الموارد المائية في البلدان الإسلامية ودعوة الدول الأعضاء الى ادماج مجالات التعليم العالي والبحث العلمي ونتائجه في عملية الانتاج والتأكيد على أهمية تعزيز مصادر الطاقة المتجددة وإنشاء مركز الايسيسكو لتعزيز البحث العلمي وناشد الدول الأعضاء زيادة الاعتمادات المخصصة للانفاق على البحث العلمي إلى نسبة 1% على الأقل من الناتج الوطني الاجمالي.
|