هذه المرة خرج مع زوجته إلى إحدى البلدان العربية، وكان حديث عهد بزواج يحبها وتحبه وكانت الزوجة مؤمنة على فطرتها وعلى حيائها، وعزها، ونقائها، ومعروف أن الاختلاط بين أهل نجد وأهل الشام منذ قرون اختلاط طويل فلما ذهب إلى الأردن ودخل في السوق أجبرها زوجها أن تكشف عن وجهها وألح عليها بذلك، وكانت ترفض ذلك فأبى إلا أن تكشف فاستجابت له فكشفت عن وجهها وبينما هما يتجولان في السوق إذا تعلقت امرأة أردنية عجوز بتلك الفتاة صارخة في الجميع إنها ابنتي إنها ابنتي وجاء الناس وتجمعوا حولها، وتجمهروا ثم كانت القضية التي لم يتوقعها الرجل فسجن الرجل في السجون الأردنية، وهكذا المرأة أيضاً سجنت، وما حال تلك السجون وأهلها حالها ضيق صدر ونكد عيش وغربة والله تعالى أعلم بما يجري لهم ثم بعد ذلك خرج وإذا البنت لما خافت على نفسها رضيت أن تبقى عند الأردنية ضيفة عليها دون أن تكون في السجن فهو أكرم لها ثم بدأت الأردنية تقنعها بأنها ابنتها وتذكر لها شيئاً من صغرها ومن حياتها وكأن المرأة اقتنعت نوعا ما فلما خرج الرجل من السجن بعد إجراء تحقيقات موسعة قالت له أنا أردنية ولا أريدك هؤلاء أهلي، وانطلق فاصنع ما تريد، فما كان منه إلا أن طلقها وعاد إلى بلاده ثم قال لأهلها إن ابنتكم تزعم أنها أردنية وأن أمها فلانة وهذا عنوانها فانطلقوا إليها فجاءها هؤلاء وسرعان ما ثار النزاع فشكل لذلك لجان قضائية واستمر النظر في تلك القضايا ردحاً من الزمن يسير وفق قضاة شرعيين يعاينون المشاكل وسبحان من له الأمر والنهي، المهم أن تلك القضية بعد طول سنوات وطول عناء اشتبهت في الأمر اشتباهاً قوياً فرأت أن تكون البنت أردنية لأهلها في الأردن لوجود علامات أو أمور أخرى وخسر الزوج زوجته، وذلك بسبب أمره لها بكشف الحجاب، وخسر الزوج زوجته وذلك بسبب معصيته لله - عز وجل -، وخسر الزوج زوجته لأنه خلطها بالرجال الأجانب وكسب السجن وكسب المشاكل التي لن تنتهي والدعاء الذي ينصب عليه آناء الليل وأطراف النهار ممن يزعمون أنهم أهل للبنت من كلا الطرفين.
نسأل الله أن يهدي ضال المسلمين ويوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه.
( * ) القاضي بالمحكمة الكبرى في الرياض
|