* تحقيق: محمد بن سليم اللحام
للرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منهج ثابت وجهود دؤوبة في التدريب - على رأس العمل - لمنسوبيها ومواصلة التعليم العالي، وذلك لعلمها بأنهما من اللوازم الأساسية لتطوير منسوبيها كما تعينهم في عملهم. وفي هذا الإطار لنا وقفة مع التدريب في هذا الجهاز. ونبدؤها بإلقاء الضوء على التدريب الشرعي الذي يطبق على شكل دورات شرعية تنظم على مدار العام في جميع مناطق المملكة.
اشتراطات التعيين
وقبل ذلك نلقي نظرة على الكادر المعين المستفيد من هذه الدورات وما هي اشتراطات الرئاسة في المعينين الجدد وحول هذا الجانب بين فضيلة مدير عام إدارة التوعية والتوجيه بحكم أنها جهة الاختصاص في عقد المقابلات مع المتقدمين للعمل في هذا الجهاز بين مديرها العام د. محمد بن عبدالله العيدي أنه نظراً لخصوصية التعيين في هذا الجهاز يخضع المتقدم لمعايير واختبارات دقيقة وذلك من خلال لجنة مشكلة لهذا الغرض من عدة إدارات لمعرفة مدى تطابق الشروط الواجب توفرها في المتقدم ولعل من أبرزها: سلامة المعتقد، والإلمام بالأحكام الشرعية بحيث يكون على دراية بما يأمر به وما ينهى عنه، أن يكون مظهر المتقدم مناسباً للعمل في الهيئة، وذلك من حيث التزامه بالسنن الشرعية والمحافظة على الفرائض، والبعد عن كل ما يخل بالمروءة. التأهيل الشرعي والعلمي المناسبين للوظيفة والمرتبة. سلامة الجسم والحواس والقدرة على مخاطبة الآخرين. الحرص على من لديه تزكيات علمية من العلماء وأساتذة الجامعات والمشهود له فيها بالعلم والصلاح. ويراعى في المتقدم أن يكون ذو صبر وأناة ويتسم بالحلم وصاحب رفق مراعياً للمصالح وتحقيقها.
الاحتياج الفعلي
من جانب آخر، تعقد الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ممثلة بالإدارة العامة للتوعية والتوجيه بالرئاسة وبالتعاون مع فروع الرئاسة سنوياً برنامجاً من الدورات الشرعية على مستوى مناطق المملكة بحيث يشمل جميع المناطق.
وتحاول هذه الدورات جاهدة تلبية الاحتياج الفعلي من المعلومة وتغطية أكبر قدر ممكن من منسوبيها وتناقش في هذا الإطار موضوعات يسرنا أن نسرد بعضاً منها على سبيل الاستدلال لا الحصر، وهي تناقش أموراً تمثل حاجة ماسة للعمل الميداني. حيث تناقش على سبيل المثال «سبل دعم التعاون القائم بين الهيئة والشرطة»، «حقوق المتهم في الإسلام»، «آلية تنفيذ الإجراءات بين هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهيئة التحقيق والادعاء العام»، «العلم الشرعي وأثره في عمل المحتسب»، «فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»،«النصيحة شروطها وآدابها»، «علاقة الهيئة بالمجتمع والعوامل المؤدية إلى تنمية هذه العلاقات»، «الستر مفهومه وضوابطه»، «دور الهيئة.. والواقع المأمول»، «فن إعداد التقارير»، «مهارة إدارة الذات للمحتسب»، «الإخباريات وكيفية التعامل معها»، «صفات المحتسبين»، «الجانب الدعوي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، «أهمية العلم للمحتسب»، «الجانب الإيماني عند المحتسب»، «نماذج من سير المحتسبين».
نظرتنا
بعد استعراض موضوعات التدريب الشرعي للعاملين في الميدان الذي تنتهجه الرئاسة مع منسوبيها الذي يمثل كما قلنا نماذج للتمثيل وليس للحصر اتجهنا لبعض مديري الفروع، وذلك لمعرفة آرائهم في هذا الجانب ومدى كفايته. فهذا فضيلة مدير عام فرع الرئاسة بمنطقة مكة المكرمة الشيخ جابر الحكمي يقول عن حجم التدريب في فرع مكة المكرمة الذي يتبعه ثلاث عشرة هيئة أن الفرع ينظم دورتين توجيهيتين للأعضاء العاملين في كل عام، كما يتم إيفاد بعض منسوبي الفرع للالتحاق بالجامعات لإكمال دراساتهم العليا، علاوة على ترشيخ أكثر من عشرين موظفاً للالتحاق بدورات معهد الإدارة سنوياً، كما أن هناك دورات تقام في عمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر بجامعة أم القرى يتم إلحاق الراغبين بدورات فيها.وعن معدلات التدريب بين الحكمي أن الفرع قدر النسبة المئوية للمتدربين خلال الخمس سنوات الماضية على النحو التالي عامي «1417/1418» 26%، «1419/1420» 43%، «1421/1422» 25%، «1422/1423» 35%، «1423/1424» 52%، منوهاً في ذات الوقت بتوجه الرئاسة في إقامة مثل هذ الجهود وقال لا شك انها جهود مشكورة للذين أسهموا في إقامتها وتبنوها وسعوا سعياً حثيثاً حتى طبقت على أرض الواقع وقد لمسنا -بحمد الله- الفائدة المرجوة منها من خلال اللقاءات مع طلبة العلم والمشايخ بأبنائهم العاملين في الميدان والاستفادة من علمهم وبالمقابل اطلاع المشايخ وطلبة العلم على جهود الهيئة في التصدي للمنكرات والحيلولة دون الوقوع فيها كما حملت تبادل الخبرات.
وبين فضيلته أن آراء المشاركين في هذه الدورات قد أخذت في حينه من خلال الاستبانات التي بينت أن هذه الدورات قد لبت تطلعات الميدانيين وحملت اقتراحات بتكثيفها وتزويدها بما تحتاج من بعض الوسائل التعليمية.
توجه حديث
ومن منطقة مكة المكرمة إلى منطقة المدينة المنورة حيث التقت الحسبة فضيلة مدير عام الفرع المكلف الشيخ محمد بن عبدالعزيز الدعجان الذي بين جهود التدريب في فرع المنطقة هناك بقوله هناك جهود متعددة في مجال التدريب تتمثل في عقد الدورات التوجيهية في داخل الفرع أو ترشيح بعض الأعضاء للمشاركة في الدورات التدريبية التي تعقدها الجهات الحكومية والأهلية مشيراً فضيلته إلى أن التدريب مستمر بمعدل دورتين توجيهيتين سنوياً على الأقل للمراكز الداخلية وهيئات المحافظات بشكل يمثل فيها المتدربون 40% على أعلى تقدير بالنسبة لمجموع العاملين. معبراً فضيلته عن رغبته في تطوير مثل هذه الدورات لتتناول بعض العلوم المهارية في الإدارة والتعامل مع الآخرين.
وفي القصيم أوضح مدير عام الفرع د. فهد الخضر أن نسبة التدريب في الفرع تصل إلى 60% بالنسبة للعاملين داعياً في ذات الوقت إلى تفعيلها والاهتمام بالجانب الميداني معبرا على الاتفاق مع الرأي الداعي إلى الاهتمام بالعلوم التي تهتم بجانب التعامل مع الآخرين.
وفي منطقة حائل بين مدير عام الفرع أن التدريب في المنطقة قد حظي باهتمام كبير حيث قد بلغت نسبته في عام «1419» 50% وفي عام «1420» 60% وفي عام 1421» 60% وفي عام «1422» 65% قائلاً: إن التطلعات والحاجة تمليان زيادة هذه الجهود كماً وكيفاً.
أما فرع الرئاسة في منطقة تبوك فلقد كانت نسبة التدريب لديه في عام «1418» 20% وفي عام «1419» 25% وفي عام «1420» 35% وفي عام «1421» 40% وفي عام «1422» 40%.
وقال الشيخ فهد السويح: إنها جهود طيبة ونحتاج إلى المزيد خصوصا لأعضاء الهيئات في المحافظات والمراكز القريبة لها.
أما مدير عام فرع منطقة نجران الشيخ تركي بن نادر الدوسري فبين أن معدل التدريب في فرع المنطقة قد بلغ في عام «1419» حوالي 50% وفي عام «1420» 30%» وفي عام «1421» 60% وفي عام «1422» 80% وفي عام «1423» 90% معبرا عن الرغبة في زيادة هذه الجهود لما لها من أثر ملموس بدا واضحا خاصة في مستوى الأداء الوظيفي وخاصة في الميدان في المعالجات الطارئة.
وفي إطار الاتجاه لعلوم المهارات تقيم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمدينة الرياض دورات علمية في «فن تنمية المهارات الشخصية وفن التعامل لأعضائها». وذلك في خطوة هي الأولى من نوعها. وبين ذلك للحسبة رئيس هيئة مدينة الرياض المكلف الشيخ صلاح بن ناصر السعيد وقال فضيلته إنه تم التعاقد مع أحد المعاهد المتخصصة في هذا الفن لعقد هذه الدورة التي تستهدف الأعضاء الميدانيين و ذلك لأنهم أكثر الفئات احتكاكاً بالناس في الميدان وتدرسها من خلال مواد عدة تشمل «مهارات الاتصال، إدارة الذات، هندسة النجاح، القمم والقناعات» وهي مستمرة حتى إلحاق جميع الأعضاء بها. مشيراً إلى أن لهذه الموضوعات بالغ الأهمية حيث إنها من الأسس التي يقيم ويطور الذات بها بما يجعلها قادرة على التكيف مع شتى الظروف وقادرة على حل المشكلات. وقد ثبت فائدتها واستشعر الأعضاء الملتحقون بهذه الدورات أثر ذلك في عملهم.
لهم رأي
ومن باب ملامسة الواقع عقدنا لقاءات عدة مع بعض من المشاركين في إلقاء المحاضرات في الدورة التوجيهية التي عقدت في منطقة تبوك للعاملين في هيئة الوجه مؤخراً حيث عبر سعادة محافظ محافظة الوجه الأستاذ محمد بن عبدالله الرقيب التميمي عن سعادته لتنظيم هذه الدورات وقال: إنها طيبة وخاصة حين يتاح فيها الاستفادة مما جاء بالكتاب والسنة في تثقيف أعضاء الهيئة في الميدان مشيراً إلى أهمية التركيز على الإعداد النفسي لعضو الهيئة لكي يكون قادراً على مواجهة أي تساؤل ومعالجة ما يواجهه في ساحة الميدان مبدياً رغبته لاستضافة مختصين من المحاضرين في جانب الشريعة وعلم الاجتماع.أما سعادة قائد حرس الحدود بمحافظة الوجه العقيد الركن مساعد بن سلامة الفايدي قال عن هذه الدورات: إنها جيدة وتمنى من الله أن يكتب من ورائها النفع والفائدة مشيراً إلى اقتراح بأن تكون أطول في مدتها من خمسة أيام.
من جانبه، دعا مدير مكافحة المخدرات بالوجه النقيب فهد ناصر سعد المسيعيد إلى الاستمرار في عقد مثل هذه الدورات التوجيهية لمنسوبي الهيئة وذلك نظرا لحساسية العمل في هذا المجال ولحاجتهم على الاطلاع الدائم على المتغيرات في الأنظمة.
رأي الأعضاء
ويظل العنصر الفاعل في هذه العملية العضو الميداني فلا بد لنا من معرفة آرائه حول هذه البرامج ومدى كفايتها.
وفي وقفة لتلمس جواب لسؤالنا حول هذه الدورات قمنا بجولة ميدانية لمعرفة آراء الأعضاء من خلال عينة عشوائية في المجتمع فالتقينا رئيس هيئة محافظة بالجرشي الشيخ علي عثمان سعيد عمير الذي امتدح توجه الرئاسة منذ القدم في تفعيل التدريب وقال: إنها فكرة ممتازة ولها ثمارها بإذن الله وامتدح الموضوعات المطروقة في عناوين محاضراتها وقال إنها عالجت الاحتياج الفعلي وهي بمعية التعليمات تساعد على مسيرة العمل.
واقترح فضيلته بتمديد مدة هذه الدورات لتصبح شهراً وأن يتولى الإشراف عليها نخبة من المشايخ من مديري الفروع ورؤساء الهيئات والمراكز الملمين بالعمل الميداني والإداري والمؤهلين تأهيلاً شرعياً.
معرباً عن أمله بأن يكون لهذه الدورات الأثر الفعال في تأدية رسالتها وتجاوز العقبات بأسلوب شرعي محبب إن لم يكن على المدى القريب فعلى المدى البعيد.
هذا وأوضح رئيس هيئة محافظة الطائف الشيخ عبدالرحمن بن مهنا الجهني أن هذا التوجه في تنظيم وعقد مثل هذه البرامج توجه مبارك تشكر عليه الرئاسة وذلك ينبثق من حرص معالي الرئيس العام وفقه الله على ذلك لإفادة العاملين.
مبيناً أن الموضوعات المطروحة جيدة وأقترح طرح موضوعات جديدة مثل فن الاتصال سواء مع الجمهور أو الإدارات الحكومية أو مع الرؤساء مثل فن الإدارة وأساليب تطويرها والتنظيم الإداري وكذلك طرح موضوعات منتقاة من علم الاجتماع لما لذلك من دور أساسي في رفع معلومات الأعضاء لاسيما في الزمن الذي تنوعت فيه مصادر المعرفة والثقافة داعياً إلى الاستفادة من الوسائل التقنية الحديثة في التواصل مع المجتمع.
وعبر عن تفاؤله بأن تنعكس هذه الدورات بالخير على المجتمع إذ بات من الملموس تحسن الأداء في الميدانيين عموماً حيث يعول عليها بعد الله في صقل العمل وتكثيف مثل هذه الدورات وزيادتها مع تخصيصها لدى بعض المعاهد أو الجامعات.
أما المدير المناوب بهيئة محافظة جدة الشيخ عبدالرحمن بن أحمد الحذيفي فقال: إن التدريب في الرئاسة أمر مطلوب بإلحاح للحاجة الماسة وتشكر الرئاسة عليه ونسأل الله التوفيق للجميع وبذل المزيد، وبين فضيلته أن تنظيم هذه الدورات إنما هو لمعالجة الأمور الميدانية على الأغلب وقد نجحت في جوانب عديدة وأقترح زيادتها وتلمس الثغرات لمعالجتها.
اتجهنا لهيئة محافظة خيبر حيث التقنيا عدداً من الأعضاء كان أولهم العضو حميد سويلم الرشيدي وسألناه عن مدى الفائدة من هذه الدورات فقال من الفوائد التي استفدتها من الدورة التوجيهية التي أقيمت هنا أننا في نعمة عظيمة وأننا نؤدي رسالة من أعظم الرسائل، كيف لا والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل النبيين والمرسلين وطريق المرشدين الصادقين وأنه شريعة ضرورية للمجتمع الإنساني قال سبحانه {(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) }. وإنني في هذا المقام أتمنى أن تستمر مثل هذه الدورات التوجيهية لأنها بمثابة التجديد لنا نحن الأعضاء لمعرفة الجديد ومعالجة السلبيات التي ربما تطرأ علينا لأننا بشر نصيب ونخطئ.
أما العضو عبدالله بن خلف العنزي فبين أن الدورات التوجيهية للأعضاء مهمة جداً وقال ومن ضمن الفوائد التي استفدتها من هذه الدورة، تنمية لحمة الأخوة في الله بيننا كأعضاء مع رئيس المركز والمشايخ المحاضرين، فهي أخوة تنبثق من التقوى، أساسها الاعتصام بحبل الله الذي امتن به علينا، كذلك لمست التأكيد في الجو العام للدورة على التعامل الشرعي مع المخالفين الذين يتم ضبطهم فهم إخوان لنا ولابد من الإحسان إليهم، و أن نرشدهم ونحثهم على ترك المنكرات وفعل المعروف والخير امتثالاً لقوله سبحانه: {وّالًمٍؤًمٌنٍونّ وّالًمٍؤًمٌنّاتٍ بّعًضٍهٍمً أّوًلٌيّاءٍ بّعًضُ يّأًمٍرٍونّ بٌالًمّعًرٍوفٌ وّيّنًهّوًنّ عّنٌ المٍنكّرٌ وّيٍقٌيمٍونّ الصَّلاةّ..}.
|