* القاهرة مكتب الجزيرة علي البلهاسي:
أثارت مجموعة الإصلاحات التى اعلنها الرئيس مبارك في ختام أعمال المؤتمر السنوى الأول للحزب الوطني الحاكم ردود أفعال متباينة في الشارع المصري وداخل الأوساط السياسية فبينما استقبلها الرأي العام المصري بالترحيب وأعلنوا عن تفاؤلهم بحدوث التغيير المقبل نحو الاصلاح السياسي والاجتماعي استقبلتها قوى المعارضة والأحزاب بالحذر مطالبة بوضعها موضع التنفيذ وضرورة ان يتبعها خطوات عملية نحو الإصلاح الفعلي.
وتعقيبا على ردود الأفعال هذه اكدت الحكومة انها بدأت بالفعل في تنفيذ تكليفات الرئيس مبارك وقالت ان وزير الداخلية سيعلن خلال أيام إجراءات منح الجنسية لأبناء الأم المصرية المتزوجة من أجنبي كما شكلت وزارة العدل عدة لجان لإلغاء الأوامر العسكرية باستثناء ما كان منها ضرورياً للحفاظ على الأمن القومي.
غير ان هذه القرارات أثير الجدل حولها خاصة قرار إلغاء الأوامر العسكرية والذي رأى خبراء القانون انه لا يشمل بالضرورة الأوامر المتعلقة بالقضايا الأمنية والمحاكم العسكرية والتي يعني إلغاؤها إمكانية إلغاء قانون الطوارئ الذي تصر الحكومة على العمل به رغم معارضة القوى السياسية وأحزاب المعارضة.
كما أثار استبعاد أبناء الأم المصرية المتزوجة من فلسطيني من قرار منح الجنسية استياء البعض في حين أكدت الحكومة انها ملتزمة في هذا الإطار بقرار الجامعة العربية الذي يحظر ذلك حفاظاً على الكيان الفلسطيني.
ترحيب حذر
وقد رحب عدد من قوى المعارضة والأحزاب المصرية بدعوة الرئيس مبارك الى تحديث قانون الأحزاب السياسية وإجراء حوار وطني لتفعيل الديمقراطية مطالبة بضرورة اتخاذ خطوات عملية لوضع هذه الدعوة موضع التنفيذ وقال الأمين العام لحزب التجمع الدكتور رفعت السعيد في مقال له بصحيفة الأهالي المعبرة عن الحزب اننا نرحب بهذا القرار وبأية دعوة للحوار متى كانت جادة.
وأضاف: رغم اننا لم نتلق دعوة رسمية لمثل هذا الحوار فاننا نرحب حتى بمجرد القول ونأمل ان يتحول إلى ممارسة ودعا السعيد الصحف القومية والتليفزيون والإذاعة إلى المبادرة بفتح الحوار وعقد ندوات يشارك فيها قادة الأحزاب السياسية الرئيسية ليعبر كل منهم عن وجهات نظره وليكون الرأي العام شريكاً ورقيباً على الجميع.
ويقول المراقبون ان الدعوة للاصلاح السياسي في مصر التي طرحتها قوى المعارضة السياسية المختلفة جاءت متسقة مع ما أكده الرئيس مبارك من ان هناك تغييراً وإصلاحاً قادماً بالفعل ورغم تحفظ البعض الآخر الا أن قوى المعارضة اتجهت للتنسيق فيما بينها للاستعداد للخطوة المقبلة والحوار المرتقب مع الحزب الحاكم وصرحت مصادر معارضة انهم يتشاورون حاليا لعقد اجتماع مشترك مع قادة الأحزاب الرئيسية لتنسيق موقف موحد بشأن الحوار والمطالبات المتعلقة بملف الاصلاح السياسي لتحقيق أكبر قدر ممكن منها.
صراع القديم والجديد
من ناحية أخرى امتدت ردود الأفعال حول تصريحات الرئيس إلى داخل الحزب الحاكم نفسه بعد ان أطلقت دعوة الرئيس نحو الاصلاح والتجديد التخوفات لدى تيار الحرس القديم داخل الحزب من التغيير القادم ويقول المراقبون ان تيار التجديد والاصلاح الذي يتزعمه جمال مبارك نجل الرئيس وامين لجنة السياسات بالحزب الوطني قد ازدادت اسهمه بصورة كبيرة بعد ان حظيت أفكاره الجديدة ودعوته للاصلاح التي أطلقها خلال مؤتمر الحزب بترحيب الرأي العام والأوساط السياسية كما حظيت بدعم الرئيس مبارك الذي أقرها في ختام المؤتمر وهو ما يؤشر له المراقبون بصعود نجم جمال مبارك داخل الحزب وحسم الصراع بينه وبين الحرس القديم لصالحه واذا كانت هذه هي الضربة الثانية لتيار الحرس القديم بالحزب بعد ان سيطر التيار الجديد على المواقع القيادية داخل الحزب في مؤتمر العام الماضي فان المراقبين يرون ان المؤتمر القادم ربما يشهد سيطرة كاملة للتيار الجديد على قيادة الحزب مقابل تراجع ملحوظ للتيار القديم الذي يبدو وكأنه آثر الصمت ويحاول التكيف مع الأوضاع الجديدة للحفاظ على مناصبه.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تتزايد فيه التكهنات حول تغييرات حكومية يحتمل حدوثها خلال الفترة المقبلة تطول أعمدة النظام القديم خاصة أولئك الذين تلاحقهم تهم الفساد الوظيفي واستغلال المناصب في إهدار المال العام
وتشير التوقعات إلى ان التغيير القادم سيسعى إلى تجديد الدماء في الكثير من المواقع وإجراء حركة تنقلات لبعض القيادات المهمة التي توصف بأنها أعمدة النظام مع احتفاظ قلة منهم بمواقعهم.
|