متابعة: تركي إبراهيم الماضي - عبدالله هزاع العتيبي
تحقيق الطموحات
التنمية المستدامة هي تلك التنمية التي توفر الاحتياجات الاساسية لجميع السكان مع توفير فرص تحقيق الطموحات لحياة افضل دون المساس باحتياجات الاجيال القادمة. ويتوافق هذا التعريف مع المبادئ الاسلامية في المساواة بين الاجيال الحالية من جهة وفيما بين الاجيال الحالية والمستقبلية من جهة اخرى اذ ان الانسان لا يملك الارض وانما هو كائن مستخلف فيها حتى يوم القيامة.
ويتضمن مبدأ التنمية المستدامة المحافظة على الموارد ويعني ذلك الاستغلال الامثل للمواد الحالية مع المحافظة على مخزون كافٍ وخاصة من الموارد غير المتجددة للاجيال القادمة.
والمحافظة على البيئة الحضرية بما يتوافق مع المحددات الطبيعية والمحدثة والموازنة بين الموارد والاحتياجات.. والعمل على تحقيق الجودة البيئية وذلك بخفض مستويات التلوث والمحافظة عليه في الحدود الدنيا، وتقليل النفايات الناتجة وخاصة تلك التي لا يمكن تدويرها والتي تكون لها آثار ضارة على البيئة وتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية وذلك بتوفير متطلبات جميع الفئات المختلفة من السكان وفي جميع انحاء المدينة.
والمشاركة السكانية وتعني توفير فرص المشاركة للسكان في وضع الخيارات المتعلقة بحياتهم في المدينة.
معالجة وتحديات
ولمعالجة الاوضاع الحالية ومواجهة التحديات المستقبلية التي تواجه البيئة ومواردها في ظل النمو السكاني والحضري المتوقع تم صياغة استراتيجية للتعامل مع الموارد الطبيعية وحمايتها حيث تعتمد الاستراتيجية البيئية على تحسين الموارد الطبيعية وجودة البيئة في المدينة واستغلالها بطريقة مستدامة تلبي احتياجات الجيل الحالي والاجيال القادمة باذن الله.
وترتكز الاستراتيجية على عدد من السياسات والاجراءات من بينها: وضوح وتحديد مسئوليات الادارة البيئية في المدينة والمحافظة على الموارد البيئية واستغلالها، وتفعيل مبدأ الاستدامة في التطوير والتنمية العمرانية، وتطوير الانظمة والتشريعات الكفيلة بالتحكم في التلوث، واجراء التقويم البيئي لمشاريع التنمية ونشر التوعية والتعليم البيئي على جميع المستويات، ومراعاة الجوانب البيئية في مراحل التنمية والتطوير المختلفة.
تطبيق أمثل
ان تبني الاستراتيجية لمبدأ الاستدامة يعني تبني التطبيق الامثل لادارة البيئة في المدينة، وذلك يتطلب وجود جهة مسؤولة عن البيئة في المدينة، والمحافظة على الموارد البيئية الطبيعية والتاريخية وتحسينها واستغلالها الاستغلال الامثل، والتحكم في التلوث عند الحدود المسموح بها محلياً ودولياً وتقليل مخاطر التلوث، والحد من الآثار البيئية للتنمية وخاصة الآثار بعيدة المدى وذلك باجراء دراسات التقويم البيئي واتخاذ الاجراءات اللازمة للحد من الآثار المتوقعة لمشاريع التنمية المختلفة على البيئة وعناصرها، وزيادة وعي السكان بالقضايا الحضرية وخاصة القضايا البيئية «النفايات والتلوث»، والاستغلال الامثل للمياه بمختلف مصادرها بتقليل الاستهلال والفاقد، والمحافظة على مجاري التصريف الطبيعية للسيول لتأدية دورها الرئيس في صرف السيول ودمجها ضمن شبكة المناطق المفتوحة، وجمع ومعالجة جميع مياه الصرف الصحي ومياه الصرف الاخرى، ثم استغلالها للاغراض المناسبة.
وضع استراتيجية لادارة النفايات في المدينة ويشمل ذلك الحد من انتاج النفايات، وجمعها وفرزها واعادة تدويرها وكذلك التخلص منها.
ودمج القضايا الاجتماعية في التصميم الحضري «تقليل مساحات الطرق على مستوى الاحياء».
وتوفير المناطق المفتوحة وربطها بشكل طبيعي بواسطة الاودية ومجاري السيول او حواف الجبال او اية روابط اخرى مع توفير مرافق الترقية اللازمة.
واستغلال المناطق الطبيعية من اودية وجبال ومرتفعات ضمن التصميم الحضري واستغلال التشجير لاضافة اللمسات الجمالية على المدينة.
والمراقبة والمراجعة المستمرة لمستويات جودة البيئة في المدينة «جودة الهواء - الضوضاء - جودة المياه - المناطق الطبيعية» ومقارنتها بالمقاييس المطلوبة من اجل حياة افضل لسكان المدينة.
احدث الاساليب
ولضمان تطبيق ما سبق فان الوضع يتطلب قيام الجهة المسؤولة عن البيئة في المدينة بتطبيق احدث الاساليب والتطبيقات الموجودة في العالم، وابتكار اساليب وتطيبقات جديدة لادارة الموارد البيئية في المدينة، وذلك لما تتمتع به المدينة من مقومات الابداع وخاصة فيما يتعلق بادارة وتقنية المياه والقضايا المرتبطة بالبيئة الصحراوية وخاصة الطاقة.
وتلك مزايا تتميز بها مدينة الرياض عن مدن العالم الاخرى «كونها مدينة من المتوقع ان يصل عدد سكانها الى حوالي 5 ،10 ملايين نسمة وتقع وسط الصحراء».
وتجاوباً مع مراعاة الجوانب البيئية في عملية التنمية واهمها عملية التخطيط تم مراعاة الجوانب البيئية المختلفة اثناء اعداد المخطط الاستراتيجي الشامل وذلك في مرحلة مبكرة، حيث تم بناء البدائل الاستراتيجية للمدينة على اساس احترام المحددات البيئية واستغلال الفرص المتاحة بها دون اغفال للمعوقات.
احترام ومراعاة
وقد اعدت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض المخطط الهيكلي للمدينة علي اساس احترام المحددات سواء الطبيعية او المحدثة من قبل الانسان.
وقد تم ذلك من خلال استغلال ومراعاة المظاهر الطبيعية في المدينة وخاصة في المناطق الجديدة وذلك بتشجيع استعمالات مناسبة مثل المناطق المفتوحة في المناطق الجنوبية المحاذية لوادي حنيفة اضافة الى المحافظة على مجاري السيول والاودية عند تخطيط وتطوير الاراضي، وتخصيصها كمناطق مفتوحة شريطية يتم استغلالها لاغراض الترفيه، بالاضافة الى وظيفتها الاساسية في صرف مياه السيول.
ومراعاة الخصائص الجيولوجية والجيو تقنية لسطح الارض والتربة، وذلك بتطبيق انظمة البناء الخاصة بمنطقة شرق الرياض لتفادي الآثار المتوقعة من التربة المنتفخة او الرخوة على المباني والمنشآت والمرافق اضافة الى اتخاذ الاحتياطات اللازمة لدراسة التربة للمنشآت التي تقع على امتداد منكشف متكون العرب الممتد من الجنوب الى الشمال لتفادي مخاطر الكهوف في تلك المناطق وخاصة على المنشآت الهامة والمتعددة الادوار.
استبعاد التطوير الحضري عن مناطق حقول الآبار وذلك لتفادي الآثار السلبية على امدادات مياه الشرب.
وتطبيق الشروط واتخاذ الاجراءات الخاصة بنشاطات التعدين في المناطق المخصصة لذلك وفقاً للاسس البيئية وذلك لتفادي التأثيرات السلبية على البيئة الطبيعية والمناطق الحضرية التي تحيط بها.
والمحافظة على مناطق الحياة الفطرية والمناطق التاريخية والاثرية ومناطق المناظر الطبيعية المميزة ذات القيمة الجمالية لانها موارد هامة لابد من استغلالها لاغراض الترفيه والسياحة وتحسين صورة المدينة.
ومراعاة الحالة المناخية والتي تتميز بارتفاع درجة الحرارة وقلة الرطوية وانخفاض معدل الامطار والرياح السائدة من الجهة الشمالية والجنوبية في التخطيط والتصميم العمراني.
محددات محدثة
اضافة الى ما سبق عن المحددات الطبيعية في المدينة فقد تم اعتبار المحددات المحدثة والتي تتمثل في مواقع مصادر التلوث الرئيسة في المدينة وطرق التعامل مع هذه المصادر واثرها على جودة الهواء والضوضاء في المدينة، وذلك للحد من التلوث عن طريق اساليب التحكم واتخاذ الخطوات اللازمة للحد من تأثير التلوث على السكان.
حصر الصناعات ذات الاثر السلبي علي البيئة في المنطقة الصناعية الجنوبية الشرقية وذلك للتحكم في تلك الصناعات وتوفير المرافق اللازمة لذلك ضمن خطة اصلاح بيئية تنفيذية لمعالجة كافة المشاكل البيئية في المنطقة الجنوبية ووضع الاسس اللازمة لقيام نظام تحكم بجميع مصادر التلوث في المنطقة ومعالجة التلوث القائم، ضمن منطقة محددة.
التعامل مع النفايات ضمن نظام ادارة متكامل يرتكز على تقليل النفايات من المصدر وتحسين طرق جمع ونقل النفايات وزيادة اعادة تدويرها واتباع الطرق الافضل للتخلص منها كما تضمن المخطط اجراءات عاجلة لمواجهة بعض المشاكل الناجمة من المرافق القائمة واتباع المعايير الهندسية والبيئية في اختيار المرافق المستقبلية التي تتطلبها المدينة، اضافة الى آليات وتوصيات واقتراحات لمواجهة المشاكل المتعلقة بايجاد مرافق خاصة بالنفايات الخطرة ومنها النفايات الطبية والصناعية.
وقد تم وضع السياسات التي توجه عملية التنمية الحضرية بما يكفل تحقيق الاهداف والغايات الموضوعة للمحافظة على الموارد البيئية وتنميتها وبالتالي تحقيق مستويات متقدمة في جودة بيئة الرياض.
|