نعيش هذه الأيام أجواء روحانية سامية في ظلال مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم، ويتزامن ذلك مع مرور خمس وعشرين سنة على انطلاق هذه المسابقة الدولية الرائدة.
خمس وعشرين سنة مرت على هذه المسابقة وهي تسمو من نجاح إلى نجاح، ويأتي انعقادها في هذا العام والأمة الإسلامية والعالم أجمع يمرّ بمنعطف خطير في تاريخ البشرية والمتمثل في اختلاط كثير من الأوراق حول قضايا الإرهاب والغلو والتطرف، واستغلال بعض الجهات المغرضة هذا الظرف الحرج للهجوم على الإسلام والنيل من أهله، وكان للمملكة العربية السعودية مع الأسف الشديد النصيب الأكبر من هذا الهجوم دون وجه حق، بل دون أدنى شبهة يقبلها العقل، فالمملكة العربية السعودية دولة قامت على أساس من الإسلام عقيدة ودعوة وشريعة، هذا الإسلام الذي هو دين السلام، دين المحبة، دين التسامح، دين الوسطية، ديون الاعتدال، وهذا هو النهج الذي نهجته هذه البلاد منذ نشأتها إلى يومنا هذا، ولم يعرف عنها عبر تاريخها الا أنها داعية سلم وسلام، وبذل وعطاء في كافة أوجه الخير للإنسانية جمعاء، ولعل هذه المسابقة التي نعيش في أجوائها لتؤكد عبر ربع قرن من الزمان هذه الأهداف النبيلة للمملكة برعايتها مثل هذه المناشط، وهذه الأهداف تتمثل في جمع أبناء الأمة الإسلامية على كتاب الله الكريم الذي هو رمز العدل والوسطية والفضيلة وحب الخير للإنسانية، حيث تدعو هذه المسابقة وتؤصل لدى أبناء المسلمين تعلقهم التعلق الصحيح بهذا الكتاب، وتوجيههم إلى فهمه الفهم الصحيح الواعي المدرك الذي يثمر عنه شباب صالحون مساهمون في البناء وبذل الخير لبني البشر، ومحاربة الفساد والمفسدين ممن يتخذون من الدين غطاء لأعمالهم الشريرة ونهجهم القبيح، فهذه المسابقة عبر سنواتها الخمس والعشرين أنتجت شباباً متآلفاً متحاباً بناءً، فكم من المئات الذين مرّوا من خلال هذه المسابقة وكانوا ولله الحمد، عوامل بناء وخير في مجتمعاتهم.
ولخصوصية الظرف لهذا العام وعظم الفواجع التي مرت بها الإنسانية خلال السنتين الماضيتين رأت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد التي ترعى هذه المسابقة ان يصاحب انعقاد هذه الدورة من دورات المسابقة تنظيم ندوة عن أثر القرآن الكريم في تحقيق الوسطية ودفع الغلو، حيث ستناقش أربعة محاور رئيسة من خلال ثلاثة وعشرين بحثاً يتناول من خلالها الباحثون عدداً من المواضيع ذات العلاقة بموضوع الندوة، وأحسب ان اختيار هذا الموضوع وتنظيم هذه الندوة في هذا الوقت فكرة رائدة في سبيل صد الهجمة الشرسة على الإسلام، وكذلك مساهمة في توعية بعض المسلمين الذين التبست عليهم بعض المفاهيم الاسلامية، وغرّر بهم، ولَبُس عليهم من قبل أنصاف المتعلمين أو دعاة السوء والفتنة، ليتبين للجميع ما هو الإسلام الحق وما هي المفاهيم الإسلامية الصحيحة، وتأكيد ان اتباع القرآن الكريم منهجاً للحياة يحقق الوسطية والاعتدال ويدفع الغلو والتطرف.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك في الجهود، وان يكفي المسلمين شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، وان يحفظ علينا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأمننا الذي هو قوام حياتنا، والحمد لله رب العالمين.
* وكيل الوزارة للشؤون الإسلامية
|