تحقيق - وسيلة محمود الحلبي
إن تاريخ الأمم والشعوب هو السجل الحافل بجلائل الأعمال والأفعال، وذكرى اليوم الوطني هي افضل المناسبات لاسترجاع أمجاد الماضي ونهضة الحاضر وآفاق المستقبل الزاهر.
وحينما نغوص في تاريخ هذه البقعة المقدسة انطلاقاً من بناء البيت الحرام وقدوم إبراهيم عليه السلام ووقوفاً عند البعثة المحمدية الشريفة وانتشار الاسلام ثم تعاقب السنوات وتواليها.
حينما نقلب صفحات الماضي المجيد نجد المسيرة تكللت بمجيء المؤسس الأول لهذا الكيان العظيم انه الملك عبدالعزيز آل سعود الذي استعاد لملك آبائه ووحد الكيان وأسس الدولة القوية..
فهذه التجرية القوية في التوحيد والحكم هي نبراس لامع وهاج وجب على كل رجل سياسة الوقوف صلباً عنده والتمعن فيه واستنباط الدروس والحكمة منه، فالملك الراحل كان سياسيا بالفطرة يقوده حبه لوطنه وشعبه ولأن هذه الحقبة علامة فارقة فقد تم الاحتفال بذكرى اليوم المجيد لهذا العام في ظل الاحداث المتسارعة التي يشهدها العالم وبهذه المناسبة التقينا بعدد كبير من سيدات هذا البلد الغالي لنتعرف على «دور المرأة والأم في الوحدة الوطنية للبعد عن الغلو والتطرف والارهاب» وكيف نحمي أولادنا من الافكار الهدامة وكيف ننمي حب الوطن في نفوس ابنائنا وماذا تقول المرأة السعودية للوطن في يومه الوطني.
تقول مديرة إدارة الاشراف التربوي المهني الاستاذة البتول طاهر الدباغ بمناسبة اليوم الوطني للمملكة ودور المرأة والأم في الوحدة الوطنية للبعد عن الغلو والتطرف والارهاب.
المرأة هي الأم والاخت والزوجة والابنة وشقيقة الرجل وعماد المجتمع فدورها الاجتماعي كبير وممتد بحسب اختلاف الصفة التي تكون عليها وأهم دور لها هو دور الأم إذ يقع عليها عبء عملية التنشئة السليمة ودورها في هذه المناسبة دور كبير وفعال واعتقد ان أسلم طريقة لكي تزرع الأم في أبنائها حب الوطن هو أن يكون ارتكازها في التربية مبنياً على تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وما يحتويه من تشريعات اخلاقية عادلة وسمحة لكي نبني في نفوس فلذاتنا دروعاً قوية من الدين والأخلاق لا تسمح لتسرب أي افكار هدامة قد تؤثر فيهم، فالقرآن الكريم هو دستورنا ومنه نستقي تعاملاتنا الصالحة لكل زمان ومكان كما أنه قدوتنا والحمد لله.. وهو المعلم الأول لنبي الأمة المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي وصفه الله بقوله {$ّإنَّكّ لّعّلّى" خٍلٍقُ عّظٌيمُ }وقد كان خلقه القرآن فالتربية الصحيحة هي أساس المجتمع وعليه فإن ديننا حرص على وضع المبادئ بدقة ووضوح بحيث لم يترك مجالاً للتأويل أو التغيير عليه فإن من أهم الدعمات لحماية أبنائنا هي تتبعهم بالدين الإسلامي كما شرعه الله لنا حيث قال في محكم قرآنه {جّعّلًنّاكٍمً أٍمَّةْ $ّسّطْا} فلا تطرف ولاتخلف بل رحمة فيما بيننا.
دور ريادي
وتقول الدكتورة منيرة بنت داوود العلي رئيسة إدارة كلية العلوم الطبية التطبيقية جامعة الملك سعود:
- تعتبر المرأة صاحبة دور رئيسي في تنشئة الوحدة الوطنية لدى الأبناء والبنات فالمرأة بأدوارها المختلفة من أم وأخت وزوجة وغير ذلك داخل اطار الأسرة ثم موظفة خارج منزلها لها الدور الريادي في غرس بذور الوحدة الوطنية لدى الاجيال وأول هذه الأدوار أن تكون هي القدوة الأولى في حب الوطن وذلك ببناء هيكل تربوي وطني أساسه القرآن الكريم ومنهج النبي صلى الله عليه وسلم، ذلك المنهج المثالي للحياة الطبية المعتدلة بجانب الاستفادة من التطوير العلمي الحديث المؤطر بضوابط الشريعة الإسلامية السمحة كل ذلك مع الادراك المعنوي والحسي بقيمة نعم المولى - عز وجل- التي منها هذا الوطن.
بهذه القدوة تستطيع المرأة أن تكون النواة للوحدة الوطنية ومن ثم يبدأ دورها وتأثيرها على من حولها وأول هذه الفئات الناشئة سواء من أبنائها أو غيرهم، وذلك عن طريق المناقشة والحوار الدائمين فلابد من اختلاف الآراء النتاج عن تباين الطبائع، وكما قيل: (ان اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية) وبالحوار والمناقشة المستمرة لمواجهة تحديات العصر وكل فكر دخيل نعمل إلى التفاهم والفهم والتشخيص حصولاً لمعرفة حقيقة الدين الإسلامي وأصوله وشرائعه ويسره ورحمته وواجباته المفروضة على الفرد تجاه ربه أولا ثم أسرته ثم مجتمعه باختلاف فئاته.
وبتحقيق هذه الأهداف يبدأ الدور الفعلي والعملي تجاه هذا الوطن المعطاء من الابناء الذين تحقق لديهم القناعة الكاملة بأن عليهم واجبات كثيرة نحو وطنهم الذي اتخذ من القرآن العظيم وسنة محمد صلى الله عليه وسلم منهجاً وفي ضوئهما قامت مؤسساته برعاية الشعب بكل فئاته منذ توحيد المملكة على يد بانيها ومؤسسها الملك عبدالعزيز رحمه الله الذي بنى هذا الوطن منذ بدء تكوين الدولة على الوسطية والاعتدال والإسلام الموروث عن الآباء والأجداد.
وإن هذا الوطن لن يقوم ويرقى إلا بسواعد أبنائه وبناته وأخلاصهم الذين عرفوا ماهية الإسلام وحقيقته التي تحرر الإنسان تماماً لتزيد صلة الروح بخالقها ويجعل العقل يدرك الحقيقة تعيينا وإيماناً وإخلاصاً للوطن.
وأنه لابد من الاستفادة من منجزات الحضارات الاخرى والتطور العلمي بما يتفق وشريعتنا الإسلامية دون انعزال أو غلو ولنا قدوة في أولئك الثلاثة الذين جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أحدهم إنه يصوم ولا يفطر، وقال الآخر إنه يصلي ولاينام، وقال الثالث إنه لا يتزوج النساء فأنكر عليهم النبي صلى الله وعليه وسلم .. فتلك هي صفة السلف الصالح التي وجب اتباعها والسير بمنهجها.
ولابد ان نجعل من الماضي حاضراً تتكحل به أعين أبناء هذا الوطن كلما عطرت سيرة البطل عبدالعزيز سجل التاريخ ،فإن قصص الكفاح التي قدمها الملك عبدالعزيز خلال التوحيد دعوة طيبة للأجيال القادمة ينهلون منها العبر والدروس في قوة الارادة والتخطيط والتضحية كما أن تقدير التضحيات وتخليدها عبر هذا اليوم المجيد يمثل صورة رائعة من صور الوفاء لهذا العطاء الذي قدمه الملك عبدالعزيز ورجاله للمملكة.
فكلنا نفخر بالانجازات الكبيرة الموجودة ونفخر ببلادنا المتميزة بين الدول ونعتز لأن لنا ثقلنا السياسي والاجتماعي بينهم.
تواصل للمسيرة
وتقول الاستاذة فاطمة محمد السلوم رئيسة الاقسام النسائية بمستشفى اليمامة: علينا غرس الفضيلة وحب الوطن في نفوس أبنائنا منذ نعومة أظفارهم .. وابعادهم عن كل مفسدة وضلال وأفكار سامة وهدامة.. علينا تعليمهم حب الوطن والاخلاص له والذود عنه. فاليوم الوطني هو تكريس لمفهوم الوحدة الوطنية التي أرسى دعائمها الملك المؤسس مع وعي تام بتلك الوحدة وادراك لأبعادها الماضية والحاضرة والمستقبلية واعلان صريح بأن شموخ وطننا وعزته ونهضته مستمدة من فكرة ذلك اليوم العظيم.
الوطنية سلوك وممارسة
وتقول الاستاذة لولوة اليوسف سيدة أعمال وصاحبة مدارس الأجيال الأهلية للبنات:إن المملكة اليوم هي واحة سلام وازدهار وأصبحت ذات ثقل سياسي مشهود وتأثير دولي يعرفه الداني والقاصي.. والمواقف المشرفة السعودية أصبحت سمة مميزة في التاريخ.. فلذلك فإن مسؤوليتنا كنساء تجاه وطننا وأبنائنا أن نزرع في نفوسهم حب الوطن ونعلمهم معنى الوطنية ليستلهموا معنى هذه الذكرى العطرة والوعي بالنعم الكبرية التي تحظى بها بلادنا في ظل قيادة الخير.. فالوطن ليس مجرد كلمة تقال، الوطن سلوك وممارسة وتفاعل.
الوطن محبة وولاء وانتماء والمواطنة هي أن نحب هذا الكيان فتترجم هذه المحبة إلى سلوك ليكون تفاعلاً ايجابياً لخدمة الوطن في أروع صور العطاء وأصدق أنواع الولاء وعمق الانتماء.
الدكتورة أمل جميل ياسين فطاني استاذ مساعد وكيلة قسم علم الأدوية ووكيلة كلية الصيدلة بأقسام العلوم والدراسات الطبية بجامعة الملك سعود قالت: بما أن المرأة نصف المجتمع إذن لا يقل دورها عن الرجل في بناء هذا الوطن وفي ضمان الوحدة الوطنية الذي يجب ألا يكون شعاراً زاهياً نهتف به بل نبراس حياة نتمسك به فكلنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته والأم راعية في بيتها وواجبها ضمان نشأة جيل يفهم دينه حق الفهم بدون نقص أو غلو فخير الأمور الوسط ويزيد أهمية دور الأم في البيت فتجابه التيارات المعادية التي تتكالب ضدنا وتجد طريقها إلى عقر دارنا عن طريق الإعلام المشبوه، فلابد من ترشيد الأبناء إلى التمسك بما ورد في الكتاب والسنة، وكذلك المرأة الموظفة فهي راعية في عملها تؤديه على أكمل وجه جاهزة للمساهمة في دفع هذه الأمة للأمان لمواكبة متطلبات العصر الحديث.
فلنأخذ على أنفسنا عهداً في يومنا الوطني هذا ان نعمل ما بوسعنا الاستمرار في حب وحماية أمتنا والله معنا بإذن الله.
فإذن نتفق جميعاً أن حب الوطن لا يبدأ من نافذة الوجدان والعاطفة فقط ولكن ينطلق من بوابة العقل ليمتد إلى الترجمة السلوكية لمحتوى مفهوم «المواطنة» ومفهوم المواطن الصالح والمواطن المنتج فعلينا اليوم أن لا نعود للوراء كثيراً بقدر ما يجب علينا ان نستوعب ظروف الحاضر ومساحة دورنا الفعال في تحقيق عطاءات الوطن للمحافظة على إنجازاته وأرضه.. فنحن جزء من خارطة العالم الجغرافية وكلنا يؤثر ويتأثر بالآخر ولكن تمسكنا بمبادئنا يجعلنا نحافظ على حياتنا الكريمة..
فالوطن نحن.. ونحن الوطن وهنيئاً للوطن بيومه الوطني المجيد.. فعلينا الالتفاف حول قيادتنا الحكيمة والوقوف صفاً واحداً ضد الاطماع والأنانية ليبقى الوطن حراً أبياً مصاناً من كل مكروه.
|