حاصر الحزن قلبي، وانفرد في صياغة مشاعر الأسى، واخترق الألم جوانحي، وكبل هذا الزائر، الذي أتى على حين غرة وجداني بالألم والحسرة، وخنق العبرة عندما سمعت الخبر، وأي خبر، رحيل أغلى ما رأت عيناي، انتقلت والدتي إلى جوار ربها واسترد المولى أمانته {انا لله وانا اليه راجعون} اللهم ازرع الطمأنينة في قلوبنا واجعل من يقيننا ورضانا وتسليمنا بقضائك وقدرك، قوة مقابل الضعف وأجراً مقابل الصبر، نعم رحلت والدتي هذه المرأة الصالحة الصابرة المحتسبة ولا نزكي على الله أحداً، رحلت وبقيت ذكراها العطرة، رحلت بعدما غرست في قلوبنا الحب بأجمل معانيه (حب الله ورسوله) رحلت بعدما رسخت في سلوكنا الانتماء والصدق والصبر وحب الخير وحب الناس، والعطف والرحمة على الضعفاء والمساكين، رحلت بعدما أسقتنا من مكارم الأخلاق وهي التي استقتها من كتاب الرحمن الذي لايفارقها وسنة نبيه المصطفى خير الأنام، ولم أزل أذكر بأني كلما هممت بعمل أقوم به أقول لها أماه سأفعل كذا وكذا، فتغلظ القول في استياء وتقول «قل إن شاء الله». اسأل المولى جلت قدرته أن يتغمدها بواسع رحمته، ويسكنها فسيح جناته وأن يبارك الله في خالي العزيز الغالي وأشقائي وشقيقاتي الكرام وان يلهمنا الصبر والسلوان ويجمعنا معها في مستقر رحمته وأن يظلنا في ظله يوم لاظل إلا ظله إنه جواد كريم. قال تعالى {(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) ،)الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) ، )أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) } [البقرة: 155 - 156-157].
|