لحم السمك يحتوي على البروتين وهو أحد العناصر المهمة لغذاء الإنسان وهذه المعلومة معروفة للناس ولكن غير المعروف للكثير من الناس ان السمك يحتوي على أحماض دهنية وهي أحماض دهنية متعددة غير مشبعة من نوع أميجا-3 هذه الأحماض الدهنية موجودة في الأسماك عموماً ولكنها موجودة بشكل وافر في ثلاثة أنواع من الأسماك وهي سمك السلمون وسمك التونة وسمك الإسْقُمري (سمك الماكريل) وقد لاحظ العلماء انخفاض نسبة الاصابة بأمراض شرايين القلب في المجتمعات التي تستهلك السمك بنسبة أكثر مثل المجتمع الياباني ومجتمع الاسكيمو وعزا العلماء انخفاض نسبة إصابة الاسكيمو واليابانيين بأمراض شرايين القلب إلى استهلاك الأسماك بشكل وافر.
وقد قام العلماء بالعديد من الأبحاث لمعرفة مفعول هذه الأحماض إذا أخذها الإنسان بشكل منتظم عن طريق أكل السمك مرة أو مرتين في الاسبوع ووجدوا أنها عامل مهم في الوقاية الأولية والثانوية من أمراض شرايين القلب وأن ذلك يؤدي إلى خفض مستوى الدهون الثلاثية في الدم كما ان لها مفعولاً ضد التخلط واحتمال امتلاكها خاصية ضد الالتهابات داخل الشرايين.
وقام أطباء القلب بوصف أكل السك أو استعمال زيت السمك للمرضى الذين لديهم ارتفاع في الدهون الثلاثية ولم يستجيبوا للحمية واستعمال الأدوية المتعارف عليها لخفض مستوى الدهون الثلاثية ووجد العلماء ان كثيراً من المرضى استجابوا لذلك وانخفض مستوى الدهون الثلاثية عندهم بنسبة جيدة وعند استعمال زيت السمك بمعدل 3-5 جرامات يومياً انخفض مستوى الدهون الثلاثية بنسبة 30-50%.
أما مفعول هذه الأحماض الدهنية على شرايين القلب فقد أشارت الدراسات ان هذه الأحماض الدهنية يؤدي استعمالها بصفة منتظمة إلى استقرار النتوءات المتصلة (اللويحات العصيدية) الموجودة داخل الشرايين كما يؤدي استعمالها إلى تراجع انسداد الشرايين في بعض الأحيان. ويؤدي استقرار اللويحات إلى عدم تصدعها الذي لو حصل يؤدي إلى انسداد الشريان وجلطة القلب، كما أنها لها مفعول ضد الالتهابات داخل الشرايين وكما هو معروف فإن للالتهابات هذه دوراً في تصلب الشرايين. كما يؤدي استعمال هذه الأحماض إلى خفض نسبة التصاق الصفائح الدموية والذي يؤدي دوراً كبيراً في تكون الجلطات داخل الشرايين.
كما أشارت العديد من الدراسات إلى ان استعمال هذه الأحماض الدهنية الموجودة في الأسماك يؤدي إلى خفض نسبة الوفيات بين مرضى شرايين القلب التاجية خاصة الوفاة المفاجئة ويعتقد العلماء ان هذا الأثر الايجابي يحصل بسبب مفعول هذه الأحماض على غشاء خلايا عضلة القلب مما يجعلها أقل قابلية لاضطراب نبضات القلب.
كما أشارت الدراسات إلى ان السمك يعتبر من أهم مكونات ما يسمى غذاء البحر المتوسط (تشمل المكونات الأخرى زيت الزيتون ووفرة من الخضار والفواكه والأطعمة التي تحتوي على ألياف). وقد أثبتت الدراسات ان المداومة على هذا النوع من الأغذية يؤدي إلى خفض نسبة الإصابة بأمراض شرايين القلب بنسبة عالية وهذا ما لوحظ في دول البحر المتوسط.
ومن أحدث الدراسات عن أهمية أكل السمك في الوقاية من الأمراض التي أشارت إلى ان من يأكلون السمك مرة أو أكثر في الاسبوع انخفضت لديهم الإصابة بمرض الزهايمر بنسبة 60% مما يجعل أكل السمك عاملاً مهماً في الوقاية من التدهور الذهني بشكل عام ومرض الزهايمر بشكل خاص وستتوالى البحوث في هذا المجال لمعرفة المزيد من التفاصيل.
وبعد هذا العرض السريع لأهمية الغذاء السمكي مرة في الاسبوع أو أكثر نشير إلى انه من الدراسة الوطنية لأمراض شرايين القلب والأسباب المؤدية لها في المملكة العربية السعودية اتضح من المسح الميداني ان 54% من العينة لا تأكل السمك وترتفع هذه النسبة لتصل إلى 74% في شمال المملكة وتنخفض لتصل إلى 19% بالمطنقة الشرقية وهذه الأرقام كانت مفاجئة للباحثين.
ان نشر الوعي الغذائي له دور مهم في الوقاية من العديد من الأمراض نرجو ان يكون للغذاء السمكي مكان على مائدة الرافضين لأكل السمك ولو مرة في الاسبوع ونحن نعلم الدور المهم لربة البيت في اختيار الغذاء الصحي لافراد اسرتها ونقول لها ولجميع افراد الأسرة: كلوا السمك فإنه للجسم غذاء وللقلب دواء.
* استاذ واستشاري طب القلب ورئيس جمعية القلب السعودية
|