عادة ما يتبع الأحداث الجسام مراجعة للعلاقات بين الأطراف المتداخلة في تلك الأحداث، وقد تعرضت العلاقات العربية/ الأمريكية لأوضاع صعبة بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2000م إذ اعتبر الأمريكيون أن العرب بصفة عامة أعداء محتملون، ولذا يجب الوقوف ضد تطلعاتهم، بل وحتى دعم اعدائهم، ويأخذ الأمريكيون على العرب أن الـ19 الذين هاجموا برجي مركز التجارة العالمي والبنتاغون يوم التاسع عشر من أيلول من عام ألفين جميعهم من العرب.
النظرة الأمريكية المستندة إلى قناعات فكرية أفرزت استراتيجية مبنية على نظرية «العدو المحتمل» وانه يجب مواجهة هذا العدو قبل أن يؤذي أمريكا سواء بتحليل نواياه، أو حتى ما يتداوله بعض من أحزابه أو الجمعيات الدينية والخيرية، وهنا ظهرت نظرية أخرى جاءت امتداداً للنظرية السابقة، فبعد نظرية «العدو المحتمل» ظهرت نظرية «الحرب الاستباقية»، وهنا فإن الحرب الاستباقية لا تقتصر على العمليات العسكرية وشن الحروب كالذي حصل في أفغانستان والعراق، بل هناك حروب استباقية فكرية وسياسية واقتصادية بل وحتى اجتماعية، ولأن الأمريكيين قد حزموا أمرهم، وشخصوا دون رجعة، المسلمين بصفة عامة، والعرب بصفة خاصة كأعداء محتملين، فإن مفكري المحافظين الجدد في أمريكا قد بدأوا في تطبيق استراتيجيتهم المبنية على نظرية «الحرب الاستباقية» التي ظهرت بوضوح في شن حربين على بلدين إسلاميين: أفغانستان والعراق، وبانت بصور مختلفة في أكثر من بلد إسلامي وعربي، فالدول العربية تقريباً جميعها محاصرة فكرياً وسياسياً ومطالبة بإجراء تغييرات تتوافق مع الفكر الغربي والأمريكي بالتحديد، وتواجه دول إسلامية وعربية استهدافاً إلى جانب تحديدها كهدف للحصار الاقتصادي، وسوريا وإيران مرشحتان لهذا الحصار، أما الاستهداف الاجتماعي فالأمريكيون يعدُّون خططاً لتطبيقها في الدول الإسلامية والعربية لإحداث تغيير اجتماعي شبيه بالموجود في تركيا.
كل هذه الخطط ونظريات الاستهداف والخلل في العلاقات العربية الامريكية فرضت لكل من العرب والأمريكيين اجراء مراجعة لنوعية هذه العلاقات وهو ما نراه في أكثر من تظاهرة إعلامية وسياسية بل حتى اقتصادية كالذي تم في المنتدى الاقتصادي العربي/ الأمريكي الذي اختتم أمس في ديترويت.
|