تحديد الأفق السياسي للعراق

في كل دورة من دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة تستأثر قضية هامة باهتمام الدول ومبعوثيها الذين يرأسون وفودها، وعادة ما يكون هؤلاء المبعوثون هم رؤساء الدول أو وزراء خارجيتها، أي الأشخاص الذين يصنعون ويوجهون سياسة دولهم الخارجية أو المنفذون لهذه السياسة.
وفي الدورة الثامنة والخمسين التي بدأت قبل أيام يحظى الملف العراقي باهتمام كل المشاركين وخصوصاً الدول الكبرى والأعضاء الخمسة الدائمين بمجلس الأمن الدولي وباقي الأعضاء اضافة الى الدول العربية التي وجدت نفسها أمام قضية أخرى الى جانب القضية الفلسطينية تتطلب تدخلاً جاداً من الأسرة الدولية بهدف تحقيق حل عادل لمعاناة شعب عربي آخر يتعرض للاحتلال..
الملف العراقي كان محور لقاءات ومباحثات الرؤساء جورج بوش وجاك شيراك ونظيريهما الروسي فلاديمير بوتين والمستشار الألماني غيرهارد شرودر، كما كان الموضوع الرئيس في كل اللقاءات التي عقدها رؤساء الوفود العربية وقد أسفرت تلك اللقاءات والمباحثات عن اجتماع دولي وإقليمي وعربي اتفق على وجوب وضع جدول زمني لعملية انسحاب القوات الأجنبية من العراق، وتمكين العراقيين من ادارة بلادهم من خلال إنجاز دستور يوضح آليات عمل المؤسسات الدستورية في العراق ويأخذ في الاعتبار التنوع العرقي والطائفي دون تغليب فئة على أخرى ترجمة لمكاسب سياسية بسبب دعمها للاحتلال الأمريكي.
المناقشات والآراء التي حفلت بها اللقاءات التي جرت في نيويورك وفي عواصم القرار الدولي والعواصم العربية وبغداد تمخضت عن صياغة موقف دولي ضاغط باتجاه الولايات المتحدة الأمريكية واقناعها بضرورة الاستجابة للطلبات الدولية بوجوب سحب قواتها من العراق، بعد أن توضع تلك القوات مع غيرها من القوات الحليفة لها تحت مظلة الأمم المتحدة، وأن يتم تقليص هذه القوات بالتوازن مع إنجاز الدستور العراقي، وتسليم مسؤولية ادارة وحكم البلاد لأبنائه.
الاقتناع الأمريكي ترجمته ادارة الرئيس جورج بوش بصياغة مشروع قرار تستعد لتقديمه الى مجلس الأمن الدولي وهو مشروع يهدف الى تحديد الأفق السياسي للعراق، ومشروع القرار الأمريكي الجديد، هو مشروع معدل بعد الملاحظات والمطالب الدولية والإقليمية الساعية الى بدء عملية سياسية في العراق تؤدي إلى نقل كامل السلطة في ظل سيادة كاملة للشعب العراقي على بلاده.