Wednesday 1st october,2003 11325العدد الاربعاء 5 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نهارات أخرى نهارات أخرى
عزلة اختيارية!
فاطمة العتيبي

ثمة انفصال كبير بين أحاديث الكبار وأحاديث الصغار..
وافتقدنا بطريقة غامضة تلك الحلقة التي تصل بين الأجيال.. كنت أحاول أن أدقق في ملامح أطفال يستمعون لحديث جدهم.. منهم من قام خلال ثوان.. ومنهم من استمر دقيقتين ومنهم ثلاثاً لكن لم تمر الدقيقة الخامسة إلا والأطفال قد تسرَّبوا تماماً..
** كنا نستملح حديث أجدادنا.. وكانت حظوة عظيمة من الله حين يكون في البيت جد أو جدة يغزلون ساعات اليوم بحكاياتهم التي تسترسل مع كل موقف وكل كلمة.
فالثراء في التجربة والقدرة على حفظ القصص المروية وتقدير النص الشفهي المتوارث يجعل أجدادنا مختلفين..
يحاول الأجداد الجدد أن يتقمصوا دور آبائهم ويكونوا أجداداً مثيرين لاهتمام الأطفال..
لكن هذا لا يحدث غالباً...
فحكايات «ديزني» و«سبيستون» تبدو أكثر إبهاراً.. وألعاب البلاي ستيشن تقود الأطفال إلى الزهد في الواقع وحكاياته حتى لو طعِّمت بشيء من الخيال.. لكنه يظل خيالاً غير مستفز.
** وفي وقت مستقطع من الزمن.. حاول الأطفال في اليوم الوطني أن يستعيدوا الارتباط بواقع يمارس معهم هوة العزلة.
جاء الأطفال من مدارسهم وروضاتهم ليثبِّتوا مؤشر التلفزيون على القناة الأولى..
ورقصوا بغترهم وبشوتهم وعقلهم.. ورقصت الفتيات الصغيرات بأثوابهن المقصَّبة بالخيوط الذهبية وبالبخنق..
واستيقظوا من عوالم الخيال الصاخب.. إلى حكايات وطن تشكّل للتو فقط منذ ثلاثة وسبعين عاماً..
سألوا عن عبدالعزيز.. وهل هو فارس يشبه فرسان ألعابهم الإلكترونية.. هل يملك قدرات خارقة مثل هؤلاء الذين يثيرون اهتمامهم في عوالم الألعاب والإلكترونيات.
** نظروا كثيراً إلى العملات النقدية.. وعرفوا تاريخها وارتباطها بالمناسبات.. عرفوا المصمك ورأوا في المتحف التاريخي كيف يتشكَّل الحلم ليكون شيئاً فشيئاً واقعاً يُلمس ويُحس.
** يحتاج الأطفال إلى جهد كبير لإعادتهم إلى حيث الانتماء للوطن وتاريخه.. ونحتاج في المؤسسات الإعلامية إلى جهد كبير لابتداع شخصيات من المخيلة التراثية الوطنية وربطها بعوالم الأطفال عبر قناة فضائية موجَّهة لهم من هذه الأرض.. بكل ملامحها.. تبدأ معهم خطوة.. خطوة ببرامج موجَّهة لتشكيل انتماء متميز للأرض وتاريخها وقدسية رسالتها ونباهة رجالاتها..
لتعود الحلقات المفقودة.. وليعود للجد والجدة شيء من الجاذبية وليؤوب الأطفال من عزلتهم الاختيارية في عوالم ديزني وبلاي ستيشن.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved