* القاهرة مكتب الجزيرة علي البلهاسي:
على كثرة المحاور والاوراق التي تنتاولها وناقشها المؤتمر السنوي الاول للحزب الحاكم في مصر إلا ان المراقب لسير اعمال المؤتمر حتى ختامه يلمس ثلاث قضايا سيطرت على الجو العام للمؤتمر وحاول الحزب ان يصل فيها الى منطقة حسم على رأس هذه القضايا تكثيف جهود القيادة من اجل تجديد دم الحزب وزيادة وتفعيل مشاركة الشباب فيه وهو الامر الذي اكد عليه الرئيس مبارك ويعمل عليه نجله جمال مبارك امين لجنة السياسات في الحزب الذي فجر عدة مفاجآت خلال المؤتمر ساهمت في رفع أرصدته وبزوغ نجمه كقائد لتيار التجديد والاصلاح داخل الحزب وترتبط القضية الثانية بصراع قديم وخفي بين الحزب والحكومة حول ايهما يتبع الاخر ويلتزم بقراراته حتى جاء قرار الحزب بتغيير صفته من حزب الحكومة الى حكومة الحزب وهو ما سعى الحزب الى تأكيده في مؤتمره السنوي الاول مؤكدا ضرورة التزام الحكومة بقراراته من اجل رفع المعاناة عن الجماهير والخروج من الازمة الاقتصادية الحالية التي تمر بها البلاد .
على جانب اخر خاضت حكومة الحزب برئاسة الدكتور عاطف عبيد صراعا مريرا خلال المؤتمر وفق ما ذكرته مصادر في المعارضة لعرقلة اتجاه نحو احداث تغيير حكومي واسع يرجح ان يحدث الشهر المقبل في محاولة لارجاء التغيير لفترة اخرى تبنى فيها الحكومة الحالية خطة اصلاحات بناء على التوجهات التي يتبناها الحزب في المؤتمر.
وما بين محاولات جذب الشباب وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية وصراعات الحكومة والحزب حاول المؤتمر الخروج بالحزب من المأزق الذي وضعته فيه الحكومة والتي اثارت سياساتها تذمراً واسعاً في الرأي العام من ارتفاع الاسعار وتدهور مستويات المعيشة بصورة غير مسبوقة تؤثر بالضرورة على صورة الحزب امام الرأي العام ولعل هذا هو ما كان وراء اتخاذ الحزب لمبدأ حقوق المواطن شعارا لمؤتمره هذا العام .
فجر جمال مبارك أمين أمانة السياسات في الحزب الوطني الحاكم في مصر ونجل الرئيس مبارك مفاجأة وصفها المراقبون بانها من العيار الثقيل حينما دعا الى ضرورة الاصلاح السياسي الشامل فيما اعتبره المراقبون اشارة الى التغيير وكشف جمال مبارك اثناء المؤتمر عن الورقة التي اعدتها لجنة السياسات التي يتولى امانتها تتضمن رؤية شاملة للاصلاح السياسي والثقافي في مصر وحملت الورقة عنوان «حقوق المواطنة والديمقراطية» ودعت الى تحديد مفهوم جديد للمواطنة يحدد العلاقة بين المواطنين والدولة والعمل على ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وإقامة علاقة جديدة بين الشرطة والشعب واعادة النظر في قانون الأحزاب السياسية ورفع القيود عن حركة الأحزاب والنقابات المهنية.وفيما اعتبره المراقبون خطوة في طريق انجاز حزمة مهمة من التعديلات القانونية المتصلة بملف الاصلاح السياسي اقر المؤتمر مبدئيا اصدار وثيقة حقوق المواطنة وحقوق الانسان وهو ما وصفه المراقبون بانه خطوة في طريق تعديل قانون الانتخابات والنقابات وهو الامر الذي ابدى جمال مبارك رغبة جادة بشأنه خلال اجتماع مغلق بالمؤتمر.
ولعل الورقة الثانية التي أعدتها أمانة السياسات التي يرأسها جمال مبارك حول اسباب عزوف الشباب عن المشاركة السياسية كانت مفاجأة هي الأخرى حيث اكدت الورقة ان مشاركة الشباب في الحياة السياسية والعامة يعد امرا حتميا نظرا لتراجع اعداد المنتمين للاحزاب القائمة وعزوف الكثير منهم عن الانخراط في اعمال المجتمع المدني.يذكر ان قضية المشاركة السياسية للشباب في الحزب الوطني قد سيطرت على اعمال المؤتمر لهذا العام وعبر عنها الرئيس مبارك بقوله «حزب بلا شباب .. حزب بلا مستقبل» مؤكدا اهتمام الحزب بالشباب ومطالبا الشباب بالمشاركة السياسية في الاحزاب خلال المرحلة القادمة وطرح ارائهم بكل صراحة وقال ان اهم واجبات الحزب الوطني ان نسمع للشباب ونتواصل معهم ليكون حزبا متجددا ومتطورا وان قيادات الحزب مقتنعة تماما ان الدم الجديد هو الذي يحافظ على الحيوية والاستمرارية وهو ما دفع بالبعض الى القول باحتمالية حدوث تغيير داخل الحزب بعد المؤتمر.
جدل التغيير
ومع انتهاء اعمال المؤتمر تتصاعد الاحاديث في الاوساط السياسية المصرية حول تغيير وزاري محتمل وهي الاحاديث التي روجت لها صحف المعارضة في الفترة السابقة لانعقاد المؤتمر وفيما ذهبت بعض التنبؤات باحتمال احداث تغيير حكومي واسع يشمل حكومة عاطف عبيد المتهمة بانها السبب وراء الازمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد ذهبت اراء اخرى الى احتمال حدوث تغيير وزاري محدد يشمل المجموعة الاقتصادية في حكومة عبيد في محاولة للسيطرة على الاوضاع وتجاوز الازمة الاقتصادية.
وكانت صحف المعارضة قد نقلت عن مصادر مطلعة ان الحكومة الحالية في حكم المنتهية منذ شهر اغسطس الماضي وتعمل حاليا كحكومة انتقالية حتى يتم تشكيل الحكومة الجديدة في مطلع الشهر المقبل واشارت صحيفة الاهالي الى ان اقوى المرشحين لرئاسة الوزراء هو الدكتور احمد جويلي امين عام مجلس الوحدة الاقتصادية ووزير التموين السابق وان التشكيل الوزاري الجديد سيتم الاعلان عنه عقب انتهاء المؤتمر السنوي الاول للحزب الوطني.
واشارت صحيفة العربي لسان حال الحزب الناصري الى ان هناك جهودا مستميتةلبعض اركان الحكومة لعرقلة اتجاه الرئيس مبارك احداث تغيير حكومي واسع في النصف الثاني من الشهر المقبل وقالت الصحيفة ان الرئيس مبارك عازم على التغيير هذه المرة بسبب التقارير السيادية التي تشير الى تذمر واسع في الرأي العام من ارتفاع اسعار السلع الرئيسية وتدهور مستويات المعيشة بصورة غير مسبوقة.وذهبت مصادر اخرى الى ان هناك اتجاهاً في الحكومة يطالب بارجاء التغيير لفترة اخرى حتى يتسنى لها اتخاذ الاجراءات اللازمة للسيطرة على الازمة الاقتصادية وحتى يمكنها بناء خطة اصلاحات جديدة بناء على التوجهات التي يتبناها الحزب الوطني الحاكم في مؤتمره العام.
واشارت المصادر الى ان رئيس الوزراء عاطف عبيد سيجري تغييرات وزارية الشهر المقبل وسط توقعات متزايدة بتغيير وزاري محدود يشمل المجموعة الاقتصادية بعد الانهيار المتوالي لقيمة الجنيه المصري الذي واصل الانخفاض أمام الدولار الامريكي.
|